من أم كلثوم إلى أصالة نصري:فنانون يكتبون الزوايا الصحافية

21-06-2006

من أم كلثوم إلى أصالة نصري:فنانون يكتبون الزوايا الصحافية

الجمل- محمد منصور:  بعض الفنانين السوريين مشغولين في هذه الآونة بكتابة الزوايا الصحفية الأسبوعية في الصحف والمجلات... وهم بذلك لا يزيدون من نجوميتهم وحسب، بل ربما يزيدوا حالة البطالة المقنعة التي يعيشها الصحفي السوري داخل مؤسسته الصحفية أو خارجها!
• بسام كوسا.. في ملعب الثورة!
قبل عامين، وحين كان الدكتور فايز الصايغ مدير عام جريدة الثورة، أطل الفنان بسام كوسا على قراء الجريدة..
بزاوية أسبوعية في الصفحة الأخيرة... الأمر في البداية كان أشبه بالمفاجأة، رغم أن المتابعين يعرفون جيدا... أن بسام كوسا أصدر مجموعة قصصية من قبل تحت عنوان (نص لص) لكن الأمر بدا مختلفا... وخصوصا حين استمر بسام في الكتابة لأشهر عدة... ولم يكن الهدف كتابة مقالة فشة خلق وكفى.
وإذا أردنا أن نقيم تجربة بسام كوسا في الكتابة الصحفية، لأمكن لنا أن نتعامل معه باعتباره ضيف شرف على الصحافة ليس إلا... وعادة يقبل من ضيف الشرف ما لا يقبل من سواه من أبناء البيت... سواء تعثروا في الكتابة أحيانا، أو حاولوا رفع سقف الصحافة أحيانا أخرى!
وفي كل الأحوال لم يستمر بسام في الكتابة الصحفية الأسبوعية طويلا... وسواء كان سبب التوقف هو شخصي محض، يتصل بانشغالاته الفنية، أو كان السبب أجواء الصحافة السورية ذاتها، فإن الأمر في كلتا الحالتين يشير إلى أن مهنة المتاعب لا تتيح مجالا طويلا للتنزه في حدائقها، وخصوصا حين يكون لدى المرء خيارات أخرى!
• رغدة: الافتعال والتصنع الأدبي!
ويبدو أن تجربة بسام كوسا... ليست مثالا وحيدا، فهاهي الفنانة السورية رغدة، تواظب منذ أكثر من عام على كتابة زاوية أسبوعية في مجلة (الصدى) الإماراتية تحت عنوان (ورقة حرة)... وعلى الورقة الحرة، تترك رغدة إيميلين بدل إيميل واحد، لمن يريد مراسلتها أو مناقشة كتابتها.
ولرغدة كما بسام كوسا، صلة ما بالأدب... فهي تكتب الشعر- كما يقال- وشعرها الذي قرأت بعض قصائده المنشورة في المجلات متوسط القيمة في أحسن الأحوال، ولو أن امرأة أخرى تكتبه غير رغدة الممثلة المعروفة والنجمة السينمائية، لكان له مصير آخر.. غير الاحتفاء الكبير الذي تلقاه قصائدها في النشر والإخراج، وفرد الصفحات الملونة.. التي تتصدرها صورتها دائما، وهي تسرح في نظرة أدبية حالمة. أما في مجال الكتابة الصحفية الأسبوعية... فرغم لغة رغدة المتماسكة والحق يقال، ورغم بعض اللقطات الذكية التي نلمحها في زواياها أحيانا... فإن قدرا كبيرا من الافتعال والتصنع الأدبي يطغى على تناولها للأفكار ومعالجتها لها. فرغدة الكاتبة لا تحب البساطة، بقدر ما تحب استعرض العضلات... وفذلكة الأفكار والحالات الواضحة.. كي لا يقال أنها متعدية على الكتابة، وأن أسلوبها هو أسلوب السهل غير الممتنع.. وعلى سبيل المثال، وكي لا نبدو أننا نرمي التهم جزافا، نقرأ في إحدى زوايا رغدة الصحفية والتي تتحدث فيها حالة حياد المشاعر التي باتت تعتري الكثير من الناس اليوم... نقرأ ما نصه:
