طلال نصر الدين معجون من طينة الغضب والهامشية
رحل أول أمس الأحد المسرحي السوري طلال نصر الدين بعد صراع طويل مع المرض، وبعد أيام قليلة من عودته من رحلة علاجية في الدانمارك. وقد شيع جثمانه أمس الإثنين في مسقط رأسه في مدينة السويداء.
نصر الدين واحد من القلائل الذين كرسوا حياتهم للعمل المسرحي، هو الكاتب والممثل والمخرج المسرحي، وغالباً ما كان يقدم نصوصه بنفسه على الخشبة.
تخرج نصر الدين (مواليد 1957) ممثلاً من المعهد العالي للفنون المسرحية العام 1980، ومنذ ذلك الحين يندر أن يمر موسم مسرحي من دون مشاركة مسرحية لذلك الشاب الأبدي، الغاضب، المهموم، الذي يشعر المرء إزاءه بأنه معجون من طينة الغضب والانتماء للمهمشين. وربما لذلك كان مع كل عمل يبدو محارباً على جبهات عدة، كي ينتزع حقه في فرصة عمل مسرحي، فلديه من الصراحة والتمرد ما يكفي لتكدير عيش المسؤولين الرسميين. ولا أدري لماذا تكاد الصورة شبه الوحيدة التي تعلق في البال من بين أدواره المسرحية دوره في مسرحية مأخوذة عن قصة تشيخوف الشهيرة «عنبر رقم 6»، حيث كان أحد سكان العنبر حين لعب شخصية ايفان، وقد استعار قصيدة للشاعر نزيه أبو عفش يقول فيها «من أين يأتي هذا الصبر كي نبقى على قيد الحياة».
يبدو طلال كأنه عاش وحيداً، فلا نصير له سوى هذه المثابرة والإلحاح على أن يكون رجل مســرح بحق. لا حزب، ولا شلة، ولا مسؤول يقف وراءه، لذلك كان مفـهوماً أن لا تنجده المؤسسة الرسمية في علاجه من مرضه اللئيم، وسبق له أن أضرب عن تناول جرعاته الدوائيـة الكيميائية بسبب تقصير وإساءة من نقــابة الفنانين التي ينتمي إليها، ويفترض أن تتكفل بشروط كريمة للعلاج.
وإذا كان نصر الدين من هذه الطينة، طينة الغاضبين الواقفين أبداً في ضفة المقهورين، كان بديهـياً أن نجــده مع الثورة الــسورية منذ اليوم الأول لانــطلاقتها، ولذلك نجد الإهمال والتجاهل هذين من الإعلام الرسمي في تناول خبر موته. صفحته على الفايسبوك غاضبة هي الأخرى، وهناك كان يكتب، بحسب ما يتيح المرض، انطباعاته ومواقفه من الثورة، من بيـنها نداء يقول فيه «أولادنا العسكريين: عندما يرسلونكم في مهمة لقـصف أو تدمير مدينة ما من مدن سوريا، تذكروا أن لكم بيتا في واحدة من مدننا وأنهم ربما يرسلون قطــعة عســكرية إلى مدينتكم ذاتها ليفعلوا بها ما تفعلونه بالذات في مدن أخرى.. وعندما يرسلونكم لإطلاق النار على المتظاهرين تذكــروا أن واحدا من ذويكم سيتعرض لإطلاق النار، وهو يهتف لأجل حريتكم في مظاهرة ما. لن نطالبـكم بما قد يعرض أهلكم أو ذويكم للــخطر، كأن تنضموا إلى الجيش الحر إن لم تشاؤوا.. ولن نطالبكم بالانشقاق إن وجدتم في ذلك خطرا عليكم أو على من يعنيكم... سنطالبكم على الأقل بأن تخطـئوا أهدافكم... وهذا أضعف الإيمان».
يذكر أن طلال نصر الدين كتب عددا من النصوص المسرحية من بينها «نبوخذ نصر» الذي حاز جائزة سعاد الصباح للعام 1992، وأخرجه محمود خضور، إلى جانب نصوص أخرى مثل «دون كيشوت» و«عمر بن عبد العزيز» و«ارميا» و«دم شرقي»، وغيرها.
ومن أبرز الأعمال الإخراجية له مسرحية «الديك» التي أدى دور البطولة فيها الفنان زيناتي قدسية.
وعلى صعيد التمثيل، لعب الفنان عددا كبيرا من الأدوار في المسرح وفي التلفزيون.
ضياء هنيدي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد