زيارة بوش تعطل أعمال دبي والخسائر 117 مليون دولاراً فقط
ربّما لو سألت أي رجل أعمال أجنبي يعمل في إمارة دبي، بدولة الامارات المتحدة عن أسوأ يوم في حياته خلال السنة الجديدة، لردّ من دون أي تردد "يوم زيارة بوش."
وبوش، هو الرئيس الأمريكي الذي زار أبو ظبي ودبي الأحد والاثنين، ضمن جولته في المنطقة.
فزيارة الرئيس الأمريكي بوش ستبقى لوقت طويل في أذهان جانب كبير من المقيمين، خالية من أي دلالة، باستثناء "حرق الأعصاب" بسبب فرض حظر التجوال في الشوارع الرئيسية، وكذلك الخسائر الكبيرة التي لحقت بأعمالهم، جراء إعلان الاثنين يوم إجازة إجباري.
وتقول تقارير إنّ اقتصاد دبي يواجه خسائر تقارب 117.6 مليون دولار، بعد تعليق العمل بشكل تام في المدينة الاثنين، بسبب زيارة الرئيس بوش.
والسبب ليس في تعطيل العمل بحدّ ذاته، وإنّما بالكيفية التي تمّت بها، حيث أعلنت سلطات إمارة دبي قرار العطلة في آخر ساعة عمل من يوم الأحد، وهو ما منع رجال الأعمال وأصحابها من تغيير جداولهم وبرامجهم في مدينة تظهر فيها فرص الاستثمار والربح بسرعة جنونية كل يوم، مثلما تؤكده السلطات نفسها.
فالإعلان، الذي تعدّ الطريقة التي تمّ بها من حيث موعده، يعدّ سابقة في تاريخ زيارات الزعماء، بل إنّه وفقا للكثير من رجال الأعمال، "لا يتناسب مع سمعة دبي كبيئة أعمال."
وقال عدد من رجال الأعمال إنّ قرار اللحظة الأخيرة أصابهم بالضرر لأنه لم يترك متسعاً من الوقت لإعادة تنظيم الاجتماعات أو الفعاليات، علما بأنّ نحو 500 شركة تعمل في مركز دبي المالي العالمي، وحدها.
وإذا أضيف إلى ذلك نحو 5000 شركة تعمل في منطقة جبل علي ونحو مائة ألف أخرى مسجلة في غرفة دبي للتجارة والصناعة، يكون من الواضح أنّ جميعها، باستثناء الكبرى منها، والتي يملكها رجال أعمال إماراتيون، على علم دقيق بما يجري، قد تكبدت خسائر أغلبها في قطاع الخدمات والمحلات والمطاعم.
ووفقا لمحللين فإنّ رجال الأعمال الأجانب هم الذين عانوا أكثر من غيرهم من هذه الخسائر، لأن الشركات الحكومية، وكذلك تلك التي يملكها رجال أعمال محليون، ستجد الدعم والتعويض الكافيين من الحكومة المحلية.
وذكر محللون أنه وقعت خسائر أخرى ليس بالإمكان حسابها مثل الفرص التجارية الضائعة.
فقد أغلقت أغلب الشركات والمدارس والمحلات والمطاعم أبوابها الاثنين بعد أن أعلنت السلطنات في اللحظات الأخيرة عن عطلة رسمية في محاولة منها للتقليل من أثر إغلاق أغلب الطرق والجسور والأنفاق الرئيسة في دبي لكي يتمكن بوش من التجوال في المدينة، ومشاهدة معالم تطورها.
وباستثناء الطلبة الذين استفادوا من عطلة إضافية، عانى البقية بما فيهم الموظفون وغيرهم، من "حظر التجوال" الذي فرض على المدينة حتى الساعة الخامسة مساء، بما فرض عليهم البقاء في منازلهم.
وقال أحدهم:" لقد استغرقت الزيارة التي قام بها بوش إلى دبي بضع ساعات، بينما دامت يوما ونصف اليوم في أبو ظبي من دون أن تلجأ السلطات المحلية هناك إلى إجراء مماثل للذي اتخذته جارتها (دبي)."
غير أنّ مراقبين يشيرون إلى أنه لا يمكن مقارنة المدينتين من حيث حجم السكان وكذلك المثال المعماري، وهو ما يمثّل مبررا لمدينة دبي.
فعدد سكان دبي أكبر بكثير من سكان أبوظبي، في الوقت الذي تتميز فيه العاصمة بمثال تهيئة عمراني يضمن انسيابية حركة المرور والحياة العامة، على خلاف دبي التي تتأثر فيها كل الشوارع بمجرد حادث مرور بسيط في مفترق أحد أصغر شوارعها.
وزادت برودة الطقس من "أزمة" هؤلاء، فحتى الحدائق الصغيرة القريبة من تجمعات سكنهم، وفي حال إمكانية بلوغها، لم تكن الخيار الملائم.
ويقول محللون إنّ الهاجس الأمني كان الدافع الوحيد للقرار، ورغم أنّه يمكن تفهمه "إلا أنّه كان من الواجب" إعلانه قبل فترة معقولة.
وعندما أعلنت سلطات دبي، مساء الأحد القرار بإغلاق شوارعها ومحلاتها العمومية، وبدأت في وضع الحواجز والخرسانية وتهيئة الشوارع كي يزورها بوش في اليوم التالي، سرعان ما غصّت بقية الطرقات بالسيارات التي تحمل على متنها عشرات الآلاف من المنهكين بعمل اليوم، والذين استغرق وصول بعضهم إلى محلات سكنهم أكثر من ساعتين، بسبب تلك الإجراءات، علاوة على الأمطار التي تخلف بركا في المفترقات تستدعي الحيطة اللازمة.
وبالمقابل، نجد من يخالف الرأي المعارض للتعطيل الإجباري، فهناك من يقول، أنه "لربّما حسنا فعلت سلطات دبي بإعلان العطلة.. فلو لم تعلن ذلك لتعبت يدا بوش وهو "يوجّه" التحيّة لعشرات الآلاف من الهنود والباكستانيين والأفغان والعرب، وهم في طريق العودة، منهكين، إلى منازلهم."
وختاما نكرر الرسالة الهاتفية التي شاعت الإثنين: " كل عام وبوش بخير!"
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد