عنْ ذكرى فواز الساجر

07-02-2011

عنْ ذكرى فواز الساجر

عبداللطيف الحسين: (افتحوا الأرضَ والسماءَ , افتحوا الكونَ، سيقتلنا الضيق (  قُصاصة وُجدتْ بينَ أوراق المسرحيّ السوريّ : فواز الساجر .
نسيناه نحن الذين أحيينا أربعينيّته , و ذكراه الأولى في المركز الثقافيّ في  مدينتنا الميّتة الآن . والتي كانتْ موّارة  عامي ( 1988و 1989)بالنشاط الثقافيّ و الفنيّ . 
أقصدُ قبلَ أنْ يُهجَّرَ الكثيرون من  الكتاب و الفنانين من هنا إلى فيافي الدنيا . 
حيث اتفقنا ( أنا و مجموعة من الكتاب و  الفنانين ) أنْ نحتفيَ بفواز الساجر  بطريقتنا الخجولة . لكن العميقة أيضا . لم 
نحضرْ عرضاً مسرحياً له . ولم نلتقِ به . ولم  نحاولْ لقاءَه . لكنّا أحسسْنا أنه  سيخاطبُنا بعدَ عشرات السنين , و سيتنبأُ 
بحياتنا التي باتتْ مبتهجة بالآلام , حتى  بتنا لا نحسّ بالأوجاع المتراكمة من كثرة ما  مُلئـتْ بها . بتنا قساة . لم نعدْ نبالي حتى  بأدقِّ تفاصيل حياتنا التي لم تعدْ لنا ذات  قيمة من عنف الصدمات المتلاحقة . لا  المتتالية فقط .

كانَ فواز الساجر يريدُ  مسرحا حقيقياً يقومُ على أنقاض ما عندنا من  الهشاشات المسرحية و الفكرية . وهو الذي أتى  بثورة تدريب الممثل من موسكو إلى المسرحي  السوري , وكان ( سعد الله ونوس ) مَنْ قيّم  فنَّ الساجر  بأنه نقل المسرحَ السوري من  مرحلة الإخراج المنفذ إلى الإخراج المبدع )  وأنه ( حرّر قدرة الممثل ) ,كان الساجر على يقين بقدرة الممثل السوريّ  على تحريره من التقليد , مَنْ درّسهم الساجر  فنَّ تدريب الممثل باتوا الآنَ يمثلونَ  المسرحَ السوريَّ في أبهى نسخته السورية و  العربية .
الضيقُ الذي كانَ يعنيه الساجر هو هذا الضيق  مُلاحقا الحياة الثقافية و الفنية , حتى  باتتْ كسيحة , وتُلقي بعدوى مرضها و موتها  على كلِّ شيءٍ , فما معنى أنْ تخلو حياتنا من  المسرح و الموسيقا ؟ . وكلاهما يمنحانَ  المرءَ الصلدَ ذوقا للتعامل مع الأشياء  بمرونة و حبٍّ . حين تخلو الحياة من المسرح و  الموسيقا تكونُ أشبهَ بنبتٍ صحراويّ جافٍّ . 
بل هي النبتُ الصحراويُّ الجافُّ والميتُ  معاً . ولن تعودَ حياتنا إلى النموِّ إلا  بعدَ أنْ تزدحمَ بالفنّ .
فواز الساجر أخرجَ خاتمة أعماله , و أسماها (  أهل الكهف ) ليقينه بأننا سنعي ما معنى  الكلمتين .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...