عشرون لوحة بورتريه في معرض لهمام السيد
يقدم الفنان همام السيد في معرضه المقام حاليا في مقهى ناي ارت كافيه الثقافي في اللاذقية تجربة فنية لافتة في خطوطها و أفكارها كما في أسلوبها الحداثوي الذي يتجسد في عشرين لوحة بورتريه تمثل في إطارها العام انعكاسا لمجموعة من المدارس العالمية من تلك التي تقوم على ما يسمى بالتعبيرية الغرافيكية أما في تفاصيلها فهي تفسح مجالا واسعا لعدد من القراءات الفنية و الفكرية.
وتمثل تجربة الفنان الحالية خطوة أولى نحو مشروع متعدد المراحل ينطلق فيه السيد بعد سنوات من اشتغاله في حقلي النحت و التصوير الزيتي مستفيدا من أدواته السابقة لإغناء تصوراته الجديدة في مجال البورتريه و التي يستثمر فيها الروح العفوية للإنسان لتجسيد وجوه جديدة خارج إطار القوالب الجامدة مما يسودغالبا في هذا الفن.
وأوضح الفنان السيد في حديث خاص لسانا على هامش المعرض أن البورتريه من وجهة نظره هو وسيلة لتجسيد حالات شخصية ونفسية متعددة تعكس عوالمه الداخلية بالدرجة الأولى حيث يشكل الوجه مراة صادقة لكل انسان تمكنه من رؤءية نفسه و تقصي دواخله لإدراك المزيد مما يمور في أعماق ذاته الإنسانية .
وأضاف: لا يمكن اعتبار الوجوه المرسومة خطوطا مجردة فحسب انما هي خطابات بصرية تحتاج إلى قراءة خاصة لمعرفة ما يكمن خلفها وخاصة مع استخدام تفاصيل معينة تؤءشر على مدى اندماج الوجه مع ذاته و اختبار الحالات النفسية المراد التعبير عنها من خلال هذه التفاصيل و التي تمنح القدرة على بلورة نظرة تأملية عميقة.
ويقوم عمل السيد كما يشير على حركة اليد العفوية في الرسم على القماش باستخدام تقنيات الزيتي والحبر والتي تعد من أكثر الأدوات استخداما في هذا المجال لافتا إلى أنه يعتمد على مقاييس ذاتية بعيدا عن النهج الأكاديمي بهدف إعطاء بصمة خاصة تحاكي الشخصيات بأسلوب كرتوني ساخر يؤكد من خلاله على أهمية العودة إلى روح الطفولة للتخلص من بهرجة الحياة الحديثة و تقاليدها المتكلفة. واختتم السيد بالإشارة إلى أن التوزيع الضوئي للوجوه المقدمة باللونين الأبيض و الأسود و كذلك الالوان الخلفية في البورتريهات جميعها ترمي إلى إضاءة مفهوم التضاد و تقديم مجموعة من الأفكار والرسائل المتناقضة في العمل الواحد و هو ما يعمل عليه بغرض إظهار ما يسمى بجمالية القبح.
من جهته رأى الدكتور عبد الحكيم الحسيني رئيس قسم التصميم المعماري في كلية الهندسة المعمارية في جامعة تشرين أن الفنان همام السيد يشتغل على موضوع الوجوه عبر قراءة تشكيلية يستخدم فيها اللون كنقيض لحالات الظل والتجسيم وبالتالي فان المساحات الصفراء و الزرقاء في اللوحة غالبا ما تكون موجودة بشكل مدروس ما يعطينا إيحاء أقرب إلى الواقعية.
وتابع : إن تحطيم الوجوه في بعض اللوحات وتغيير النسب فيها سواء بالتطاول أو غير ذلك يدخل في حيز تصعيد الملامح التعبيرية لكشف ما يكمن خلفها كما ان القدرة اللونية المتميزة في الخطوط والظلال وخاصة في الاعمال ذات المقاييس الكبيرة تدل على تلقائية الفنان في الرسم والمخزون الكبير المدخر في ذاكرته البصرية والذي يعكس اطلاعه على تجارب كلاسيكية كثيرة .
بدوره قال الفنان عيسى بعجانو: إن اللوحات المعروضة تعد من الاعمال الاكثر جدية في تقديم البورتريه حيث تنعكس فيها شخصية الفنان اللطيفة ولا سيما من خلال الخط الذي تبدو فيه الدقة والحرية والمعرفة في التوزيع اللوني دون ادعاء معرفي فالفنان لم يعمل في لوحاته على تشتيت نفسه في أكثر من ساحة بل حشد طاقاته في مضمار واحد هو الوجه والانسان المفرد .
وفي الاطار نفسه اعتمد الفنان معين الخطيب على النضوج الواضح في أدوات الفنان بحيث حققت اللوحات كافة العناصر التي يتطلبها العمل الفني ولو انها تتشابه في إطارها العام إلا أنها تصوغ اسلوبا نهائيا لفنان جاد يلعب على تغيير عناصر البورتريه المعروفة ليقدم مشهدا مختلفا وحسا تعبيريا مغايرا.
ولفت أنس اسماعيل مدير ناي ارت كافيه إلى ان هذا المعرض هو الثاني والاربعون على التوالي في المقهى و يعد جزءا من المشروع الثقافي السمعي البصري الذي يتبناه ناي لإحداث حالة من التبادل في الخبرات بين مختلف الفنانين في المحافظات السورية مؤءكدا انه المعرض الاول من نوعه تحت عنوان البورتريه نظرا لخلو الساحة الفنية في اللاذقية من هذا الخط الفني ما يؤهله لاستفزاز الشباب و حثهم على اخراج ما لديهم من طاقات فنية في هذا المضمار .
يذكر ان للفنان همام السيد العديد من التجارب الفنية الفردية منذ عمر السادسة عشرة و قد شارك في العديد من المسابقات والملتقيات الفنية داخل سورية و خارجها كما يعمل حاليا على التحضير لمعرض يرتكز على تجسيد الاشخاص كدمى في الحياة تحركها العواطف الشخصية.
رنا رفعت -ياسمين كروم
المصدر: سانا
إضافة تعليق جديد