راشد عيسى:كيف يخرج عارض درجة ثالثة في مؤسسة السينماخمسة أفلام ؟!!
تميز أولياء أمر الثقافة في بلدنا بعدائهم الشديد للمثقفين، الذين هم بالذات مَن صنعَ اسم المؤسسات الثقافية التي يتربع هؤلاء على عرشها. لا نجد نموذجاً أوضح من محمد الأحمد، مدير مؤسسة السينما.
لا يكف الرجل عن محاربة سينمائييه وأخذهم إلى معارك ضحلة. لم يترك الأحمد سينمائياً بحاله، هاجم محمد ملص وأسامة محمد ونضال الدبس وبسام كوسا والعديد سواهم. لكن، وفي الوقت نفسه، يبني هؤلاء المديرون لأنفسهم صحبة مع صغار المؤسسة. كأن المدير يخشى على كرسيه كبار المثقفين فيستبعدهم. كيف يفسر المدير والناقد السينمائي محمد الأحمد أن يعطى عوض القدرو، وهو مجرد عارض في المؤسسة وموظف نحسبه من الدرجة الثالثة، فرصة إخراج خمسة أفلام سينمائية «في الفيلمين الأولين كان مخرجاً منفذاً»؟ ثم لا يلبث ناقد سينمائيّ من مريدي الأحمد أن يكتب مقالاً عن سينما عوض القدرو! .. كيف يفسّر المدير أن يبعث بموظف مراسل «عبد الرحمن العقاد» إلى مهرجان طنجة برتبة ناقد سينمائي للمشاركة في ندوة بحثية؟ الجواب على الأرجح يكمن في عدم قدرة المديرين على صحبة الكبار ومجاراتهم في رغبتهم في التفوق على منافسين يصنعونهم على قدر همّتهم.
ہ ارتبطت مجلة الحياة المسرحية باسم المسرحي الراحل سعد الله ونوس، ولا أحد ينكر قيمتها الرفيعة حينذاك. ولعل كثيرين حرصوا لذلك على الاحتفاظ بالسلسلة كاملة . المجلة اليوم سقطت في براثن جوان جان الذي اختاره الناقد نبيل حفّار «سامحه الله» ذات يوم سكرتير تحرير لها. المسافة بين المجلتين هي المسافة نفسها بين ونوس وجوان «واغفروا لنا أن نضع الاسمين هكذا، الواحد بجوار الآخر». وإذا كنّا نعرف الأول قدراً ومكانة فإن هذه الحادثة تدلنا على الثاني: في مهرجان المسرح الأخير تقدّم جوان جان بمقالاته في المسرح لتطبع في كتاب، فرفضته بالإجماع لجنة أنشئت لهذا الغرض، سحب الفتى كتابه وركض به إلى أحد ما في وزارة الثقافة، وبالطبع صدر الكتاب الذي يصعب تصنيفه في عالم الكتابة، كما يصعب تصنيف كاتبه. فيا وزارة الثقافة؛ لا نقول رأفة بالقراء، بل رأفة بماضي الوزارة المضيء في مجال الكتاب والنشر.
ہ تمتلئ حياتنا الثقافية بالكثير من الأكاذيب، التي إن استسلمنا لها سرعان ما تتحول إلى حقائق، قد يتسرب بعضها إلى الكتب المدرسية. مرة قال مسرحي تونسي صُنع في دمشق، إن آريان منوشكين حين سألت من تعرف من المسرحيين السوريين أجابت أنها لا تعرف سوى شاب مسرحي مغاربي، والمقصود بالطبع ذلك المسرحي التونسي. سألتُه على الفور «وكنت قد حضرت كل الفعاليات التي استقبلت سيدة المسرح الفرنسية منوشكين»: أين حدث ذلك وبحضور من؟ فلم يجب الشاب. لا نستبعد غداً أن أدباء أو مسرحيي المستقبل سيسجلون هذه «الأخيولة» في مذكراتهم على أنها حقيقة، بعد أن تكتب لذاك المسرحي في مقدمات حواراته الصحفية، أو على أغلفة كتبه، وما إلى ذلك.
راشد عيسى
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد