مصر: حفارات تجرف تاريخ «بين الجبلين»
تعد مهمة إدارة الآثار المصرية القديمة في الوقت الراهن أكثر تعقيدا منها في عهد حسني مبارك، في ظل صعود الإسلاميين وما صاحبه من دعوات متشددة أدت الى تدمير العديد منها بدعوى أنها منافية للإسلام. كما ان الاضطراب الامني في كثير من المناطق المصرية أطلق العنان لجماعات منظمة تختص في سرقة الآثار وتهريبها.
وكشف مثقفون وأثريون مصريون، أمس الأول، عن تعرض عشرات المقابر والمعالم الأثرية التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين لاعتداءات وعمليات سطو ونهب في منطقة بين الجبلين في جنوب الأقصر وسط حالة من الغضب والاستياء في أوساط الأثريين الذين كشفوا عن تعرضهم للضرب من قبل المتعدين.
وكشفت مصادر في منطقة آثار الأقصر، أن آثار منطقة بين الجبلين الواقعة على بعد 20 كيلومتراً شمالي مدينة اسنا تتعرض لاعتداءات علنية، بحضور الأثريين الذين يعجزون عن التصدي للمعتدين في ظل تجاهل الشرطة للبلاغات المقدمة وفقا لصحيفة الوفد المصرية.
وقال أثريون إن المنطقة تتعرض لاعتداءات على معالمها الأثرية «في وضح النهار وباستخدام معدات وحفارات ضخمة تسبب دخولها إلى المنطقة في انهيار عدد من مقابرها الأثرية المبنية بالطوب اللبن، ودمار كبير لمعالمها التاريخية».
وتعاني السياحة المصرية من أزمات متعددة كان آخرها مقتل أكثر من عشرين سائحا إثر انفجار منطاد في مدينة الأقصر. وتوقع خبراء في وقت سابق أن يؤثر الحادث الأخير على قطاع حيوي يشكل أحد أعمدة الاقتصاد المصري المتعثر بسبب الأزمة السياسية المستمرة في البلاد.
وتقع منطقة الاقصر الغنية بالآثار على بعد 700 كيلومتر من القاهرة وهي الاكثر جذبا للسياح في مصر.
وتعد المناطيد فوق الاقصر من ابرز الانشطة الترفيهية التي يحرص عليها مئات السياح اثناء زيارتهم للمدينة.
وتعاني مصر تراجعا حادا في عائدات السياحة احدى الركائز الاساسية للاقتصاد المصري في اعقاب الانتفاضة الشعبية التي اسقطت الرئيس المصري السابق حسني مبارك في شباط العام 2011.
وادى تراجع السياحة في مصر الى بقاء آلاف من الذين يعملون في هذا المجال بلا عمل. وتراجعت واردات مصر من السياحة من 15 مليار دولار في العام 2010 الى تسعة مليارات دولار في العام 2012، بحسب تصريحات لوزير السياحة المصري في كانون الثاني الماضي.
كذلك، توقفت أعمال التنقيب التي تقودها الوزارة بسبب نقص التمويل. وتسببت الاضطرابات أيضا في توقف الكثير من عمليات التنقيب الممولة باستثمارات أجنبية بسبب خوف علماء الآثار.
غير ان وزير الدولة لشؤون الآثار في مصر محمد إبراهيم يرى ان هناك بارقة أمل لمستقبل بلاده في ماضيها الفرعوني. وشبه الوزير الاضطرابات الحالية التي تعاني منها البلاد بعد حقبة الاستبداد بفترات التدهور التي عانى منها بلد النيل بين سقوط وقيام الممالك الفرعونية الثلاث.
وفي ظل تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالقاهرة وصلت مطالب البعض الى اقتراح تأجير المناطق الأثرية الشهيرة للشركات العالمية.
وحسمت وزارة الدولة لشؤون الآثار بمصر في وقت سابق الجدل المثار حول مشروع يسمح لشركات السياحة العالمية بتأجير المناطق الأثرية الشهيرة مثل الأهرام وأبو الهول ومعبد أبو سمبل ومعابد الأقصر والانتفاع بها قائلة إنها رفضت هذا الاقتراح.
وقوبل الاقتراح الذي أثارته وسائل إعلام مصرية برفض شعبي وسخرية المواطنين والأثريين.
(«ميدل ايست اونلاين»)
إضافة تعليق جديد