دعوى مصرية لشطب الديانة البهائية
لو أنكر طبيب الأسنان المصري رؤوف هندي انه بهائي لاستطاع ان يحصل لاولاده على وثائق الهوية التي يحتاجون اليها لدخول المدارس المصرية، والتي ستطلب منهم لاحقاً للزواج وللحصول على رخص قيادة او فتح حساب في احد المصارف، لكنه اصر على قول الحقيقة. وهذا الامر وضعه في صدر معركة قانونية في شأن سياسات الحكومة المصرية لمنح البـــهـــائيـــيـــن، الـــذين يعتبرهم كثيرون هراطقة، الهوية.
ويقاضي هندي الحكومة في شأن حق شطب الديانة من الوثائق الرسمية لاولاده، وهو تصرف جريء في هذه الدولة التي لا تعترف بالبهائية كدين والتي يغلب المسلمون على سكانها.
ويقول محامون انه اذا ربح هندي الدعوى فستمثل هذه القضية سابقة تساعد البهائيين الآخرين الذين يراوح عددهم بين 500 و2000 على الحصول على اوراق الهوية المحرومين اياها منذ عام 2004. ويضيفون ان التمييز ضد البهائيين متأصل في البيروقراطية المصرية.
وعرض هندي موقفه بالقول: "لا يعجبني ان يجبرني اي شخص على كتابة انتمائي الى دين لا أؤمن به. الدين بين قلبك وبين الله".
ويضمن الدستور المصري الحرية الدينية، ولكن على الصعيد العملي يحجم المسؤولون عن الاعتراف بأي ديانة غير الاسلام والمسيحية واليهودية.
ويقول ناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الانسان ان البهائيين يتعرضون لاضطهاد منظم في مصر. فالقواعد التي بدأت تطبيقها منذ حولت مصر نظام بطاقات الهوية الى نظام يعمل بالحاسب الآلي، تتطلب ان تظهر الوثائق الرسمية للاشخاص انتماءاتهم الدينية على ان يتم اختيارها من بين الـــديـــانات الثلاث المعترف بها. وهكذا اصبح ولدا هندي التوأمان عماد ونانسي (14 سنة) من دون الوثائق الملائمة، من بين شريحة من الاشخاص غير المعترف بهم والذين تجد مصر ان هوياتهم مثيرة للقلق.
وقالت ديان علائي ممثلة البهائيين لدى الام المتحدة التي تتخذ جنيف مقراً لها: "اذا استمرت هذه السياسة سيصبح البهائيون بشكل ما مواطنين من الدرجة الخامسة او حتى غير مواطنين في وطنهم".
ونشأت البهائية في ايران ودخلت مصر في الستينات من القرن التاسع عشر حين استقر التجار البهائيون في القاهرة والاسكندرية، بحسب ما يذكر الموقع الرسمي للبهائيين على شبكة الانترنت. وبعد ذلك بـــقرن تضخم عدد البهائيين ليصل الى نحو خمسة آلاف شـــخص، وهو الاكبر في العام العربي. وامتلك البهائيون المصريون مكتبات ومقابر خاصة بهم. ويقولون ان مجالس الحكم البهائية كانت تعمل في سبع مدن.
وفي عام 1960 حلت مصر المؤسسات البهائية وصادرت اصول البهائيين. وباعت في مزاد علني ارضاً اشتروها على ضفاف النيل لبناء دار للعبادة.
وينظر الى البهائيين في العالم العربي عموماً على انهم مواطنون غير مخلصين. وتقول الطائفة البهائية انه بعد حرب 1967 سجن بعض البهائيين المصريين في معتقلات مدة ستة اشهر، واعتبت ذلك اعتقالات متفرقة.
وقال محللون كثر ان السبب الارجح للمشاعر المناهضة للبهائيين في مصر قد يكون الاختلافات العقائدية مع الاسلام، اذ يعتبر البهائيون ان مؤسس الطائفة بهاء الله هو خاتم الانبياء بعد ابرهيم وموسى وعيسى ومحمد. وقالت هالة مصطفى رئيسة تحرير مجلة "الديموقراطية" الفصلية التي تصدرها مؤسسة "الأهرام"، ان القيود الجديدة فرضت بعدما اصبحت مصر اكثر اتباعها للاتجاه الديني المحافظ. وأضافت انها لا ترى بوادر ان الحكومة ستغير نظرتها الى البهائيين قريباً.
وصرح ناطق باسم وزارة الداخلية: "الاحكام التي صدرت في هذا الشأن تقضي بعدم استخراج بطاقات هوية لهذه الديانة البهائية. أعني ان هذا ممنوع. انه حكم محكمة وليس نحن. نحن ننفذه". ويعتبر المسلمون البهائيين مهرطقين لأنهم يسمون مؤسس ديانتهم التي ظهرت في القرن التاسع عشر الرسول وهو ما يسيء الى المسلمين الذين يؤمنون بأن النبي محمد هو خاتم الانبياء والمرسلين. ويقول بهائيون ان كثيرين منهم يتجنبون الخروج ليلاً او ارتياد الاماكن التي قد تقوم فيها الشرطة بعمليات تفتيش خشية ان تطلب منهم اوراق الهوية.
وقال حسام بهجت وهو محام عن البهائيين يعلق الأمل على ما ستصل اليه قضية هندي: "انها خطوة الى الوراء بالنسبة الى افراد الطائفة البهائية، لكنها ستكون حلاً تمكنهم من القيام بمتطلبات حياتهم اليومية الاساسية".
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد