حكومةالدردري تعيدأغنية رفع الدعم وممثلوالشعب يسألون بتهذيب شديد
عقد مجلس الشعب جلسة حوار مفتوح مع الحكومة برئاسة الدكتور محمود الابرش رئيس المجلس وحضور السيد عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية والدكتور محمد الحسين وزير المالية ووزراء الاقتصاد والتجارة والكهرباء والصناعة والدولة لشؤون مجلس الشعب.
فالجلسة التي خصصها المجلس للحوار مع الفريق الوزاري الاقتصادي حول السياسة المتبعة من قبل الحكومة حول اعادة توزيع الدعم وارتفاع الاسعار قدم فيها النواب مداخلاتهم وتساؤلاتهم التي تهم المواطنين.
وكانت الحكومة قد كشفت سابقا عن رؤيتها لقرار اعادة توزيع الدعم على المشتقات النفطية واليات تنفيذ هذا القرار مؤكدة تمسكها بسياسة الدعم شريطة ان يستفيد منه من يستحقه فعلياً وأن يصل هذا الدعم الى الشرائح الاجتماعية الفقيرة..
وكان قد أكد رئيس الحكومة المهندس محمد ناجي عطري أمام عدد من الاعلاميين في وقت سابق ان ما تقوم به الحكومة حالياً هو اعادة عادلة لتوزيع الدعم وفق اليات وقرارات جديدة سيتم اتخاذها لتنفذ على مراحل تليها عمليات رصد وتقويم ومعالجة للآثار الناجمة عنها لتساهم هذه الاجراءات في تصحيح التشوهات ووقف النزيف الذي يتعرض له الاقتصاد الوطني و( النهش) المتواصل الذي يضعف مستويات الاداء.
مشيراً الى أن الخزينة العامة تتحمل اعباء مالية كبيرة من جراء الوضع الحالي في سياسة دعم المشتقات النفطية وتصل الى 350 مليار ليرة سورية العام القادم وان الاجراء لايقصد من ورائه توفير أقنية جديدة لدعم الخزينة بل سيكون لمصلحة الفقراء والاسر المستحقة التي تمثل 80%من مجموع الاسر السورية كما سيعود الفائض لدعم مشاريع البنى التحتية والانفاق العام وتحسين مستوى المعيشة ودعم القطاع الزراعي والصادرات التجارية وصندوق الرفاه الاجتماعي.
العضو الزميل ابراهيم عبد العزيز قال في مداخلته:بداية أعبر عن تقديري لمبادرة الحكومة وطاقمها الاقتصادي في اشراك المواطنين في صنع قرار ذي مساس مباشر بحياتهم اليومية وارجو أن تتسع دائرة الحوار لتشمل حتى القرارات البسيطة مادامت تنعكس على حياة المواطنين. واضاف: انني اتساءل هل البطاقة الذكية التي طورتها وزارة الاتصالات تحقق طموح الحكومة في ايصال الدعم لمستحقيه؟
ہ وماهي رؤية الحكومة لمعالجة تداعيات زيادة اسعار المحروقات على وسائط النقل والصناعة وكذلك أريد تفسيراً لاعتراف الحكومة انها غير قادرة على منع التهريب!!؟
ہ العضو الدكتور موفق الحبشي قال في مداخلته: المطلوب ليس رفع الدعم كاملاً مرة واحدة... بل المطلوب هو رفع الدعم تدريجياً تماشياً مع الانتعاش الاقتصادي هذا من جانب، ومن جانب آخر يجب اعطاء الدعم للسوريين حصراً فالمواطن هو المعني بالدعم ويستحقه.. ومن ناحية اخرى لابد من العمل على قمع التهريب ومكافحة السرقات وتركيب عدادات على تعبئة الصهاريج... اضف الى ذلك فرض رسم مازوت على بعض المعاملات التجارية مثل الاستيراد والحد من الفساد .
العضو السيد عبد الرزاق درجي قال: اسمحوا لي أن اعبر لكم عن القلق الذي تعيشه جماهير شعبنا ومعاناتها من الارتفاع الجنوبي للأسعار والذي شمل جميع مناحي الحياة وخاصة سلع الاستهلاك الشعبي وتدني القدرة الشرائية يوما بعد يوم خاصة لذوي الدخل المحدود ولجماهير واسعة من العاملين بأجر ..والسؤال الملح: لماذا حصل ذلك؟ وهل مايحكى من تصريحات لبعض المسؤولين وغيرهم من تبريرات هو صحيح؟
مرة بسبب ارتفاع سعر الدولار ومرة بسبب تدفق الاخوة العراقيين ومرة زيادة التصدير ومرة سوء بعض المواسم الزراعية.
والجميع بات يدرك الآن ان هذه الحجج بمفردها غير مقنعة لاحد وأن العلة الاساس هي في النهج الاقتصادي الذي اتبع منذ مدة والذي طبع التوجه الاقتصادي بطابع اقتصاد السوق وتجلى ذلك بالعديد من الازمات،/ الطاقة ـ الكهرباء/ وتراجع دور الدولة التنموي والرعائي.
وأضاف: لقد أثار استغرابنا جميعا عزم الحكومة على تخفيض الدعم عن المشتقات النفطية تحت شعار اعطاء الدعم لمستحقيه حيث تم وبعد الاعلان مباشرة ارتفاع الاسعار بشكل جنوني ،وحجة الحكومة في ذلك ان عجز الموازنة قد بلغ من خلال دعم المشتقات النفطية مبلغا وقدره« 350» مليار ليرة سورية دون الاخذ بعين الاعتبار المنتج المحلي والمستورد من مادة المازوت حيث تم احتساب كامل الكمية وفقا لسعر البورصة. ان رقم العجز المصرح به مبالغ فيه كثيرا مع الاشارة إلى ان الحكومة رصدت في موازنة عام 2007 مبلغاً وقدره/50/ مليار ليرة سورية لسد العجز.. إن التهويل بأرقام العجز هو تمهيد لالغاء الدعم ، مع أن الدعم كثيرا ماتلجأ اليه الدول لحماية منتجيها من جهة ومن جهة اخرى لسد الفجوة بين الاجور والاسعار كما أنه يمكن للدولة تغطية الجزء الاكبر من العجز بطرق اخرى غير تحميل المواطنين مسؤولية هذا العجز مثل تشديد الخناق على المهربين واجراء حملة واسعة ضد التهريب الضريبي ومكافحة الفساد والفاسدين ومحاربة الهدر واتباع مبدأ الضريبة التصاعدية لا إعطاء التسهيلات والاعفاءات الضريبية.
ہالدكتور مهدي خير بيك قال في مداخلته: فيما يخص تصحيح الدعم ، فإن ذلك سيؤدي الى ارتفاع تكاليف الانتاج بشقيه الصناعي والزراعي وبالتالي سيكون هناك رفع للاسعار وهذا سيولد حالة من التضخم في الداخل وتراجع المنافسة لصادراتنا في الخارج...وهذا سينعكس سلباً على الشرائح الاجتماعية الاقل دخلاً وخاصة العاطلين عن العمل... فما هي البدائل التي اعدتها الحكومة؟؟ وهل ستتوافق هذه البدائل مع استراتيجية اقتصاد السوق الاجتماعي؟؟
وأضاف: هل مصافي تكرير البترول الموجودة لدينا عاجزة عن تغطية الانتاج الداخلي من مادتي المازوت والبنزين وماهي تكلفة مصفاة البترول القادرة على تكرير أربعة مليارات ليتر من المازوت سنوياً..