( أزمة من أزمات هذه الأيام، بما يخص أكثر البشر أنهم حايدوا وتحايدوا مع الحياد، شربوا نخبه حتى ثملوا بذاتهم وذاتهم فقط... بل انصهروا فيه عمليا، وتزينت مواقفهم بالصمت، تدق بوارج الآخرين باستغاثاتهم، أينما حلت بهم بحور النكبات والآلام... فلا تجد لها ميعنا أو محاولة تكاتف ولو ضيئلة حتى، يتصنع الآخرون الاهتمام بالآخرين، شكلا من أشكال التجمل، هو أقرب إلى القناع الأخير لأي بلياتشو، فبعد قليل سيسقط عن الوجه المتجمل بمساحيق اهتمام إلى حين قليل.. ويظهر الوجه على حقيقته، مهما داعبه النفاق والكذب.. وزغزغت جوانبه بعض رجاءات الآخرين، إلا أن المشاعر في طريقها المنفرد المنعزل، أدمنت على ما يبدو كوكايين الحياد، ولم يعد بالإمكان صحوتها مهما كانت المواقف شديدة اللهجة أو الخطورة، التي تحف بمن خارج ملاعبهم أو مصالحهم)  وقد آثرت أن أثبت هذا القسم من زاوية السيدة رغدة، دون اقتطاع، كي لا يقال أنني شوهت المعنى باسقاط أجزاء منه، كما أعدت تدقيقه مرارا، خشية أن يظن بعض القراء... أن خطأ تقنيا قد شوه هذه الكلمات العذبة... التي يبدو الافتعال والجمل المفككة سمة أساسية فيها ، إذ أن القول: (مهما كانت المواقف شديدة اللهجة أو الخطورة التي تحف بمن هم خارجهم ملاعبهم أو مصالحهم)  كان يمكن أن يكون أفضل بكثير لو صيغ على النحو التالي: (مهما كانت المواقف التي تحف بمن هم خارجهم ملاعبهم أو مصالحهم، شديدة اللهجة أو الخطورة) وهذا طبعا أهون الشرور في هذه المقالة التي تفصح عن نفسها.
وتختار رغدة موضوعات متابينة لزاويتها... فمرة تكتب عن سعاد حسني ومرة عن أحمد زكي، وفي مرة ثالثة، تكتب عن الخدمة السيئة في أحد الفنادق اللبنانية التي لم تبادر لإسعافها كما يجب حين ألمت بها وعكة صحية وارتفعت حرارتها... وفي مرة رابعة تكتب عن عمرو دياب لتثني على نجاحاته المتواصلة ، وتدعو له بالصحة والشباب... قبل أن توجه له النصائح بأن لا ينساق نحو تزييف الصور وبرمجتها (لحساب شكل لا مضمون عقلاني) على حد تعبيرها!
• أصالة نصري: انشغالات الفن أم الكتابة؟!
وثمة حالة غريبة ومفاجئة في كتابة الزاوية الصحفية الأسبوعية، هي حالة الفنانة أصالة، التي باتت تكتب اليوم، زاوية أسبوعية في مجلة (زهرة الخليج)، تحت عنوان (صوت على الورق) وهو عنوان معبر بالفعل، لأن أصالة بالنسبة لنا هي صوت قبل كل شيء... ويبدو أن هذا الصوت أراد أن يغني على الورق هذه المرة وعلى طريقته!
وحالة أصالة مفاجئة بالفعل.. فهي بخلاف بسام كوسا ورغدة لم يكن لها صلة بالأدب والكتابة يوما، وهي تذكرني بحالة الاستغراب التي انتابتني منذ سنوات حين أخذ نجدت أنزور ينشر زاوية أسبوعية في مجلة خليجية أسبوعية استمر يكتبها لأشهر عدة!
أعود لأصالة التي تبدو انشغالاتها كمطربة، ونجمة مشهورة كانت تعيش أوضاعا صعبة بعد انفصالها ثم زواجها الثاني، وصراعها مع الصحافة الفضائحية التي حاولت النيل منها شخصيا وبطريقة قذرة بسبب هذا الزواج، لأتساءل: من أين ستجد الوقت للتفرغ لكتابة زاوية أسبوعية؟!
طبعا كتابة الزاوية الأسبوعية بالنسبة لكاتب محترف قد تبدو أمرا يسيرا أو ممتعا، لكن مع مطربة مثل أصالة.. لا تربطها بممارسة الكتابة صلات قربى، إلا كالتي تربط محمد حسنين هيكل بفن الغناء.. فالأمر يحتاج إلى أكثر من (صفنة)!
وعلى أية حال.. فأصالة مستمرة في الكتابة الأسبوعية رغم كل شيء... وهي في كتابتها، أو في النصوص المنسوبة لها، والتي تحمل توقيع: بقلم أصالة نصري... تبدو أقل تكلفا، وأسلس عبارة... فهي لا تختار مفردات صعبة، وتحتاج إلى تفسير أو تحرير، كما أنها لا تختار موضوعات ذات مسحة ثقافية بحتة... فتارة تروي لنا قصة صديقتها التي خانها زوجها، وأخذ مالها وعمرها وطفولة حلمها وشوه ذاكرتها، وأخرى تتحدث عن قواعد النميمة في الأوساط الاجتماعية وقسوتها المتناهية... وثالثة توجه رسالة إلى ميادة الحناوي، لتعمق أواصر الصداقة والمحبة، بعد أن طويت صفحة خلافهما الشهيرة بسبب غلطة مونتاجية في إعلان لقاء مع أصالة وردت فيه عبارة (ميادة حناوي... ختيارة)
