زيارة جنتاو تزيد من مخاوف الأمريكيين
يقوم الرئيس الصيني هو جنتاو بزيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية يرى الكثير من الأمريكيين أنها على غاية من الأهمية.
فهؤلاء يعتقدون أن زيارة جنتاو ستقرر فيما إذا كانت الغرائز الحمائية لبعض ساسة أمريكا قد تم تعزيزها أم أنها فترت ووهنت.
يقول الصناعيون لامريكيون إن الصين تعمل على مبدأ تقويض قيمة عملتها الوطنية وذلك لجعل البضائع الصينية متوفرة بشكل أرخص للمستهلك الأمريكي وتحويل المنتج الأمريكي في الصين إلى سلعة أكثر كلفة.
ويتوخى بعض السياسيين الأمريكيين من بلادهم أن تنتقم من الصين بسبب اعتمادها هذه المبدأ في التجارة.
والحقيقة هي أنه لا الإدارة الأمريكية ولا الأمريكيين العاديين يعلمون ما بوسعهم فعله مع بلد كالصين.
خطر أم فرصة سانحة؟
ترى هل هذه الأمة العملاقة والمتنامية بشكل سريع تشكل خطرا على أمريكا أم فرصة سانحة لها؟
أما إن كانت الصين تمثل خطرا-كأن تكون الممارسات التجارية الصينية الراهنة غير عادلة أو نزيهة-فما هو إذا السبيل الأنجع لتغيير وضع كهذا؟
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو فيما إذا كان من الضروري إيجاد حالة تلاق أم حالة فرقة مع الصين؟
لقد قمت مؤخرا بمراقبة تجربة على جيل جديد من الأمريكيين الذين يستعدون لخوض غمار المستقبل. إنهم مجموعة من الأمريكيين الذين لم يخامر عقولهم الشك بأن الصين تمثل إمكانيات جديدة رائعة بالنسبة لمستقبلهم.
لقد شملت عينة الدراسة تلك أطفالا في السابعة من عمرهم يتلقون تعليمهم في مدرسة بوتوماك الابتدائية في ضواحي واشنطن دي سي. وأول شيء يتعلمه هؤلاء الصغار هو كيف يمكنهم العد من واحد إلى عشرة باللغة الصينية.
لقد أمضت المدرسة فترة لا بأس بها من الزمن في تعليم اللغة الصينية، إلا أن ناظرة المدرسة ليندا غولدبيرغ تقول إن الاهتمام بتعلم اللغة الصينية في مدرستها قد تنامى بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.
وتضيف غولدبيرغ أن الزخم في تعلم اللغة الصينية يتأتى يشكل أساسي من الأهل الذين يتطاعون إلى إعداد أبنائهم ليكون لهم شأنا في المستقبل الذي يرونه صينيا بامتياز.
هذا المستقبل الذي يرون أنه سيشهد شراكة تجارية بين الصين وأمريكا وعهدا جديدا تتكلم فيه كل من الدولتين لغة الدولة الأخرى بالمعنيين الحرفي والمجازي للكلمة.
مستقبل باهر
وبالعودة إلى مركز العاصمة واشنطن-حيث من المفترض أن يهيئ السياسيون السبيل الذي سيسلكونه نحو المستقبل الباهر في علاقة بلادهم مع الصين-فإننا لن نرى بالضرورة الصورة مشرقة أو وردية.
هنا يستطيع هؤلاء الساسة العد من واحد إلى العشرة باللغة الإنكليزية، وتلك المقدرة ستعطيهم مجرد إحساس بالحزن والشعور بأنهم مسلوبي الإرادة.
فالعملة الصينية يجري إضعافها بشكل متعمد وذلك بغية الإبقاء على الأسعار الرخيصة للصادرات الصينية، وهذا ما يؤدي إلى إلحاق الضرر البالغ بالشركات الأمريكية ويشوه مبدأ التجارة الحرة بين البلدين.
فهذا هو تشارلز جراسلي العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ عن ولاية أيوا يقول إن المنتجين الزراعيين في ولايته يعانون الآن الكثير، ويتعين على الرئيس بوش أن يتخذ خطوات عملية كي يساعدهم على تدبر أمرهم.
موقف حازم
فقد أخبرني جراسلي أنه ولفترة طويلة من الزمن ساد أمريكا موقف "متراخ" و"متهاون" بخصوص الدعوة لاتخاذ موقف حازم من الصينيين.
وأضاف جراسلي أنه آن الأوان للكلام الجاد والصارم مع الصين، إذ يتوجب على الرئيس بوش أن يظهر بعضا من هذه الصرامة أثناء محادثاته مع نظيره الصيني في واشنطن هذا الأسبوع.
ويقول عضو مجلس الشيوخ إن الناس في ولايته يعتقدون أحيانا أن لبلادهم مصلحة كبرى في دعم الاقتصاد الصيني حتى إعطاء الأمر الأولوية على موضوع تقديم يد المساعدة للأمريكيين أنفسهم.
لقد قاومت إدارة الرئيس بوش حتى الآن مطالب مجلس الشيوخ لفرض إجراء عقابي ضد الصينيين، ولكن يجب ألاّ ننسى أن البيت الأبيض هو الآن في وضع ضعيف وأن العام هو عام انتخابات في أمريكا.
أما وزير التجارة الأمريكي كارلوس جوتيريتز فيتحدث بوضوح تام عن مخاطر عدم تغيير الصين لنهجها الحالي بالتعاطي مع الملفات المطروحة.
ففي زيارة له إلى الصين مؤخرا، قال جوتيريتز لمضيفيه إن هناك عناصر حمائية في الكونغرس ويتعين على الصين عمل المزيد لمنع تلك العناصر من السيطرة على الموقف.
ولكن ما لم يقله الوزير الأمريكي بالطبع هو أن رئيسه أضحى في موقف سياسي غاية في الضعف وقد يدفعه أعضاء مجلس الشيوخ الذين يتصدرون لائحة الحمائيين خارج اللعبة في نهاية المطاف.
وبالعودة إلى مدرسة بوتوماك الابتدائية نرى كيف يؤدي التلامذة الأغاني الصينية بحس وذوق رفيعين. إنهم حقا محامون صغار عفويون يدافعون عن مبدأ التجارة الحرة في أمة لايزال الشك حاضر فيها.
المصدر : وكالات
إضافة تعليق جديد