ماذا يريد ليبرمان؟!

13-05-2009

ماذا يريد ليبرمان؟!

الجمل: شهدت الفترة الماضية قيام وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان (زعيم حزب إسرائيل بيتنا) بجولات دبلوماسية شملت العديد من عواصم أوروبا الرئيسية: باريس – لندن – روما – براغ – برلين. وبرغم وضوح توجهات أفيغدور ليبرمان في السياسة الداخلية، فإن توجهاته الخارجية ما تزال تنطوي على قدر كبير من اللايقين.
* ماذا تقول المعلومات؟
شهد منزل السفير الإسرائيلي في إيطاليا جدعون مائير حدثاً مثيراً للانتباه ففي مساء يوم الاثنين قبل الماضي وقف السفير مائير وزوجته أميرا في استقبال ضيوفهم:
• رئيس المخابرات الإيطالية.
• رئيس لجنة شؤون المخابرات التابعة للبرلمان الإيطالي الذي يتولى في الوقت نفسه رئاسة البرلمان.
• وزير الشؤون الأوروبية في الحكومة الإيطالية.
• رئيس تحرير كبرى الصحف الإيطالية.
• العديد من الدبلوماسيين الإسرائيليين.
أما ضيف الشرف في هذه الدعوة فكان وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان الذي أكدت التسريبات أنه تحدث أمام المدعوين لأكثر من ساعتين حول توجهاته إزاء السياسة الخارجية الإسرائيلية الجديدة.
أبرز النقاط التي أشار إليها ليبرمان في حديثه تمثلت في الآتي:
• في عام 1938 تم التوقيع بواسطة الأطراف الأوروبية المتصارعة عشية الحرب العالمية الثانية على اتفاقية برلين التي تم بموجبها ضم إقليم "السوديت" لألمانيا، والآن توجد إمكانية لضم الأراضي الفلسطينية لإسرائيل.
• نجحت بريطانيا في التفاهم مع الجيش الجمهوري الإيرلندي الذي ظلت بريطانيا تعتبره منظمة إرهابية ضمن ما عرف بـ"اتفاق الجمعة العظيمة". والآن فإن إسرائيل لكي تقوم بالتفاهم والاتفاق مع الأطراف الإرهابية فإنها تحتاج لفترة طويلة قد تستغرق مئات الأعوام.
• توجد في جزيرة قبرص دولتان الأولى يونانية تتمتع بعضوية الاتحاد الأوروبي واعتراف عالمي، والثانية تركية لا تتمتع سوى بالاعتراف والتبعية لتركيا، والآن يمكن أن يستمر الوضع القائم في إسرائيل بحيث توجد دولة إسرائيل التي تتمتع بالاعتراف العالمي وتوجد الأراضي الفلسطينية ويتوجب على إسرائيل أن تجد مساعدة حلفائها في الدفع باتجاه عزل الأراضي الفلسطينية لتكون على غرار جمهورية قبرص التركية وهو أمر يتطلب العديد من السنوات ولكن عندما يتم ذلك فإن إسرائيل حينها تستطيع أن تصنع السلام.
إضافة لذلك، أشار ليبرمان إلى أدائه الشخصي ومواقفه على النحو الآتي:
• لقد سببت تصريحاتي عدم رضا الأطراف الأوروبية بما أدى إلى احتمالات نشوء التوتر بينها وبين إسرائيل، وأنا لن أغير آرائي وسبب جولتي بين العواصم الأوروبية الرئيسية هو شرح وتوضيح وجهات نظري بالقدر الكافي لجعلها مقبولة أوروبياً.
• بالنسبة لتساؤل الإيطاليين حول ملف بناء المستوطنات الإسرائيلية وملف أزمة الوضع الإنساني في قطاع غزة، فإنني من خلال جولتي الأوروبية هذه أسعى لمعالجة هذا الأمر، وأعتقد بأن وجود رئيس وزراء إيطالي مثل سلفيو برلوسكوني ووزير خارجية مثل فراتيني هو بالنسبة لي سيجعل من روما العاصمة الأوروبية الأكثر تفضيلاً ومحبة بالنسبة لإسرائيل في الوقت الحالي.