ہ العضو السيد احمد حاج سليمان قال: اعادة النظر بدعم المشتقات النفطية ضرورة وطنية وهو حل اقتصادي لازم ولكن في مقابل ذلك لابد من تحسين المستوى المعيشي لكل مواطن... لان الدولة كافلة للمواطنين دستورياً في الكثير من الخدمات وجوانب الحياة... فهل نوفق بين مكوني هذه الجدلية بما يحافظ ان لم يحسن المستوى المعيشي للمواطنين ولايحدث هزات اجتماعية.. والسؤال: كيف نطوق الآثار السلبية المتأتية عن اي قرار يتخذ بهذا الخصوص مع تفهمنا لموجبات مثل هذا القرار.
ہ العضوالسيد حميد الشيحان قال: تزامن انعقاد دورتنا ومواطننا يعيش وضعاً معيشياً صعباً حيث تكاثفت عليه الاعباء /شهر رمضان، افتتاح المدارس/ من جراء ارتفاع الاسعار بشكل غير مسبوق اضافة الى الضغط النفسي على إثر الحديث الذي انطلق حول عزم الحكومة رفع الدعم عن المحروقات... كل ذلك جعل المواطن يعاني، وهو يتطلع الى مجلسنا الكريم املاً في أن نناقش وضعه المعيشي بشكل موضوعي بغية الوصول الى حلول تحفظ له كرامته بتأمين ابسط مستلزماته الضرورية لتساعده على العيش الكريم.
ہ العضو السيد علي عرفات تساءل قائلاً: هل يرى الفريق الاقتصادي الموقر بأن التحول من اقتصاد السوق الموجة والمخطط الى اقتصاد السوق الاجتماعي قد ادى الى بداية عدم السيطرة على الاسواق التجارية فالاسعار بارتفاع مستمروالحلول آنية ومفاجئة وذات هالة اعلامية، وينتهي الامر بسرعة والمعاناة تبقى... من الواجب ان يكون التوضيح شفافاً حول هذا الموضوع... مع بيان الاسباب التي ادت الى هذه النتائج لان معاناة الطبقة الفقيرة تزداد وعددها يزداد وباطراد ولابد من معالجة واقعهم المعيشي.
السيد عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية قال: بداية احب التأكيد ان هذه جلسة حواروليست جلسة قرار حتى تكون الامور واضحة... والحكومة لم تتخذ اي قرار حتى تتراجع عنه في هذا الشأن... الخطة الخمسية العاشرة تضمنت اصلاحات اقتصادية ومنها مسالة الدعم واعادة توزيعه ونحن نسير بهذه السياسة المقرة في العام 2000 من قبل مجلس الشعب وفي العام 2003 تغيرت اسعار المشتقات النفطية وزاد ايضا حجم استهلاك المازوت حيث بلغ حجم الاستهلاك 9.2 مليار ليتر في العام 2007..
واضاف: انماط الاستهلاك لدى السوريين تغيرت بين عامي 2000 ـ 2007 بشكل كبير يفوق اي امكانات ففي عام 2000 كان اجمالي استيراد الحكومة من المازوت 1 مليار لتر مازوت في حين وصل الرقم عام 2007 الى 2،9 مليارات لتر ـ كما ذكرت ـ منها5،5 مليارات لتر مستورد اي ان سورية شهدت بكل المقاييس صدمة نفطية ما بين2003 و2007 وتحولت من دولة مصدرة الى دولة مستوردة هذا مايجب ان تقف عنده الحكومة..
واضاف الدردري: لكن رغم ذلك فإن سورية تعيش بأقوى فترة اقتصادية ومايؤشر على ذلك الاحتياطي المالي بالدولار الذي يصل إلى 20 مليار دولار وانخفاض معدلات البطالة وانخفاض الدين الخارجي. وتابع الدردري: التهريب ليس السبب في الازمة لان اسعار الطاقة في سورية مشوهة وهدفنا من الخطوة رفع كفاءة استخدام الطاقة ،فحجم التهريب لايتجاوز المليار ليتر من اصل نحو 10 مليارات.
