قصائد للشاعرة الروسية مارينا تسفيتاييفا 1892 ـ 1941

22-10-2010

قصائد للشاعرة الروسية مارينا تسفيتاييفا 1892 ـ 1941

لم يكن القدر منصفاً مع الكثير من الشعراء الروس مطلع القرن العشرين الفائت. لكنه كان مريراً بشكل خاص مع مارينا تسفيتاييفا إلى حدٍّ اضطرت عنده أن تصفي الحساب مع القدر بنفس القسوة وبطريقة بالغة الدلالة: قامت بشنق نفسها بحبل كان قد أعطاها إياه بوريس بسترناك لتحزم به حقيبتها في طريقها من موسكو إلى تتارستان . ليغيب عن المشهد الثقافي إبداع واحدة من أهم شعراء العصر الفضي الروسي وذلك على مدى نصف قرن، ثم ليعود ويتحول قبرها في إيلابوغ إلى مزار لهواة الكلمة الشعرية الرقيقة والرفيعة .
1
صلاة
يا يسوع ويا رب! أنا أتعطش للعجيبة
الآن، حالاً، في أول النهار!
أوه، اسمحْ لي أن أموت، طالما أن
الحياة بكاملها كما الكتاب بالنسبة لي.
أنتَ حكيم، ولن تقول بصرامة:
«اصبري، لم يحُنْ يومك بعد».
بنفسكَ قدمتَ لي ـ الكثيرَ الكثير!
أتعطش فوراً ـ إلى كل السبل!
أريد كل شيء: أن امشي إلى القرصنة
بروحِ غجريٍّ ومع أغنية،
أن أعاني لأجل الكلِّ تحت أصوات
الأرغن,
وأن اندفع في المعركة كأمازونية؛
أن أبصِّرَ بالنجوم في البرج الأسود،
وأن أقود الأطفال إلى الأمام، عبر الظل...
كي يكون أسطورةً ـ يومُ أمس،
وكي يصبح جنوناً ـ كلُّ يوم!
أحب الصليب والحرير والخوذ،
فروحي أثر للحظات عابرة،
أنت أعطيتني طفولة ـ أجمل من حكاية
فأعطني الموت ـ في السبعة عشر عاماً!
[[[
2
على كتفي اليمنى
حطّت حمامة ـ الصباح،
على كتفي اليسرى
حطّت بومة كبيرة ـ الليل.
أمشي, كملكٍ من قازان.
ومم تخاف الروح
طالما أن العدوّين اتحدا،
كي يَحْرسَني الاثنان.
[[[
3
وأنا أموت، لن أقول: كنتُ.
لستُ آسفة،
ولا أبحث عن مذنبين.
ثمة في الدنيا أشياء أهم
من العواطف الملتهبة
ومن بطولات المغرومين.
أنتَ ـ يا مَن بجناحك
دققتَ على هذا الصدر،
الشاب المذنب عن الإلهام ـ
أنا آمرك: ـ كُنْ!
فأنا ـ لن أخرج من الطاعة.
[[[
4
أنا ـ صفحةٌ لريشتك،
اقبل كل شيء. صفحة بيضاء أنا.
أنا ـ حارسُ نعمتك:
سأنمّيها وسأعيدها
مضاعفةً مئات المرات.
أنا ـ قرية، أرض سوداء.
وأنت بالنسبة لي ـ شعاعٌ
وماء المطر.
أنتَ ـ الإله والسيد، وأنا ـ
تربةٌ سوداء ـ
وورقة بيضاء!
[[[
5
أبارك العمل في كل يوم،
أبارك النوم في ذات اللباس.
رحمةََ الإله ـ وقضاء الإله،
القانون السماوي ـ والقانون الحجري.
أرجوانيّ المغبر، حيث الثقوب الكثيرة...
وعصاي المعفرة، حيث كل الأشعة!
وأبارك, أيضا، يا رب ـ السلامَ
في بيت غريب ـ والخبز في موقدٍ غريب.
[[[
6
لا أربِكُ، ولا أغنّي
بسُمِّ المرأة.
أمدُّ يداً وفيّة ـ
التي تكتب، اليمنى.
تلك، التي بها أصلِّبُ
أثناء الليل ـ المعشوقة1ـ
تلك، بالتي اكتبُ
ما قد قرر الرب.
اليسرى ـ هي وقحة،
متملقة، ماكرة.
ها لكَ يدي ـ
اليمنى، الصادقة!
[[[
7
أشكرك, يا رب,
على المحيط وعلى اليابسة,
على الجسد البديع,
وعلى الروح الخالدة,
على الدم الحار
وعلى الماء البارد.
أشكرك على الحب ـ
وعلى الطقس أشكرك!
[[[
8
إلى آنا أخماتوفا
آه، يا موزا النحيب، الأروعُ من بين كلِّ الربات!
أنتِ، يا ابنة طائشة لليلةٍ بيضاء!
إنك ترسلين على روسيا زوبعةً ثلجيةً سوداء،
إنَّ عويلك ينغرز فينا، كما النبال.
أما نحن فنتنحّى خائفين، وآهٌ: صماء! ـ
تقــسم لــك ـ مئـة ألف مرة ـ
آنّا آخماتوفا! ـ هذا الاسمٌ ـ تنهيدة هائلة،
تسقط في أعماق بلا اسم.
نحن مُتوجون لأننا ندوس
معك أرضاً واحدة,
وأنَّ السماء فوقنا ـ أيضا واحدة!
وأن ذاك المصاب بجرح لمصيرك القاتل،
يستبدل مقصورة زائلة بأخرى خالدة .
ففي مدينتي الطروبة تتلألأ القباب،
وثمّة متشرد أعمى يُمجِّد اسم القديس سباس...
ـ وأنا أمنحك هدية ـ يا آخماتوفا!
مدينة كلها أجراس,
ومعها قلبي زيادة.
[[[
9
حدثينا عن الربيع! ـ
يقول الأحفاد للعجوز.
لكن العجوز هزّت رأسها
وأجابت بما يلي:
ـ الربيع مذنب،
الربيع مرعب.
ـ إذاً، حدثينا عن الحب! ـ
راح يغني لها الحفيد، الأجمل بين الكل.
لكن العجوز أجابت
وهي تحدِّق في النار:
ـ أواه!
الحب مذنب،
الحب مرعب!
وطويلا طويلاً عند الفجر
راحتِ البراءةُ تغني في الحوش:
ـ الحب مذنبٌ،
الحب مرعب...
[[[
10
( إلى ذكــرى سيرغي يسينين )
...وليس شفقةً ـ قليلاً عاش،
وليس مرارةً ـ قليلاً أعطى،ـ
طويلا عاش ـ مَن في أيامنا عاش,
كلَّ شيء أعطى ـ مَن أعطى أغنية.

1ـ المقصود هنا أيقونة السيدة العذراء (المترجم)

إبراهيم استنبولي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...