حمص: ثقافة الفساد تعطل القانون والسكن العشوائي يزداد اتساعاً
في حزيران الماضي أكدت رئاسة مجلس الوزراء في تعميم لها على قمع مخالفات البناء انسجاماً مع القانون الخاص بذلك فالقانون رقم /1/ لعام 2003 قد صدر لقمع تلك المخالفات قبل حدوثها أو ارتكابها ولاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين وفقاً لأحكام هذا القانون وأكدت رئاسة مجلس الوزراء على جميع الجهات المعنية تطبيق القانون وقمع كل مخالفة أثناء ارتكابها واتخاذ الإجراءات القانونية.
في الطرف الآخر نجد وفي الجلسة التي عقدها مجلس مدينة حمص في إطار دورته العادية الثالثة بتاريخ 14/5/2006 يطرح أحد الأعضاء المسألة وبصوت عال( (بأن ذلك القانون ظل حبراً على ورق ولم تنفع التسويات التي زعمت وزارة الإدارة المحلية أنها ستقوم بها, وصارت المخالفات تشيد أمام أنظار المسؤولين وأسماعهم في مجلس المدينة والمحافظة وعلى كل المستويات وبدلاً من تناقص المخالفات السكنية بعد صدور القانون الآنف الذكر ازدادت وتوسعت بشكل واضح) ويتابع عضو مجلس المدينة عبد الباسط فهد: (قد يكون لأسلوب القمع والهدم والعقوبات الصارمة التي تضمنها القانون رقم /1/ دون أن يترافق ذلك مع بدائل متاحة لتأمين السكن اللائق للمواطن هو السبب الرئيسي للفشل في وضع حد لتضخم هذه الظاهرة.. كنا نتمنى من مجلس المدينة - والكلام ما زال للسيد فهد - تشكيل لجنة لترى الوضع في دوائر الخدمات التي ذهبت بعيداً بالتطنيش واللامبالاة ولابد من محاسبة كل المسؤولين في هذه الدوائر ليعلم الجميع أن الاستهتار بالوطن والمواطن لن يمر دون عقاب).
ثمة مناطق محدثة وضمن المخطط التنظيمي لحمص مثل مساكن الادخار- مساكن الشرطة- ضاحية الوليد, تشهد مخالفات بالجملة فأين المعنيون من كل ذلك؟
في اجتماعها مع الصحفيين في مبنى جريدة العروبة تناولت السيدة لينا الرفاعي رئيس مجلس المدينة وعدد من المسؤولين المعنيين في الدوائر التابعة كثيراً من المواضيع كان في مقدمتها مخالفات البناء حيث أكد الزملاء أن صرامة القانون /1/ ترافقت بارتفاع تسعيرة (الرشوة) وزيادة في المخالفات فلماذا؟!
بداية أقرت السيدة الرفاعي بأهمية الموضوع وبأنه كبير وشائك ولكن كل مخالفة تحال للقضاء هل تعلمون كم يتوقف المخالف فيها أمام القضاء?! ربما لا يتجاوز الأمر بضع دقائق!!
هناك ثلاث مناطق في الجهة الغربية من حمص يتم التوسع فيها باعتبار أن تلك المنطقة بعيدة عن التلوث البيئي الناجم عن مصفاة حمص ومعمل الأسمدة ولأنها خالية من الأراضي الزراعية فهي أراض وعرة قد يبلغ مجموع مساحتها حوالي 7000 هكتار سيتم العمل عليها خلال 40- 50 سنة قادمة لتستوعب ربما مليوناً و200 ألف نسمة أما الآن فتم التعاقد مع الجهات الدارسة على 1700 هكتار.
هناك أمران يتعلقان بمناطق المخالفات الواقعة شرق المدينة إذ تبلغ مساحتها تقريباً 28% من مساحة المخطط التنظيمي ويقارب عدد سكانها 38% من سكان المدينة إذاً هي منطقة مهمة تشغل حيزاً كبيراً ويتركز عمل مجلس المدينة على كيفية التعامل مع هذه المناطق لتأمين استقرار سكانها, هناك دراسات للوضع الراهن ويعمل مجلس المدينة على إصدار مراسيم إحداث لكل المناطق التي قسمت إلى 19 منطقة, تم إصدار مراسيم إحداث لأربع منها واقترب من نهاية العمل لاستلام كافة المناطق من كل الوحدات الهندسية لتذهب بعدها - أي الدراسات وأضابيرها - إلى الجهات العليا لإصدار مراسيم إحداثها ومن المتوقع الانتهاء من كل ذلك مع نهاية عام 2006 وبذلك تصبح حمص مدينة منظمة وعلى كل من يريد الحصول على ترخيص للبناء في هذه المنطقة أو تلك أن يفعل.