واضاف: الوفورات التي تنجم سيعود 70% منها الى المواطن وكذلك رفع الاسعار التشجيعية للمحاصيل الزراعية الاساسية ..واضاف: سوف تلحظون انخفاضا في الموازنة الاستثمارية وزيادة في العجز في موازنة 2008 وذلك من جراء سياسة الدعم لان دعم المازوت يبلغ 350 مليار ليرة سورية... نحن نتحدث بوضوح وهذه مسؤولية وطنية والاستمرار بهذا الوضع سوف يفاقم الازمة، وسيؤثر ذلك على حجم الاحتياطي النقدي و زيادة حجم التضخم وسعر صرف العملات وبالتالي ضعف القوة الشرائية!! وبالتأكيد لايمكن للحكومة ان تقف مكتوفة الايدي ازاء ذلك.
من جانبه وزير المالية الدكتور محمد الحسين قال: جلسة الحوار هذه تؤكد ان لدينا مشكلة خصوصا اذا علمنا ان العجز المقدر في موازنة العام 2008 واضح، مقراً بوجود مشكلة حقيقية بغض النظر عن اقناع الارقام.. وقال: قبل ان نسأل عن الإيرادات ـ فالموازنة لعام 2008 المقدرة بـ 600 مليار ل.س يبلغ عجزها نحو 200 مليار ليرة سورية وهنا السؤال : مامصادر إيرادات الموازنة ـ علينا ان نبحث عن مطارح ضريبية عادلة منصفة اضافية فالنفط خرج من المعادلة ولا اقول انه علينا ان نكون متشائمين وعلينا ان نضع حلاً للمشكلة على مدى السنوات المقبلة.
وحول وضع الاشقاء العراقيين قال الحسين: لقد بحثنا اوضاعهم وهم يحتاجون سنوياً الى 5،1مليار ل.س وقد طلبنا من الجانب العراقي دعمنا لتلبية الاحتياجات لاقامة البنى التحتية ونتمنى على المجلس ان يتفهم هذه الامور.
وزير الاقتصاد الدكتور عامر حسني لطفي قال: لن يكون هناك قرار غير مدروس ومشروع القرار المتعلق بالدعم هو طرح، ولم نبت به وهناك سيناريوهات متعددة والحكومة بحثت فيها عن الايجابيات والسلبيات وفاضلت بينها فالاكثر ايجابية والاقل سلبية هي التي اعتمدت..
وبالعودة الى الاسعار قال لطفي: الاسعار ارتفعت لسببين:سبب عالمي متعلق بارتفاع اسعار النفط ما دفع كثيرمن الدول لسحب دعم المشتقات النفطية مكتوفي الأيدي،.. وسبب محلي فمع تحول سورية من الاقتصاد المركزي المخطط الى اقتصاد السوق الاجتماعي حدث فقدان للسيطرة على السوق ولكننا لم نقف ازاء هذا الوضع وهناك اجراءات اتخذت كتعزيز الرقابة التموينية من خلال مؤسستي الاستهلاكية والخزن اللتين تدخلنا بشكل ايجابي بطرح عدد كبير من المنتجات عبر منافذ هذه المؤسسات وكذلك المنافذ التابعة لوزارة الصناعة وقد نجحت الاجراءات في ضبط جزء لا بأس به.
من جانبه أكد الدكتور محمود الابرش رئيس مجلس الشعب على ضرورة الحفاظ على القطاع العام والدفاع عنه لانه الملاذ الوحيد لأبناء الشعب من جهة ومطلب شعبي واساسي من جهة ثانية، وان هذا القطاع سيبقى قطاعاً رائداً وداعماً رئيساً للاقتصاد الوطني.
أوضح الدكتور الابرش انه ومن خلال هذه الجلسة الحوارية مع الفريق الاقتصادي نستخلص انه يوجد هناك مشكلة، وضعنا ايدينا على أبعادها وسنتابع مناقشتها للوصول الى حلول ترضي الجميع.
جمانة حمامة
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد