مخاطر المعبر البديل مع الأردن

16-04-2015

مخاطر المعبر البديل مع الأردن

أجاب وزير الاقتصاد عن سؤال «الأكثر تضرراً» من إغلاق معبر «نصيب» الحدودي مع الأردن، مستبطنا بديهية أن سورية حظيت بالحصة الأقل قياساً بما طال البلدين الشقيقين: لبنان والأردن.

كلام الوزير، لاقاه رجال أعمال واقتصاديون بكلام موارب، إذ نقل عنهم قولهم بجوهرية المعبر في دورة الاقتصاد الوطني، تأسيساً لاستعجال تفاهم ما، يفضي -بالتعدي- لافتتاح معبر في محافظة السويداء يقابل نقطة «الرويشد» الأردنية؟.

الإجابة الحاسمة عن أثر توقف المعبر على اقتصادنا الوطني، واستبداله بآخر، تبدو أكثر تعقيداً مما تظهر عليه، فتبعاً للحرب الاقتصادية والأمنية التي تشن على سورية، وموقع الجار الأردني منها على صعيد عام، وفي المناطق المتاخمة للمعبر بشكل أكثر تركيزاً، إنما ترتسم أنساق مختلفة لأهمية تجارة ترانزيت والصادرات وغيرها.

فمع الاعتبار لحيوية المعابر بين الدول، لا يجدر بالحكومة اتخاذ قرار «متسرع» باستبدال معبر نصيب بآخر، قبل الإجابة عن السؤال المعكوس لسؤال «الأكثر تضرراً» السابق، وهو: أي الاقتصادين؛ السوري أم الأردني سيفيد أكثر إن تم فتح معبر «السويداء- الرويشد»؟.

الإجابات الممكنة عن السؤال الأخير تفترض أن تستند على تأكيد رئيس جمعية الصرافين الأردنيين مطلع الأسبوع الجاري بأن «إغلاق بلاده لحدودها مع سورية أفضى لتوقف نشاط شركات الصرافة... باستثناء الطلب على الدينار الأردني»، وأن «حجم تعاملات شركات الصرافة الأردنية في 2014 بلغ 14 مليار دولار بنمو 5% عن 2013»؟!.

وما لم يكن إعلان رئيس جمعية الصرافين مجرد تضليل أمني أردني، أو مبالغة لإبراز أهمية العلاقة الاقتصادية مع سورية، يجب علينا التدقيق بما اختزنه من معلومات صادمة لقطاعنا النقدي، فإن اتفقنا على أن شلل قطاع الصيرفة الشقيق» جراء توقف نشاطه واقتصار عملياته على الدينار» تصلح ترجمته كتراجع بحدود 50% في أعماله، فهذا يعني أن المليارات الـ14 من الدولارات التي تداولها العام الماضي، تم على ضفتها الأخرى تداول ما لا يقرب من 2000 مليار ليرة سورية!... إن صح الأمر ولو بأقل ما عرض آنفا، فإن توقف «نصيب» أشبه بقدر كشف لنا عن أخطر قنوات ترابط أسواقنا السوداء الممتدة من داخل سورية  إلى خارجها؟!

بيانات التبادل التجاري عبر «نصيب» التي يتم التعويل عليها لتسريع إقامة معبر بديل، هي الأخرى موضع شك، فما قيل عن مراوحتها بين 2- 3.5 مليارات دولار سنوياً، ليس سوى أقاويل بليدة يفندها قياس مضامينها بالعائدات التي حققتها إدارة الجمارك العامة خلال نشاط المعبر سابقاً.

مشكلة المعابر مع الأردن لا تتوقف هنا، فقياساً إلى ما جرى في مناطقنا المتاخمة للجار الآخر التركي، وقيام الشقيق الأردني بخطوة أكثر وقاحة حين أدخل جيشه الملكي  إلى مناطقنا السيادية المشتركة، يتطلب سوء الظن منا أن نتوقع قيام تنظيم القاعدة «المعارض» باستنساخ اعتماده لليرة التركية ضمن مناطق يسيطر عليها شمال سورية،  إلى جنوبها بالدينار الأردني، بما يحقق للشقيق الجنوبي اقتناص كتلة وازنة من الإنتاج الزراعي هناك عبر تداولها بعملته، وهذا أمر سيعود بمنافع أكيدة على اقتصاده وبمضار أكبر علينا، لتتجلى معادلتنا مع المعبر الجديد كاستسلام «لأمر واقع» يستعيد معه الأردن مكاسبه السابقة واللاحقة، على حساب ما قد نكون ربحناه مؤقتاً ساعة إغلاق القديم.

لا شك بأن استبدال معبر «نصيب» المغلق بآخر، أمر حيوي، لكن الظروف اللا تقليدية القائمة، تحتم على وزير الاقتصاد ذي القدرة المشهودة على تحسس المخاطر التي اعتملت اقتصادنا الوطني، تقديم دراسة مقاسة بميزان مكاسبنا وخسائرنا قبل اتخاذ الحكومة قراراً بذلك، فعلى الرغم من أن افتتاح معبر بديل لن يوقف نزفنا النقدي كلياً، فإنه سيسهل استئناف النزف بوتائره السابقة، وهذا أمر يتطلب استنساباً دقيقاً مع ما نتوقع تحقيقه بالمعبر الجديد.

علي هاشم

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...