لكن رغم بساطة العبارة.. فإن الرغبة في التفلسف تطل أيضا في زواياها المنشورة... وبالطبع لا يستطيع أن يستوعب المرء أن الصياغة الصحفية النهائية هي لأصالة، لأن في بعض الزوايا أفكارا تحتاج لكاتب كي يلتقط صياغتها ومفارقاتها من قبيل: (وإذا حللنا واقع الحياة التي نحيا، ووقفنا عند جملة كثيرا ما نقرأها، وهي "أنصاف المواهب" سنعلم أن هؤلاء النصف الآخر عرفوا كيف يديرون شوؤن أنفسهم.. وفي السياسة أيضا هناك أنصاف رجال سياسة لأنهم في النصف الآخرون يكذبون... وفي الطب هناك أنصاف أطباء، لأنهم بالنصف الباقي ينصبون، وفي الهندسة أنصاف مهندسين، لأنهم بالنصف الباقي يسرقون)!!
• أم كلثوم إبراهيم سبقتهم!
أخيرا ونحن نتساءل ما الذي يريده الفنانون من الكتابة الصحفية، فالأمر في رأينا قد يتحول إلى وسيلة أخرى من وسائل التجميل... رغم أن الكتابة في جوهرها أبعد ما تكون عن ذلك... فالفنان يجد أحيانا في الكتابة فعلا مؤازرا لنجوميته، ويجد فيها شرفة يطل منها على جمهوره من عل، ليقول له بقلم الكاتب، ما يريد أن يقوله بلسان الفنان ولمصلحة ذاته الفنية وليس لرسالته ككاتب...
على أن ظاهرة اتجاه الفنانين بالكتابة للصحافة ليست جديدة... فأم كلثوم أيضا، كانت تكتب مقالات أحيانا، لكنها لم تكن تكتب زاوية أسبوعية بشكل منتظم كما يفعل بعض فنانينا اليوم..
ففي أربعينيات القرن العشرين كتبت أم كلثوم بعض المقالات الصحفية التي كانت توقعها باسم أم كلثوم إبراهيم.. ومن يقرأ بعض تلك المقالات التي أعادت نشرها مجلة (الأيام ) للصحفي عامر بدر حسون في السنوات الأخيرة، يدرك أن أم كلثوم كانت تملك – إلى حد ما- قلما رشيقا عذبا، وحسا ساخرا وناقدا..
وقد كتبت أم كلثوم عام 1944 مثلا.. مقالا لاذعا عن بعض الصحفيين الذين يبحثون عن الإثارة الصحفية من دون اهتمام بالعمق واحترام الاختصاص.. فقالت: المصيبة أنهم حين يفكرون في حديث لا يختارون الأشخاص المختصين في الموضوع.. فيسألونني عن رأيي في الزواج.. أو موعد انتهاء الحرب.. وأنا لم أتزوج بعد حتى أتحدث عن الزواج،  ولم أتشرف بزيارة ميادين القتال حتى أتنبأ بموعد انتهاء الحرب! 
وأضافت أم كلثوم في انتقادها للصحفيين وتطفلهم: يسألونني عن الحرب ويسألون الطبيب عن الزراعة وزكي مبارك عن الأدب..  ولو كنت صاحبة جريدة أو مجلة لكافأت بالفصل النهائي   كل محرر بهذا الشكل!
وفي مقالة أخرى نشرت عام 1948 كتبت أم كلثوم عن علاقتها بأحمد رامي.. فعبرت بقلمها عن شخصية شاعر الشباب بأناقة وإيجاز قائلة: (مجموعة روحانية من الإحساس الملهم، والثورة العميقة المكبوتة.. والهدوء الرزين مع  ظرف نادر وخيال محلق وخاطر سريع وإخلاص لذات الإخلاص.. ذلك هو رامي شاعر الشباب والفنان الذي جدد شباب الأغاني المصرية.)
وفي كل الأحوال تبقى هذه الظاهرة، محكومة بالصدق في التعامل مع الكتابة في النهاية، ومع مراميها ورسائلها الحقيقة، بعيداً عن بريق النجومية المستعار من الفن.. وبعيدا عن أي ادعاء أو تزييف..  بما في ذلك أن يكون الفنان بالفعل هو من يكتب المقالات حقيقة، ولا يوقعها باسمه فقط!


                                                الجمل

إلى الندوة

التعليقات

والله أمرك غريب با أخي يا ريت كنت كتبت عن تطفل عارضات الأزياء و مقديمي البرامج و بنات الإعلانات على الفن يعني كتير عجبك صوت رزان المغربي أو هيفاء وهبي أو دانا وفرفورة هذا هو الغلط مو الغلط إن فنان يكتب والله إن الفنان بيعبر عن رغبة الجمهور يعني لا تزعل يا أخي الكريم مقالك سيء جداً بيعبر عن غيرتك منهم إكتب متلهم و العالم بيقرأوا مقالاتك بدل ما تهزء العالم.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...