سورية البوابة لحروب إسلامية لا تنتهي

الجمل - *كيان مختاري- ترجمة: رندة القاسم:
خطة الرئيس الأسد الأخيرة، لخلاص سورية الى الأبد من المؤامرة و الخراب المدعومين من الخارج، ذهبت الى أبعد ما وصلت اليه كل الخطط لأجل السلام  المقدمة منذ بداية المشاكل في هذه الدولة. و لكن ، بينما يحمل الرئيس الأسد نوايا توحيد و إنقاذ الوطن السوري، فان دوافع اللاعبين الآخرين في المنطقة لا تتجاوز إحلال السلام في البلد.
بعض المراقبين رأى منذ البداية أن مبدأ العصيان السوري المسلح برمته قد لفق لخلق صدع خطير في صفوف المسلمين و بالتالي تعطيل أي خير محتمل قد ينتج عما سمي بثورات الربيع العربي. و قد أوكل إلى دول المنطقة الحليفة مع الغرب و إسرائيل  مهمة قتل الأمل، المصدر البشري للالهام الذي عمل دائما على تحفيز الجموع للتخلص من  أغلالها التي قيدتها عبر التاريخ.
في قمة مجدها عملت الإمبراطورية البريطانية على تحطيم أي أمل بالخلاص بين السكان الأصليين المعارضين لتحتفظ بحكمها المطلق و تستثمر الأمر لصالحها.
و نفس الأتباع الإقليميين الخاضعين للمافيا المسيطرة على العالم تحركوا لقتل الأمل بالخلاص و تقرير المصير بين أولئك الذين قاموا ضد الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا. تم إحياء الطائفية بألسنة الناطقين باسمهم غير المقدسين لإشعال غضب الشباب في العالم الإسلامي ، و بينما تستخدم كل الحيل للاحتفاظ بالحشود مشغولة بقتال بعضها البعض، يندفع الغرب قدما بثورته الالكترونية.
و التكتيكات القديمة للاستعمار، الساعية لاستعباد العالم الإسلامي و الحيلولة دون نموه بينما تتقدم الثورة الصناعية في الغرب، تطبق ثانية  عبر البروبوغندا الجماهيرية لشبكات الأخبار مثل الجزيرة لضمان استمرار التخلف و إيقاف نمو الأمم ذاتها في هذا الزمن و العصر.
بعد نهاية الحرب الباردة بدا واضحا الاندفاع من أجل النفوذ بين قوى العالم ، و ابتليت الأمم عبر كوكبنا بجولة جديدة من "اللعبة الكبرى" . أنشأت جيوش مرتزقة واتخمت بالمال و السلاح لتوريط الساذجين في حروب أهلية لا تنتهي. و بينما كانت الأمم تقسم و تخدع لدفعها لارتكاب أعمال حمقاء من قتل لأطفال و أبناء وطنهم، كانت ثرواتها الوطنية تتسلل بعيدا عبر حمولات السفن.
و تلك الأمم في المنطقة التي نجحت في التخلص من أغلال العبودية الاستعمارية و النهوض لأجل أن تتطور بسرعة الضوء، تعرضت للتشويه و الاتهامات من كل الأنواع لأجل منع تقدمها. 
بعض الشبان السوريين تطلعوا الى تركيا من أجل الالهام و قارنوا الوضع الراهن في بلدهم بالمظهر الكاذب الدال على الرفاهية في جارتهم الشمالية.و بينما يبدو العشب دائما أكثر اخضرارا في الجانب الآخر من السور، فان أنقره كانت بعيدة عن كونها بحالة جيدة. ففي العام الماضي اجبرت تركيا على التخلص من ثلاثة اصفار من عملتها الوطنية, و هي عالقة بين التزاماتها تجاه شعبها و تواطئها مع الغرب. فأنقره اصبحت خاضعة لأقسى لعبة استعمارية ، الجزرة  و العصا. فالعضوية في الاتحاد الأوروبي هي الجزرة و الاعتماد الكامل على توليد الثروة عبر التجارة و العلاقات العسكرية مع الغرب هو العصا.
و بسعادة يلعب الغرب على وهم عضوية الاتحاد الأوروبي بالنسبة لتركيا ، و بقوة يقوم بزرع الامبريالية الجديدة في بوابة أوروبا التقليدية نحو الشرق الأوسط.و التسويات التي تقوم بها تركيا تبتعد بها عن مجال السيطرة الوطنية. و بينما أدركت كثير من الدول المستقلة هذا، تبدو أنقرة متقبلة للخطر.
ما يسمون ثوار سوريين رفضوا باستمرار الجلوس الى طاولة المفاوضات، لأنهم ليسوا معارضة سورية حقيقية. فهم يحملون أجنده وضعتها لهم السعودية و قطر و مشتبه بهم آخرون مألوفون، و يحصلون على التمويل  و السلاح عبر الدول الأخيرة. و أوضحت المعارضة السورية الحقيقية قلقها بأن الخاسر الوحيد في الوضع الحالي هو سورية. و رفضت تدمير البلد و أيدت الحوار لحل الخلاف السياسي.
اقتراح بشار الأسد الأخير صمم لأجل تجنيب وطنه أسوأ السيناريوهات وهو تدخل عسكري غربي. و هذا يعني سلب كامل لكل ما تملكه سورية بدءا من  الثروات الطبيعية الى  ارثها  التاريخي من ثقافة و حضارة عمرها آلاف السنين.
لقد حان الوقت بوضوح لحوار من أجل حل الوضع السوري، و من الواضح جدا لكل من يملك أدنى حد من الوعي أن الطريق يكون عبر محادثات و تسويات هادئة. لذا يجب مناقشة دوافع دول مثل السعودية  قطر التي لا زالت تسعى لفرض حل عسكري عبر البروبوغندا الطائفية . و تدخل أجنبي كهذا في الشؤون السورية ليس سلبيا فحسب و لكنه قد يؤدي الى حرب أهلية لا تنتهي عبر العالم الاسلامي، و النتائج ستكون فقط لصالح القوى الاستعمارية.

*  بقلم كيان مختاري كان يعمل رئيس تحرير Jane's Information Group في المملكة المتحدة، و هو مختص بالسياسة الخارجية و يعمل محاضر في كلية طهران لدراسات وسائل الإعلام.
عن موقع Press tv

الجمل قسم الترجمة