معرض دمشق للكتاب بربع فعالياته المعتادة

21-09-2011

معرض دمشق للكتاب بربع فعالياته المعتادة

لا معنى للإصرار على إقامة معرض الكتاب السنوي في دمشق في هذه الظروف إلا لإثبات أن «سورية بخير»، حسب الشعار الإعلاني الرسمي الأكثر تداولاً في العاصمة السورية اليوم. لكن كل ما تفعله الجهات المعنية بفعاليات من هذا النوع هو إثبات العكس، فليست الأمور على يرام، أو على الأقل على ما تروم هذه الجهات.
لم يكن المعرض (الذي عقد بين الثامن والثامن عشر من الشهر الجاري) سوى ثلاث صالات عرض، هي بالنسبة للمعرض نفسه العام الفائت أقل من الربع. فيما يغيب العديد من دور النشر السورية البارزة، بعضها بسبب عناد إدارة المعرض التي تصرّ على تجاهل الأوضاع الاقتصادية، وفرض رسوم للاشتراك كما لو أن الأمور بخير فعلاً. هكذا غابت دور مثل دار دمشق، العوام، العلا، الحصاد، بترا، أطلس، الزمان، حوران، الأوائل، قدمس، التكوين، ودار ممدوح عدوان، وسواها.في المعرض
لكن مدير المعرض أكد أن ذلك الإحجام جاء «رغم التسهيلات التي قدمت بخصوص تخليص البضائع، وحتى على مستوى تسديد تكاليف تجهيز المعرض، وإلغاء جزء من الرسوم، وتجهيز صالات حديثة ومكيفة».
بعض الناشرين يتحدث بنبرة احتجاجية ضد إدارة المعرض، والبعض الآخر يقولها ببساطة أن لا جدوى من المشاركة في معرض يعود عليه بالخسارة، فمن يلتفت إلى معرض للكتاب في هذه الظروف. لكن بعض الناشرين السوريين لم ينف، ولو همساً، أي من دون بيان معلن، أن احتجاجه سياسي أيضاً. معتبراً أن من غير المقبول هذا الامتهان للناشر في ظل دعوات الإصلاح.

غياب كبير وواضح لدور النشر العربية، المصرية منها خصوصاً، فمن حضر بضع دور ليس بينها «مدبولي» ولا «الشروق». ومع حضور حوالى خمسين دار نشر لبنانية يمكن القول إن المعرض كان لبنانياً بامتياز، وقد شاركت دور بارزة مثل «الساقي»، «الفارابي»، «الآداب»، «العودة»، «بيسان»، «المؤسسة العربية للدراسات والنشر»، «مؤسسة الانتشار العربي»، «الريس» وغيرها. بعض اللبنانيين لا ينفي أنه جاء «دعماً لسوريا»، البعض الآخر قال إنه لا يجوز ألا يشارك في معرض سوري بغض النظر عن الموقف السياسي، فيما قال ناشر بارز، في حديث فيسبوكي، رداً على سؤال حول تفسير حضوره في الوقت الذي يغيب فيه نصف الناشرين السوريين احتجاجاً «نشارك في كل المعارض العربية ولا نعاقب القارئ ولا الكتّاب العرب والسوريين». في النتيجة معظم من سألناهم تحدثوا عن خسارة فادحة لم تغط تكاليف المعرض، فيما تحدث قلة من الناشرين عن بيع كما المعتاد، مستفيدين على ما يبدو من غياب زملائهم.
الغائب الأكبر في المعرض كان تجار الجملة، الذين يعول عليهم عادة في كل المعارض العربية، فلا تجار عرباً أو حتى سوريين حملوا عبء الختام، على ما قال أحد الناشرين. وبالطبع فإن الأزمة تقريباً تشمل المنطقة برمتها، ريثما يأخذ الناجون من ثورات بلدانهم أنفاسهم ويرتبون أوضاعهم من جديد.
أما السؤال عن أنشطة وفعاليات ثقافية فقد يكون فائضاً عن الحاجة، فمن يريد، في ظل قوانين صارمة تحرم الاجتماع خشية التظاهر، أن يهيئ الناس ويمنحهم فرصة للاجتماع وربما التظاهر؟ فلا أمسيات شعرية، ولا محاضرات، حتى ولا تلك اللقاءات العابرة التي يأملها المثقفون الذين يتفقدون أصدقاءهم السنويين في المعرض، وقد كانت ملاحظة أصحاب دور النشر الأبرز أنهم لم يلتقوا بالوجوه التي اعتادوها وانتظروها في المعرض. لذلك فإن أكبر فعالية استضافها المعرض هي توقيع كتاب سمير القنطار في دار الساقي، ولم نسمع حتى عن توقيع كتاب آخر.
في النتيجة جاء معرض الكتاب مقياساً لحال الناس، وللأثر الاقتصادي للأوضاع السائدة على حياتهم، فهنا اكتشفنا أن الأثر قد وصل حتى إلى هذه السلعة الهامشية، الكتاب. يقول الناشرون؛ منذ بداية العام قليلة هي العناوين الجديدة التي طبعت، كذلك فإن مستودعات للكتب أقفلت، كما جرى تسريح موظفين.
هذه المرة أخطأت إدارة المعرض، كما الناشرون، في التعويل على قارئ مغامر سيقتحم قسوة الحواجز للوصول إلى كتابه المفضل. القارئ السوري اليوم هو إما في سجن، أو في الطريق إليه.

راشد عيسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...