صنعاء: «توازن الردع » يفرض التهدئة
في ظلّ تعثّر مساعي السلام التي تقودها سلطنة عُمان منذ عدّة أشهر، ووصولها إلى طريق مسدود قبل أيام، ومع تصاعد الهجمات الجوّية السعودية على الأراضي اليمنية، استأنفت قوات صنعاء عمليات «توازن الردع الاستراتيجي» الجوّية بعد توقّف دام أشهراً، لتُجدّد باستهدافها عملاق النفط السعودي وعصب اقتصاد المملكة، المعادلة النوعية التي فرضتها تلك العمليات، وتَدْفع الرياض إلى طرق أبواب التهدئة مجدّداً. وتفيد مصادر دبلوماسية، بأن هجوم الأحد أعاد تنشيط خطوط الاتصالات السياسية والدبلوماسية، مضيفة أن «المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، والموجود حالياً في الرياض، أجرى اتصالات مكثّفة أيضاً مع الجانب السعودي»، في وقت تراجعت فيه حدّة الغارات السعودية على جبهات مأرب والجوف. وإذ تعيد العملية طرح التساؤلات حول جدوى منظومات الدفاعات الجوية السعودية التي كلّفت المملكة عشرات المليارات من الدولارات، على حماية أهمّ منشآتها الاقتصادية، كميناء رأس تنورة الذي من خلاله تُصدّر 90% من صادراتها النفطية إلى الأسواق العالمية، تَلفت مصادر مطّلعة في صنعاء إلى أن الجيش و«اللجان الشعبية» قادران على تنفيذ عمليات «أشدّ إيلاماً» ممّا قاما به إلى الآن، موضحة أن «قوات صنعاء لم تستهدف حتى اليوم خزانات النفط المكشوفة أمام الصواريخ اليمنية في رأس تنورة»، مضيفة أن «حقل الغوار النفطي السعودي في منطقة الأحساء، والذي ينتج أكثر من خمسة ملايين برميل تمثّل نحو 60% من إجمالي الإنتاج النفطي السعودي، يقع ضمن بنك أهداف القوة الصاروخية».
ولم تقتصر العملية الجوية التي نفّذتها القوّة الصاروخية التابعة للجيش و«اللجان» فجر الأحد الماضي، بواسطة صواريخ «بدر» متوسّطة المدى و«ذو الفقار» طويلة المدى وطائرات «صماد 3» التي يصل مداها إلى قرابة 2000 متر، على استهداف منشآت «أرامكو» شرق المملكة وجنوبها، بل أوقفت حركة الملاحة الجوية لساعات في مطارات جدّة وأبها ونجران، وأجبرت عدداً من الطائرات على تغيير مسار رحلاتها إلى مطار الرياض. ويُعدّ هذا الهجوم الجوّي الواسع الذي أطلقت عليه صنعاء عملية «توازن الردع الاستراتيجي السابعة» ضمن سلسلة عمليات «توازن الردع الاستراتيجي» التي بدأت في آب 2019، الثاني الذي يستهدف شركة «أرامكو» في ميناء رأس تنورة في الدمام منذ مطلع آذار الماضي - حيث استُهدف الميناء نفسه الذي يبعد عن الأراضي اليمنية 1800 كيلومتر -. كما طالت العملية، في الآن نفسه، ثلاث منشآت اقتصادية تابعة للشركة في جدّة وجيزان ونجران، في ما يعكس، مجدّداً، تطوّر القدرات الصاروخية والجوّية لدى قوات صنعاء.
وفي الفترة الممتدّة من آب 2019 إلى أيلول 2021، نفّذت القوة الصاروخية والطيران المسيّر في صنعاء، ستّ عمليات «توزان ردع» واسعة النطاق، كانت شركة «أرامكو» أحد أبرز أهدافها. واستهدفت العملية الأولى (مطلع آب 2019) التي استُخدمت فيها عشر طائرات مسيّرة من نوع «صماد 3»، حقل «الشيبة» التابع للشركة شرقي المملكة، والذي يضمّ أكبر مخزون استراتيجي في البلاد، فيما طالت العملية الثانية (14 أيلول 2019) مصفاتَي «بقيق» و«خريص» في أقصى شرق السعودية، وهو ما كبّد «أرامكو» خسائر فادحة وأدّى إلى توقّف صادرات النفط السعودي عدّة أيام. والعملية الثالثة نُفّذت في أواخر شباط 2020، مستهدفةً أيضاً منشآت نفطية سعودية، وهو ما انسحب كذلك على العمليتَين السادسة والسابعة اللتين طالتا أهدافاً من الصنف نفسه. وعلى مدى الأيام الماضية، شنّت قوات صنعاء سلسلة هجمات غير معلنة ضدّ عدد من القواعد العسكرية في المنطقة الجنوبية ومرابض الطائرات الحربية في مطار أبها.
الأخبار
إضافة تعليق جديد