• بالنسبة للمساعدات الأوروبية للفلسطينيين فإن رئيس الوزراء برلوسكوني يعرف أكثر من غيره من الرؤساء والزعماء الأوروبيين، وقد سبق وحذر برلوسكوني الأوروبيين من مغبة تقديم المساعدات للفلسطينيين عندما علق قائلاً: "أعرف ذلك جيداً، فالكثير من الأموال التي تم تقديمها للفلسطينيين كان مصيرها الذهاب إلى حسابات الزعماء الفلسطينيين وهذا الأمر يجب ألا يتكرر".
• بالنسبة لمطالبة ليبرمان لعرب إسرائيل بضرورة أداء قسم الولاء لإسرائيل كدولة يهودية كشرط إعطائهم حق المواطنة فقد استطاع ليبرمان إقناع رئيس البرلمان الإيطالي الذي أكد قائلاً أنه يتوجب في ظل تزايد موجات الهجرة إلى أوروبا أن يشرع البرلمان الأوروبي قانون أداء قسم الولاء
لأوروبا وعلى البرلمان الإيطالي أن يشرع قانون قسم الولاء إيطاليا.
أكمل وزير الخارجية الإسرائيلي أجندة زيارته إلى إيطاليا وبعد ذلك غادر إلى العاصمة الفرنسية وبالنسبة لما حدث في باريس وتقول المعلومات ما يلي:
• استقبل المسؤولون الفرنسيون وزير الخارجية الإسرائيلي بشيء من التوتر.
• اكتفى ساركوزي بإرسال رئيس مكتبه لمقابلة ليبرمان.
• اكتفى رئيس مكتب ساركوزي بتقديم "رسالة عامة" للوزير ليبرمان.
• التقى ليبرمان بنظيره الفرنسي برنار كوشنير.
• اتفق ليبرمان مع كوشنير حول طهران ولكنهما اختلفا بحدة حول القضايا الأخرى وتحديداً تلك المتعلقة بالسلام في الشرق الأوسط.
• أكد الوزير الفرنسي أمام ضيفه ليبرمان ضرورة أن تقوم المحكمة الإسرائيلية الجديدة بإجراء ما يلي:
- تجديد عملية سلام الشرق الأوسط بأسرع فرصة على أساس اعتماد حل الدولتين.
- التوقف الكامل عن بناء المستوطنات الإسرائيلية.
- تفكيك وإزالة الحواجز ونقاط التفتيش الخارجية.
- فتح المعابر مع قطاع غزة.
• أصدر مكتب وزير الخارجية الفرنسي إعلاناً صحفياً رسمياً أوضح فيه وجهة النظر التي طرحها كوشنير لضيفه ليبرمان.
أما بالنسبة لجولة ليبرمان في ألمانيا وبريطانيا والتشيك، فبرغم قلة المعلومات فإن التسريبات المتوافرة تشير إلى الآتي:
• التأكيدات الإسرائيلية المتواترة بأن ليبرمان سعى من خلال جولته الأوروبية إلى القيام أولاً بشرح توجهات السياسة الخارجية الإسرائيلية الجديدة وثانياً إلى التعرف على ردود الأفعال الأوروبية وثالثاً إلى العمل لاحقاً من أجل تقديم السياسة الخارجية الإسرائيلية بما يتيح لإسرائيل تفادي حدوث أي صدام مع حلفائها الأوروبيين.
• زيارة ليبرمان إلى عواصم: روما – لندن – باريس – براغ – برلين، سيظل مضمونها ووقائعها في طي الكتمان على السواء عن الإسرائيليين والأوربيين.
* دبلوماسية ليبرمان: ماذا يحمل جدول أعمال السياسة الخارجية الإسرائيلية الجديدة؟
اعتمدت تسيبي ليفني نموذجاً دبلوماسياً خاصاً بها، وبما يتناسب مع توجهات حزب كاديما المتأرجحة بين يمين الوسط ويسار الوسط، ولكن ليبرمان سيجد صعوبة بالغة في تطبيق النموذج ذاته بسبب:
• أطروحات ليبرمان خلال فترة وجوده في المعارضة كانت انتقاداً لتوجهات دبلوماسية ليفني وبالتالي فإن تطبيقه لنفس النموذج سيجعله فاقداً للمصداقية أمام شرائح الرأي العام وأنصار "إسرائيل بيتنا" الذين ساندوه في الانتخابات الأخيرة.
• لأن ليبرمان نفسه وبطبيعته اليمينية المتشددة لن يستطيع أن يتبنى أجندة ليفني الخارجية.
• إن تبني أي توجهات دبلوماسية غير متشددة في الوقت الحالي سيترتب عليها الإضرار بموقف ليبرمان داخل الكنيست وفي علاقته بزعيم الليكود ورئيس الوزراء بنيامين نتينياهو.
على هذه الخلفية، ما هي مذهبية ليبرمان في السياسة الخارجية الإسرائيلية أو بالأحرى ما هو "مبدأ ليبرمان" الذي سيلعب دوراً حاكماً في الأداء السلوكي الدبلوماسي الخاص بالسياسة الخارجية الإسرائيلية الجديدة؟ وهل حقاً يستطيع ليبرمان وضع مثل هذا المبدأ في ظل وجود زعيم الليكود القوي نتينياهو كرئيس للوزراء واستعانته بالدكتور عودي عراد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي؟
من خلال الأداء السلوكي الدبلوماسي الذي عكسته تحركات الوزير ليبرمان يمكن الإشارة إلى الملاحظات الآتية:
• إعجاب ليبرمان بما يمكن أن تطلق عليه تسمية "النموذج القبرصي" وبالتالي فمن الممكن القول أن دبلوماسية ليبرمان ستدفع خلال الفترة القادمة باتجاه إسقاط معطيات النموذج القبرصي على الواقع الفلسطيني.
• اعتماد ليبرمان على ما يمكن أن تطلق عليه تسمية "نموذج السوديت" وبالتالي فإن مساعيه تهدف إلى تمهيد المسرح الإسرائيلي والإقليمي والدولي لضم الأراضي الفلسطينية.
• اعتماد ليبرمان على ما يمكن أن نطلق عليه تسمية "نموذج الشين بيت" وبالتالي فإن مساعيه ستهدف إلى تمهيد المسرح الدبلوماسي من أجل قبول  مبدأ عدم التعامل مع الأطراف الفلسطينية في الوقت الحالي على أمل أن يتم ذلك بعد فترة طويلة قادمة متى ما توفرت الظروف المناسبة لإسرائيل للقيام بذلك.
على هذه الخلفية تقول التسريبات أن ليبرمان نجح في إقناع الإيطاليين بقبول استراتيجية أن تعمل إسرائيل من أجل السلام ولكن بدون حل الدولتين.
وتشير المعطيات الجارية إلى أن ليبرمان سعى إلى تحقيق المزيد من التقدم عن طريق محاولة إقناع العواصم الأوروبية ومن الممكن أن يكون قد أقنع توبولانيك الذي يتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي وإن يكن ذلك فإنه سيكون إقناعاً بلا جدوى لأن توبولانيك (حليف إسرائيل وإدارة بوش) تم إسقاط حكومته بواسطة البرلمان التشيكي وتفادياً لفقدان منصب رئاسة الاتحاد الأوروبي فقد وافقت الأطراف التشيكية أن يستمر توبولانيك في تصريف أعباء رئاسة الاتحاد الأوروبي كمكلف بواسطة الحكومة التشيكية وبالنسبة لبريطانيا تقول المعلومات والتسريبات الإسرائيلية أن ليبرمان سيجد عند الاجتماع مع وزير الخارجية البريطاني أنه يقف في مواجهة خصم عنيد خاصة وان ميلباند من أبرز السياسيين البريطانيين المؤيدين لحل الدولتين.
بعد لقاء نتينياهو مع الرئيس الأمريكي أوباما فإن دبلوماسية ليبرمان ستجد نفسها في مفترق طرق لأن سيناريو خلاف نتينياهو – أوباما سيجعل ليبرمان مضطراً إلى تجميد تحركاته وسيناريو استمرار حالة اللاخلاف – اللاتوافق سيجعل من ليبرمان أكثر سعياً للضغط على الأوروبيين لإبداء الموافقة على غرار النموذج الإيطالي أما سيناريو التوافق فهو على الأقل غير وارد في هذه الفترة بل ومن المستحيل حدوثه في ظل التصريحات الأمريكية الأخيرة التي بدت أكثر تشدداً في جهة الضغط على الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...