ثمة معاناة يشكو منها مجلس المدينة فرغم وجود أربع مناطق منظمة أعلنت للمواطنين ليتقدموا بطلبات الحصول على التراخيص فإنهم ما زالوا يرتكبون المخالفات. وتقول رئيسة المدينة: بوجود تجار بناء وتجار أراض يستفيدون من الوضع لا تزال الشائعات كثيرة حول الكلفة المرتفعة للترخيص (وصلت إلى 600 ألف ليرة حسب الإشاعة!!) فيتراجع المواطن خوفاً من هذا الرقم ويلجأ للمخالفات, نحن نحاول إرسال فرق عمل إلى كل منطقة من أجل نشر المعلومات الصحيحة بأن الكلفة أقل من ذلك بكثير ونحاول تقسيط المبلغ ويعتبر المبلغ المترتب على الترخيص في منطقة المخالفات هو الأقل في المدينة وربما إذا ما صار المواطن بالصورة الحقيقية فسيلجأ للبناء بشروط سليمة فالأبنية التي تشاد تحت جنح الظلام قد يكون بعضها مهدداً بالسقوط, أجرينا في مجلس المدينة دراسة وقدمناها للجهات العليا وصدر فيها تعديل للقانون 46 يقول نصه إنه وفي مناطق المخالفات وبمجرد صدور مرسوم إحداث أي منطقة يسمح للسكان بالترخيص, علماً أن هذا الأمر لم يكن ينفذ إلا بعد أن تنهي لجان حل الخلافات أعمالها والتي كانت تستغرق عادة 4 سنوات وبعد كل ذلك نتساءل لماذا يخالف المواطن؟
هناك 3 جهات معنية بتطبيق القانون /1/ لعام 2003 هي: مجلس المدينة والقضاء والشرطة- ولحديث الشرطة شجون - لابد من التكامل والانسجام في عمل هذه الجهات الثلاث, لقد بحثنا عدة أمور مع السيد وزير الإدارة المحلية. وفيما يتعلق بعمل القضاء والشرطة سوف تكثف الجهود, الآن نسعى لتخفيض رسوم نقابة المهندسين إلى الحد الأدنى الممكن فيما يتعلق بالترخيص وكنا نتمنى إعفاء المواطنين لكن الكلام القانوني والمالي لا يجيز لنا ذلك. إن حصة مجلس المدينة من رسوم الترخيص قليلة ولكن هناك كلفة لمهندس الدراسة الإنشائية والكهربائية الصحية للبناء وإن لم يدفعها المواطن الآن فسيدفعها مستقبلاً وهذا ما يجب أن يعرفه, ولابد أن يتحمل سكان مناطق المخالفات بعض الأعباء من كلف البنى التحتية والمرافق.
غابة من المخالفات يمكن ملاحظتها ببساطة بعد أن قامت (الثورة) بجولة في مساكن الادخار والشرطة وضاحية الوليد وهي مناطق جديدة ومحدثة فلماذا تتحول كثير من الوجائب إلى محلات لكل ما يخطر على بال المواطن (حلاق- بائع خضار- مكتب عقاري- بقالية...) وتحت نظر المراقبين?! السيد نضال الصوفي مدير الشؤون الفنية في مجلس المدينة أكد ورداً على سؤال (الثورة) حول عدم وجود مراكز للخدمة في تلك المناطق الجديدة - ما يدفع بالبعض للمخالفة وتلبية احتياجات السكان - فإن هناك مراكز خدمة منفذة لكن المواطن لا يريد السير إلى مركز الخدمة الذي قد يبعد عنه 200- 300م وهذه عادة موجودة في البلد ولا أعني أن هذا مسموح به ولكن لابد أن يعتاد المواطن عادات أخرى.
(الثورة) لن تجيب عن ذلك بل ندع الأمر للواقع الذي يؤكد عدم وجود مراكز خدمة نظامية وإن وجدت فقد لا نكمل العد حتى ثلاثة!! من جهتها تعترف رئيسة مجلس المدينة بنقص الكادر البشري لديها بسبب عدم وجود اعتمادها أو ملاك عددي لكن رغم النقص تؤكد أن هؤلاء لو عملوا بشكل صحيح لكان أداؤهم أفضل لكن الفساد يطول بعض الدوائر وقد قمنا بتبديل عناصر دوائر الخدمات أكثر من مرة وأحلنا - ربما - 4 مهندسين إلى القضاء ولم يسبق أن حدث ذلك في كل محافظات القطر وفقاً للقانون (1) لكنها تعود لتؤكد أن الفساد ليس مسألة عناصر أو موظفين بل هي ثقافة, ونحن بحاجة إلى دعم الإعلام بكل وسائله وكذلك تضافر الجهات المعنية بتطبيق القانون.
سوزان إبراهيم
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد