خمس نظريات لتفسير سبب ارتفاع أسعارالنفط عالمياً
الجمل: بدأت مؤشرات البورصات والأسواق المالية تشير إلى ارتفاعات مضطردة تصاعدية زاحفة في معدلات اسعار برميل النفط، وبسبب أهمية النفط في الاقتصاديات العالمية، فإن تزاد اسعار برميل النفط تمثل أمراً مثيراً للاهتمام في أوساط كافة الخبراء الإستراتيجيين وعلى وجه الخصوص المعنيين بعملية صنع واتخاذ القرار على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي: فما هي محفزات ارتفاع أسعار النفط؟ وما هي تداعيات ذلك على الاقتصاد السياسي الدولي والسياسات الإقليمية والدولية؟
* المسرح النفطي العالمي: توصيف المعلومات الجاريةط
تقول التقارير بأن اسعار برميل النفط الواحد قد تخطى حاجز الـ 90 دولاراً أمريكياً وبدأ يمضي مسرعاً باتجاه الـ100 دولار أمريكي، وفي هذا الشأن تعددت وجهات نظر الخبراء ويمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
• النظرية التفسيرية الأولى: ترى بأن تزايد مستوى البرودة في هذا الشتاء وعلى وجه الخصوص في القارتين الأوروبية وأمريكا الشمالية قد أدى إلى تزايد معدلات الاستهلاك اليومي من المحروقات الأمر الذي أدى بدوره إلى رفع معدلات الطلب على النفط، بما أدى بدوره إلى رفع معدلات الأسعار.
• النظرية التفسيرية الثانية: ترى بأن الاقتصاد الأمريكي قد بدأ يسترد عافيته بعد صدور القرارات الأمريكية التي تصدت لمعالجة تداعيات وأسباب الأزمة المالية الاقتصادية، وبالتالي، لما كان مفهوم "اقتصاد أمريكي معافى" معناه طلب أكثر على النفط، فإن زيادة أسعار النفط قد حدثت بسبب تزايد معدلات الطلب الأمريكي المتوقعة خلال الأيام القادمة.
• النظرية التفسيرية الثالثة: ترى بأن تزايد صعود القدرات الاقتصادية الصينية والهندية قد أدى بالضرورة إلى دخول عوامل جديدة أدت إلى رفع مستوى الطلب على النفط الأمر الذي أدى بالضرورة إلى رفع الأسعار.
• النظرية التفسيرية الرابعة: ترى بأن تزايد المضاربات في البورصات والأسواق العالمية، قد أدى إلى حركة كبيرة في عمليات شراء وبيع عقودات النفط الآجلة، بحيث أصبح النفط يشكل أحد الملاذات الآمنة للأرصدة المالية الكبيرة، وبكلمات أخرى، بدلاً من الاحتفاظ برصيد كبير من الدولارات بما يعرضها لخطر الانخفاض وتآكل القيمة، فمن الأفضل شراء عقودات نفطية آجلة بأسعار منخفضة ثم بيعها لاحقاً بأسعار كبيرة، الأمر الذي أدى بدوره إلى تزايد الطلب على شراء العقوادت الآجلة، والذي أدى بدوره إلى رفع الأسعار.
• النظرية التفسيرية الخامسة: تقول بأن ضغوط الأزمة الاقتصادية الأخيرة قد دفعت أمريكا وكندا إضافة إلى دول غرب أوروبا إلى تقليل المشتريات من النفط واللجوء إلى استخدام المخزونات الإستراتيجية النفطية التي ظلت تحتفظ بها هذه الدول تحفظاً للظروف والأزمات المفاجئة التي قد تحدث، والآن بدأت هذه المخزونات الإستراتيجية في الانخفاض، الأمر الذي ترتب عليه دفع هذه الدول إلى شراء النفط بكميات أكبر مما أدى إلى زيادة الطلب وبالتالي رفع الأسعار.
التدقيق الفاحص في النظريات التفسيرية يشير إلى أنها جميعاًَ تتميز بالصحة، ولكن الأكثر احتمالاً لجهة التأثير الكبير على ارتفاع أسعار النفط يتمثل في النظريات القائلة بتأثير مضاربات البيع والشراء في العقود الآجلة، وتلك القائلة بتأثير ارتفاع مستوى برودة هذا الشتاء، إضافة إلى تأثير عامل الاقتصاد الصيني-الهندي.
* التحليل الإستراتيجي الاقتصادي السياسي: ارتفاع أسعار النفط إلى أين؟
تشير معطيات خبرة الاقتصاد السياسي العالمي إلى وجود تلازم عميق بين العديد من العوامل ذات التأثير المتبادل لجهة التحريك المتلازم لمفاعيل الاقتصاد الدولي ومفاعيل السياسة الدولية، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
- الارتباط بين متغير النفط، ومتغير قدرة الاقتصاديات العالمية.
- الارتباط بين متغير النفط ومتغير التجارة العالمية.
- الارتباط بين متغير النفط ومتغير تدفقات رأس المال العالمي المباشرة وغير المباشرة.
وتأسيساً على ذلك يدخل تأثير العامل النفطي في حركيات الأنظمة الاقتصادية الفرعية الآتية:
• النظام التجاري الدولي.
• النظام المالي الدولي.
• النظام النقدي الدولي.
بكلمات أخرى، فإن الاستهلاك العالمي اليومي من النفط البالغ قدره 87 مليون برميل يومياً هو أمر معناه أن تدفقات نقدية-مالية-تجارية تتحرك كل يوم وفي حدود 7.8 مليار دولار، بافتراض أن سعر برميل النفط سوف يستقر قريباً في حدود 100 مليار دولار للبرميل الواحد، واستمرار هذا السعر مع استمرار معدل الاستهلاك اليومي لمدة عام كامل هو أمر معناه إن حجم هذه التدفقات الكلي سوف يكون في حدود 28.47 تريليون دولار (28.470 مليار دولار)، وبكلمات أخرى، فإن هذا الرقم يعادل الحجم الكلي للاقتصاد الأمريكي مرتين ونصف، وبالتالي، تسعى واشنطن جاهدة من أجل استخدام شتى الوسائل والسبل التي تتيح لها وضع يدها على هذا "الكنز" الذي سوف لن يتيح لها الخروج من أزمتها الاقتصادية وحسب، وإنما تأكيد فرض مشروع الهيمنة والنفوذ الكامل الواسع الطيف على العالم.
تشير التوقعات إلى أن ارتفاع أسعار النفط ضمن مستويات جديدة قد تتجاوز المائة دولار هو أمر سوف يشكل من جهة عامل خير بالنسبة للدول والبلدان المصدرة للنفط، وفي نفس الوقت عامل شر بالنسبة للبلدان المستوردة له، وعلى أساس اعتبارات الموازنة بين فرضية الخير وفرضية الشر، توجد الموازنة الأمريكية-الإسرائيلية التي تسعى إلى معايرة التطورات النفطية الجارية بما ينسجم مع الفرضيات الآتية:
- توظيف العامل النفطي لجهة تقوية القدرات الأمريكية على مستوى العالم والقدرات الاقتصادية على مستوى الشرق الأوسط.
- توظيف العامل النفطي لجهة إضعاف خصوم أمريكا على مستوى العالم وخصوم إسرائيل على مستوى الشرق الأوسط.
وفي هذا الخصوص تشير المعلومات إلى أن واشنطن سوف تسعى لفرض الإجراءات النقدية والمالية بما يلزم البلدان المصدرة للنفط بإيداع أرصدتها النفطية في البنوك الأمريكية، وبالنسبة لدول الشرق الأوسط والشرق الأدنى المصدرة للنفط سوف يسعى محور واشنطن-تل أبيب لابتزازها لجهة القبول بمشروع تمديد أنابيب نقل النفط والغاز لتمر عبر الموانئ الإسرائيلية وتحديداً ميناء عسقلان المطل على البحر المتوسط وميناء إيلات المطل على البحر الأحمر. وتشير التوقعات إلى أن تركيا سوف تتعرض خلال الفترة المقبلة لضغوط أمريكية-أوروبية أكبر لجهة إرغام أنقرا على القيام بتمديد خطوط أنابيب نقل النفط والغاز تحت مياه المتوسط وصولاً إلى ميناء عسقلان، أما الدول العربية الخليجية النفطية، فإن مسألة قبولها بتمديد خطوط الأنابيب لتمر عبر إسرائيل سوف تكون مسألة وقت لا أكثر، خاصةً وأن تمرير هذه الخطوط عبر الأردن سوف يتيح للنظام الملكي الأردني تأمين قدراته الاقتصادية.
وبالمقابل لذلك تقول التسريبات بأن عدم استفادة محور واشنطن-تل أبيب من مزايا ارتفاع أسعار النفط سوف يؤدي إلى إصابة الاقتصاديات الأمريكية والأوروبية الغربية والإسرائيلية بالمزيد من الركود والانكماش، وبالتالي مواجهة التضخم والبطالة وانخفاض العملة المؤدي إلى صدمات: انخفاض القدرات الشرائية- انخفاض مستوى المعيشة، وقد أثبتت الخبرة السياسية التاريخية بأن هذه الانخفاضات كانت من أبرز العوامل الرئيسية التي أشعلت الحربين العالميتين الأولى (1914-1916) والثانية (1939-1945). وتأسيساً على ذلك، فإن إشعال الحرب خاصةً في منطقتي الشرق الأوسط والأدنى سوف يكون أحد الخيارات الشريرة المطروحة على أجندة جدول أعمال محور علاقات عبر الأطلنطي وعلاقات محور واشنطن-تل أبيب المحتملة القادمة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
رح قلك السبب الحقيقي وراء ارتفاع النفط بدون نظريات وكلام فاضي
إضافة تعليق جديد