من يبكي على «فتح»؟

21-05-2006

من يبكي على «فتح»؟

تتعرض منظمة «فتح» الآن لامتحان تاريخي‚ فمن الواضح ان هناك انقساما في داخلها‚ وهذا الانقسام لابد ان يؤثر على وضع «فتح» في الانتخابات التي سوف تجرى في يناير القادم‚ وهناك مؤشرات كثيرة في الانتخابات البلدية السابقة تدل على ان حماس سوف تتقدم وتصبح هي المنظمة السياسية رقم واحد في فلسطين‚ بعد أن احتكرت «فتح» المكانة الاولى بين منظمات المقاومة الفلسطينية لمدة تقترب من اربعين سنة متواصلة‚ والسؤال الآن هو هل هناك من سوف يبكي على فتح عندما تتراجع الى المرتبة الثانية أو الثالثة في الانتخابات التشريعية القادمة؟ لا اعتقد ان هناك من سوف يبكي عليها سوى ابنائها من الحرس القديم الذي لابد ان يخسر ما كان له من نفوذ كبير داخل السلطة‚ على اعتبار ان «فتح» هي حزب السلطة وحتى الآن وانها هي الحزب الذي عقد مع الاسرائيليين صفقة اوسلو‚‚ وقد اعطى الشعب الفلسطيني لاتفاقيات اوسلو فرصة واسعة امتدت من 1993 الى أواخر سنة 2000‚ ولكن الفلسطينيين لم يحصلوا على شيء خلال هذه السنوات‚ فلا السلام تحقق ولا الدولة الفلسطينية قامت ولا ارض الضفة تحررت ولا استطاع احد ان يرغم اسرائيل على وقف بناء المستوطنات أو منعها من اقامة الجدار العازل‚

الحرس القديم في «فتح» هو الذي يمكن ان يخسر وهو الذي يمكن ان يكون قد اضاع الثقة فيه لأنه حمل الى الناس وعودا كثيرة لم يتحقق منها شيء‚ بل لقد ساءت الامور اكثر بعد «اوسلو» وبالتدريج ماتت اتفاقيات «اوسلو» تماما خاصة بعد ان اصبح شارون رئيسا للوزراء منذ اربع سنوات‚ وقد كان شارون صريحا في رفضه لاتفاقيات «اوسلو» واعلانه انها قد ماتت ولم تعد ملزمة لاسرائيل بشيء‚ وزاد شارون في عدوانه‚ فأعلن انه لا يعترف بالسلطة الفلسطينية ولا بعرفات‚ بل لقد اعتدى شارون على الزعيم الفلسطيني وظل يحاصره حتى قتله‚ وجاء ابومازن منذ حوالي عام الى السلطة واعطى للناس آمالا بتحسين الاحوال وبأنه سوف يكسب للفلسطينيين ما لم يتحقق لهم من قبل‚ لأن «ابومازن» معتدل وهو مقبول من الأميركيين والاسرائيليين وهو يستطيع ان يزور البيت الابيض ويتكلم مع الرئيس بوش كما انه يستطيع ايضا ان يلتقي مع شارون وان يصل معه الى نتائج ايجابية‚ ولكن شيئا من هذا لم يتحقق‚ وما يزال شارون يطالب أبومازن بشن حرب على فصائل المقاومة الفلسطينية ودون ذلك فلن يتعامل معه أحد‚‚ فهل يستطيع ابومازن ان يكون شرطيا يقتل الفلسطينيين كما يريد منه شارون؟ لا شك ان أبومازن لن يقبل شيئا من ذلك ولن يرضى لنفسه ان يختم تاريخه المشرف بشن حرب على اخوانه الفلسطينيين وسفك دمائهم بأيدي فلسطينيين آخرين من السلطة أو من منظمة فتح‚ والحرب الاهلية بين الفلسطينيين هي مطلب اسرائيلي ومثل هذه الحرب يمكن ان تبرر لشارون كل افعاله واقواله‚ فإذا كان الفلسطينيون غير قادرين على ان يعيشوا مع بعضهم البعض في سلام‚ فكيف يستطيع هؤلاء ان تكون لهم دولة‚ ومن سوف يحكم مثل هذه الدولة التي يقوم أهلها بسفك دماء بعضهم البعض في الشوارع والبيوت وسائر المؤسسات؟ ان الحرب الأهلية الفلسطينية جريمة كبرى لا يمكن غفرانها لمن يشعلها‚ ولا أظن انه يوجد في فلسطين من يرضى بالحرب الأهلية أو يجرؤ على اشعالها‚ فمثل هذه الحرب ستكون بردا وسلاما على اسرائيل‚ وسوف تكون خرابا ودمارا على الفلسطينيين وليس هناك في ارض فلسطين مجانين يفكرون في حروب من هذا النوع ولا يمكن للشعب الفلسطيني ولا لأي شعب في العالم ان يترك قيادته في أيدي مجانين لا يعرفون ماذا يفعلون‚ منظمة «فتح» قدمت للفلسطينيين سلاما مشوها وهو سلام اسوأ من أي حرب‚ وبالطبع فإن «فتح» لم تتعمد ذلك‚ ولكنها كانت ضحية للطرف الآخر‚ وهو اسرائيل والجيل الجديد من «فتح» يحاول تجديدها وتغييرها والخروج بها من أزمتها ومن الجمود الكبير الذي تعيش فيه‚ ولا اظن ان كل ما يحدث في «فتح» الآن سوف يحقق لها النجاة‚ لأن «فتح» لم يعد في يدها سوى ان تعتمد على تاريخها القديم‚ اما حماس فقد سبقت واتصلت بالناس وحرصت على تقديم الخدمات لهم ولذلك فإن فرصتها في انتخابات يناير سوف تكون كبيرة واغلب الظن انها سوف تتقدم الصفوف وتزيح «فتح» الى الوراء‚ ولن تجد «فتح» من يبكي عليها‚

المصدر: محيط

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...