فساد ورشا في مديرية النقل بدمشق
لم يذكر مدير النقل في دمشق بالوكالة علي خلف، تفشي الرشوة في أروقة المديرية، لكنه حاول تلطيفها وحصرها في بعض ضعاف النفوس ومعظم معقبي المعاملات المجازين وغير المجازين!!
وبالمشاهدة والمعاينة التي أتاحتها لنا فرصة (الترسيم السنوي) للسيارة، يمكن الجزم أن شبكة حقيقية تحكم سيطرتها على مختلف دوائر المديرية لتؤكد ما يضج به الشارع من حكايات فساد وتلاعب ورشا، أبطالها موظفون ومعقبو معاملات.
وبينما ينجز (المعقب) معاملة زبونه في نصف ساعة على الأكثر فقد يحتاج المراجع العادي إلى أربع ساعات لإنجاز نفس المعاملة، وهذه بدهية تلخص ما يجري في كواليس المديرية!!
وينتشر معقبو المعاملات على طول الشارع من مفرق الزبلطاني قرب المجمع الاستهلاكي وحتى مبنى مديرية النقل كما يكتظون بداخلها، ويتصيد هؤلاء زبائنهم بطريقة (مقززة)، وقلة منهم يحملون على صدورهم بطاقة (مجاز للعمل) كمعقب معاملات!!
ويطلب (المعقبون) مبلغ مئتي ليرة فقط كأجور لإنجاز معاملة الترسيم، عدا ما يجبونه وبطريقة الاحتيال (علناً وعلى ذمتهم) لحساب موظفي المديرية، ويصل إلى أضعاف المبلغ المذكور!!
ولعل ما يثبت صحة شراكتهم مع (أغلبية) الموظفين هو تجاوب أولئك السريع مع طلبات معقبي المعاملات أحياناً بالتذاكي، وغالباً بالتجاهل المعلن للمراجعين المصطفين بالدور!!
وبحسب مدير النقل فإن أغلبية معقبي المعاملات هم أساساً من سكان المنطقة الذين كانوا يعملون ببيع وذبح الخراف لقربهم من المسلخ (الغنامة) قبل أن يتحولوا للعمل في تعقيب المعاملات لكونها أنظف وأربح مادياً!!
ويقول مدير النقل: إنهم طالبوا وزارة الداخلية بمفرزة شرطة ثابتة لضبط تجاوزات المعقبين دون جدوى!!
ويتذمر أصحاب السيارات في دمشق من مخالفات المرور غير المتوقعة التي تباغتهم أثناء ترسيم سياراتهم بل يشككون في صحتها، ويتهمون شرطة المرور بالتجني كي لا نستخدم ما سمعناه من مفردات التوصيف، بهدف تمويل صندوق المرور الذي يعاني من عجز شبه دائم، وذلك على حساب مالكي السيارات الخاصة والعامة!!.
وتتركز الانتقادات على المخالفات الغيابية التي يمكن تنظيمها (موجوداً) أصلاً كالوقوف الممنوع، أو عرقلة السير مثلاً، لكنها تكتب غيابياً ما يؤكد الشكوك بعدم صحتها!!.
ودخلت نقاط المخالفة (تثقيب الشهادة) في بورصة البيع والشراء، ويتراوح سعر النقطة الواحدة في السوق ما بين 500 إلى 1100 ليرة بحسب المفاصلة، وشطارة كل من الزبون والمعقب، وتتم العملية من خلال تجيير المخالفة إلى شخص آخر يتطوع (مأجوراً) لثقب شهادته بدلاً من المخالف، ولا يمكن تمرير العملية من دون مباركة وموافقة من عناصر الشرطة في مركز مديرية النقل والمعنيين بجباية المخالفات!!.
وكان أحد المعقبين قد عرض علينا (خدماته) مقابل 1000 ليرة لكل نقطة أو (ثقب)، علماً ان المخالفة هي استخدام الموبايل أثناء القيادة ومخالفتها 2600 ليرة اضافة إلى أربعة ثقوب!!.
ويبدو ان المخالفات تحولت إلى ما يشبه (الحزازير) بدليل ان المخالفات المفترضة بحقنا بلغت في البداية ثلاث مخالفات ثم انخفضت إلى اثنتين لتستقر عند مخالفة الجوال بعد ما اكتشفنا ان دفتر الميكانيك لا يعود لسيارتي أصلاً وإنما لسيارة أخرى!!.
ورد أحد المسؤولين عن مركز الشرطة على استفساراتنا الصحفية (بالطرد) بداية على طريقة الهروب إلى الأمام ثم باتهامنا بتعقيب المعاملات، بعيداً عن تحقيق مقولة: الشرطة في خدمة الشعب التي تعتمدها وزارة الداخلية شعاراً لها.
بالمقابل يرى مدير النقل أن معالجة ما يحصل في المديرية من تجاوزات يتطلب اجراءات عاجلة منها إحداث صالة كبيرة تستوعب أكبر عدد ممكن من المراجعين، وهو ما بدأ فعلاً ريثما ينتهي انجاز مبنى المديرية الجديد، وتنظيم مهنة تعقيب المعاملات، وإحداث مراكز للترسيم في أكثر من منطقة، اضافة إلى أمور أخرى سنأتي على ذكرها في تحقيق موسع.
إياد عيسى
المصدر: تشرين
التعليقات
watan
إضافة تعليق جديد