خلاف فرنسي أمريكي حول المطالب اللبنانية
على وقع التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد لبنان، دبّ الخلاف بين فرنسا والولايات المتحدة امس، حول الموقف الواجب اتخاذه من المطالب اللبنانية لوقف الحرب ، ما اشعل جبهة المشاورات في نيويورك، وارجأ فرص وقف اطلاق النار. وأعلنت باريس انسحابها من مشروع القرار المشترك احتجاجا على تمسك واشنطن برفضها لاي مطلب لبناني، ملوحة بقرار مضاد في مجلس الأمن.
وأشارت مصادر قريبة من أجواء المشاورات الى ان الاختلاف يتركز أساسا على الموقف من إعلان الحكومة استعدادها نشر 15 ألف جندي في الجنوب عقب انسحاب اسرائيل من المناطق التي تحتلها. وأضافت ان فرنسا تأمل في ان يأخذ مشروع القرار الأمر بالاعتبار بطريقة ملموسة، وهو ما يعني استعدادا فرنسيا لإدخال تعديلات على المشروع تتقاطع مع وجهة النظر اللبنانية، وهو ما تعارضه واشنطن.
وأكد الرئيس الفرنسي جاك شيراك عقب اجتماع مصغر لحكومته، ان الأولوية هي لوقف فوري لإطلاق النار، لان ارجاءه يعتبر عملا لااخلاقيا، وأعلن عن تبني عدد محدد من المطالب اللبنانية، محذرا من إمكان ان تتقدم فرنسا بقرار منفرد داخل مجلس الأمن الدولي في حال عدم تخطي التحفظات الاميركية التي تعيق التوصل الى حل (تفاصيل صفحة 18)...
وكان وزير خارجيته فيليب دوست بلازي اعتبر في وقت سابق ان على الحكومة اللبنانية ألا تنشر فقط الجيش اللبناني بل عليها أيضا ان تضمن انسحاب حزب الله. واعتبر ان تحقيق توازن بين انسحاب إسرائيل وإحلال الجيش اللبناني محلها مدعوما بقوات الطوارئ، هو نقطة محورية في الجهود الدبلوماسية.
وجاء رد واشنطن على التحذير الفرنسي سريعا. وقال السفير الأميركي في الأمم المتحدة جون بولتون بعد لقائه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، ان المشاورات مع الفرنسيين مستمرة. وأضاف إنه أوضح لموسى أننا لا نريد موقفا يؤدي فيه انسحاب لقوات إسرائيلية إلى فراغ أمني يتيح لحزب الله أن يعيد التسلل. وأضاف أن السؤال يبقى حول كيفية أن يكون هناك تواجد أمني فعال عندما تغادر القوات الإسرائيلية المنطقة.
وعندما سئل حول إمكان ان تتقدم فرنسا بقرار منفرد، قال بولتون هناك الكثير من الاحتمالات. لا زلنا في مرحلة المشاورات وسنرى ما ستؤول إليه الأمور. وأضاف أن البلدين توصلا إلى اتفاق مبدئي بخصوص مشروع القرار السبت الماضي على عكس التوقعات وربما نفعل ذلك مرة أخرى، موضحا انه لا يزال يأمل في تصويت على مشروع قرار معدل هذا الأسبوع، علما ان رئيس الوفد العربي الى الأمم المتحدة وزير الخارجية القطرية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر، كان أعلن عقب جلسة الاستماع امس الأول انه لا يعتقد انه ستكون هناك مسودة جاهزة.
واعتبر بولتون انه أمر متحرك لان هناك الكثير من الأمور التي تسير معا.. هناك أشياء كثيرة أثرت على المشاورات الجارية لكننا سنأخذها بالاعتبار ونحاول التقدم. وأضاف الجهود التي بذلناها كانت تستهدف وضع شيء يمكن ان يكون واقعيا، وهذا يعني ان هناك العديد من الأطراف الذين لن يكونوا سعداء.
وأشار بولتون الى انه يبحث في عدد من المسائل بينها كيفية تأمين وجود امني فعال في الجنوب عندما تنسحب اسرائيل، إضافة الى النظر في العملية التي ستسمح للحكومة ببسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية. وكان مصدر دبلوماسي أكد ان السفيرين بولتون والفرنسي جان مارك دو لا سابليير أجريا مباحثات جديدة في الأمم المتحدة أمس، في محاولة لتجاوز الانقسامات حول مشروع القرار، من دون ان يوضح إذا حصل أي تقدم على هذا الصعيد.
وفي السياق ذاته، قال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية إنه يتعين أن يتزامن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب مع وصول قوات الجيش اللبناني وقوة دولية. وأضاف لا زلنا بكل تأكيد حيثما كنا من قبل والوضع هو.. كيف ستفعل ذلك.. ما هو توقيت وتسلسل ذلك.. ما مدى السرعة التي يمكنك بها نشر الجيش اللبناني وقوة دولية تدعمه.. وكيف تنظم ذلك الانتشار عندئذ... وتابع لا يمكن أن يتم الانسحاب الإسرائيلي إلا عندما تكون هناك القوة اللبنانية وقوة دولية. لا يمكن فصل الأمرين عن بعضهما.
عربيا، استبعد وزير الخارجية المصرية احمد أبو الغيط إمكان استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الفرنسي الأميركي، معتبرا ان التلويح بالفيتو والتلويح بالضغط يؤديان إلى تطوير المواقف. وأضاف ان الأطراف التي تقف وراء هذا المشروع وتدفع به الى مجلس الأمن يجب أن تستمع إلى الرسالة التي وجهها اجتماع وزراء الخارجية العرب.
وحذر أبو الغيط من أنه إذا تم تبني مشروع القرار كما هو ومن دون تعديلات تؤدي إلى تحقيق رضا للجانب اللبناني، فان هذا المشروع لن يتم تنفيذه وسوف تكون له انعكاساته الضارة على الأرض اللبنانية، وسوف يستمر الاقتتال ويستمر الهجوم الإسرائيلي والعمليات العدوانية الإسرائيلية، وبالتالي لا مصلحة لأحد في استمرار القتال.
وقال أبو الغيط ان مشروع القرار الذي يتشاور مجلس الأمن بشأنه حاليا يسعى إلى التوصل إلى هذه الصيغة، والمسألة هي شكل هذه التسوية.. فيجب ألا تكون هذه التسوية على حساب لبنان ويجب ألا تحقق لإسرائيل مكاسب لم تحققها على الأرض عسكريا
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد