من يقف خلف أزمة الأسمنت

22-06-2006

من يقف خلف أزمة الأسمنت

ازمة واسمنت مفردتان اقترنتا ببعضهما البعض منذ سنوات بعيدة في البلاد ونشأت بينهما علاقة ود وغزل لا يمكن للحساد اختراقها .

الا اذا عرفنا ماهية الاسباب الحقيقية لازمة الاسمنت ومن يقف وراءها.‏

العاملون في مجال الاسمنت قدروا الطلب الحالي لسورية ما بين 5/7 ملايين طن سنويا بينما انتاج معامل الاسمنت في سورية لا يتجاوز 4 ملايين طن سنويا وهي الطاقة القصوى لهذه المعامل اذا توجد فجوة كبيرة بين العرض والطلب تقدر بحدود 3 ملايين طن سنويا انطلاقا من ذلك منحت الدولة صلاحيات واسعة لمؤسسة التجارة الخارجية ومؤسسة التجارة الداخلية (عمران) لاستيراد مادة الاسمنت لكن ارقام ما تستورده التجارة الخارجية هي ارقام ضئيلة وخجولة بينما مؤسسة عمران ما تزال تحاول التعاقد مع بعض الشركات الاجنبية لاستقدام المادة كما سمحت الدولة للقطاع الخاص بالاستيراد لسد العجز الا ان الكميات المستوردة لم تصل الى الطموح ايضا والسبب ارتفاع اسعار الاسمنت في الدول المجاورة نتيجة الطلب المتزايد عليها وسوق العراق وحده يمكن استيعاب اكثر من 40% من انتاج معامل الدول المجاورة بعد ان كان قبل الحرب الامريكية ينتج 18 مليون طن سنويا ويورد لجيرانه.‏


 اما فيما يتعلق بانشاء معامل اسمنت فالقصة تعود لعام 1991 عند صدور قانون الاستثمار رقم عشرة حيث شملت لاكثر من اربعين مصنعا ورخص صناعيا للعديد منها الا انه لم ينفذ اي مشروع حتى الآن فهل يصح عليها المثل القائل: نسمع قرقعة ولا نرى طحينا.‏

في مادتنا الصحفية استعرض مع مدير عام مؤسسة عمران اسباب تأخير استيراد المادة والعقود الموقعة وما هي حقيقة العقد الامريكي الذي شكل جدلا وهل كان التخفظ عليه سببا في نقل معاون المدير العام. بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 91 تاريخ 1/11/2005 كلفت مؤسسة عمران بتأمين حاجة السوق الداخلية من الاسمنت المستورد والمقدرة بحوالي ثلاثة ملايين طن يستورد منها القطاع الخاص مليون طن والباقي من قبل المؤسسة لتغطية حاجة سورية من الاسمنت .‏

هذا القرار اعطى مؤسسة عمران حرية الحركة باستيراد الاسمنت مباشرة دون الرجوع الى مؤسسة التجارة الخارجية كالسابق لكن هل هذه الحرية ترجمت على ارض الواقع الارقام تدل على عدم استيراد اي طن واحد من الاسمنت الاسود منذ صدور القرار اي قبل اكثر من سبعة اشهر.‏

احمد صالح المدير العام لمؤسسة عمران قال حول اسباب التأخير في استيراد المادة منذ الشهر العاشر من العام الماضي ان العقود كانت تخسر المؤسسة في ذلك الوقت باعتبار سعر الطن الواحد يتجاوز 4200 ليرة سورية لذلك تم تأجيل التعاقد مع اي شركة الى 25/1/2006 لان استيراد الاسمنت باسعار مرتفعة سيحقق خسائر كبيرة وليس للمؤسسة اي مصلحة كما ان عملية الاتصال مع الشركات الاجنبية للتعاقد معها والمراسلة استغرقت حوالي ثلاثة اشهر .‏

للتمكن من استقطاب اكبر عدد ممكن من الشركات كما اننا نتفاوض منذ السماح لنا باستيراد الاسمنت اي في الشتاء على سعر 56 دولاراً للطن الواحد وسعر الشتاء المفاوض عليه مازلنا نتفاوض عليه ايضا في الصيف. وحول العقود التي توصلت اليها عمران باستيراد الاسمنت هل ما تزال سارية المفعول ام هي ملغاة. قال صالح: ان المؤسسة كانت متعاقدة مع شركة ستار اوف سمان باي الاسترالية منذ شهر شباط لاستيراد 500 الف طن اسمنت وبسعر 56 دولار امريكي واصل الى الميناء الا ان العقد ألغي كون الشركة لم تقدم ملكية بضاعتها ولم تدفع تأمينات 2% من قيمة العقد فالشركة غير جادة في عملية توريد الاسمنت لذلك لا نستطيع الانتظار الى ما لا نهاية. واضاف صالح ان المؤسسة حاليا تعاقدت مع شركة المانية لاستيراد 300 الف طن بسعر 56 دولار ايضا ومازالت عمليات التفاوض معها حول آلية التحويلات المالية . اما ما يتعلق بعقد مؤسسة عمران مع شركة انيرجي ما نجمنت كوربوريش الامريكية على توريد كمية مليون طن متري من الاسمنت البورتلاندي الى سورية لتغطية حاجة القطر من النقد له حكاية فعند عرضه على مجلس الادارة وتخفظ معاون المدير العام عليه على محضر الاجتماع الذي عقد بتاريخ 30/4/2006 ادى لوضع المعاون تحت تصرف الشركة العامة للصوامع فما حقيقة هذا الامر.‏

بداية اشار مدير عام عمران الى ان العقد الموقع مع الشركة الامريكية سينفذ بالليرات السورية وبمعدل توريد يتراوح بين 50 الفاً و90 الف طن شهريا في سابقة هي الاولى من نوعها يتم فيها مثل هذا العقد بالعملة المحلية حسب تعبير المدير العام. واكد على جني المؤسسة ربحا يقدر ب 850 ليرة سورية لكل طن واحد موضحا ان مصدر الاسمنت من معامل بروفورما في الصين والمعامل هي ملك للشركة الامريكية. وبين صالح ان الشركة ستفتح حسابا في المصرف التجاري السوري والمؤسسة ستقوم بالتمويل بالليرة السورية مبديا تفاؤله بالعقد اذا تمت الموافقة عليه من قبل رئاسة مجلس الوزراء.‏

وعن اسباب نقل معاون مدير عمران قال مدير عام المؤسسة :ان القرار صدر عن وزير الاقتصاد ولا يوجد اي مبرر لتحفظ المعاون على العقد الامريكي لاننا في المؤسسة نعمل كفريق واحد ونسعى الى المصلحة العامة مشيرا الى ان تحفظ معاونه ليس له اية علاقة بالنقل. بدوره قال نصر المحمد المعاون السابق لعمران ان العقد الامريكي عرض على مجلس الادارة بتاريخ 30/4/2006 حيث عقد المجلس جلسة للاطلاع على مشروع العقد المقدم من الشركة الامريكية فكانت بعض التحفظات من بعض الاعضاء على العقد خلال المناقشة وايدوا بعض الملاحظات عليه لاعطاء الفرصة لدراسته الا ان المدير العام كان حريصا على السرعة فعرض العقد على التصويت فكانت موافقة الغالبية باستثنائي الذي سجلت التحفظ التالي على محضر الاجتماع (اتحفظ على التعاقد مع الشركة الامريكية بسبب عدم الاطلاع على بنود العقد واعطاء الوقت الكافي لدراسته لعدم وجود رأي للجنة المالية او القانونية). فكانت نتيجة تحفظ صدور قرار من وزير الاقتصاد برقم 86 تاريخ 25/5/2006 باعفائي من منصبي كمعاون مدير عام عمران ووضعي تحت تصرف شركة الصوامع مع فهل اصبح الرأي الاخر في مجال الادارة ممنوعاً ومزعجاً الى درجة يستوجب اعفاء من يبدي رأيه.‏

كما اشار المحمد الى ان تأخر المؤسسة في استيراد الاسمنت اوقعها في عدة ارباكات اولها تأخرها في تأمين الاسمنت بعقود تبرم في فصل الشتاء ما فوت عليها فرصة الاستفادة من اسعار الشتاء المنخفضة والتي تقل عن الصيف بحوالي 20 دولارا وفي حال التعاقد الآن والكلام لمعاون المدير العام السابق لتوريد مليوني طن والتي تمثل الكمية التي يجب ان تستوردها عمران فان ذلك سيرتب عليها دفع 40 مليون دولارا كان بالامكان تفاديها لو تم التعاقد في فصل الشتاء.‏

مؤسسة الاسمنت تساهم في تفاقم الازمة‏

وبعيدا عن عقود الاسمنت بين عمران والشركات الاجنبية لفت السيد احمد صالح مدير عمران ايضا الى ان اسباب نقص مادة الاسمنت في السوق المحلية ليس الاستيراد فقط بل تساهم فيه المؤسسة العامة لصناعة الاسمنت فالمؤسسة منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية الشهر الخامس انقصت تسليماتها الى عمران بحوالي 200 الف طن ومعمل طرطوس كان النقص في تسليماته حوالي 170 الف طن خلال الاشهر الخمسة من هذا العام. واكد صالح ان كمية 200 الف طن هي كمية النقص الحاصل تزيد عن تفاقم الازمة اما اذا توفرت المادة فالواحد والخمسة بالمئة لا تؤثر كثيرا في السوق المحلية. واشار صالح الى عقد شركة هولسيم اللبنانية مع مؤسسة التجارة الخارجية لاستيراد 300 الف طن والموقع منذ اواخر العام الماضي حيث كان متفقاً ان تورد بين 10 و15 الف طن يوميا لكن الشركة متوقفة منذ اكثر من شهرين ونصف عن التسليمات وحاليا الشركة تسلم فقط يومين في الاسبوع.وطرح صالح تساؤلا عن الاسباب الحقيقية وراء تقاعس الشركة اللبنانية في توريد مادة الاسمنت.‏

وكان لنا لقاء مع زياد كلش المدير العام لمؤسسة الاسمنت حول اسباب عدم تنفيذ مؤسسة الاسمنت الخطة لتوريدها الاسمنت لعمران فجاء الرد من خلال عرضه كتابا موجها الى وزارة الاقتصاد بتاريخ 8/6/2006 موضحا فيه ان كافة شركات الاسمنت تقوم بتسليمات عمران بالكميات المتفق عليها وهي وفق الطاقات المتاحة باستثناء شركة اسمنت طرطوس التي تتطلب الصيانة والعمرة. وبين كلش نسب التنفيذ في الشركات على الشكل الاتي : عدرا وصل نسبة التنفيذ فيه الى 99,3% والرستن 115,2% والسورية بحماه 120,7% والشهباء للاسمنت 103% والعربية للاسمنت بحلب 102,9% وطرطوس 65,8% اما خطة التسليمات الاجمالية فبلغت 1,942 مليون طن والمسلم فعليا لعمران 1,778,677 مليون لغاية شهر ايار من العام الحالي.‏

واوضح مدير عام مؤسسة الاسمنت ان نسب التنفيذ بلغت 91,2% من التسليمات لعمران والنقص بلغ 163 الف طن وهو معظمه قادم من معمل طرطوس وستعمل المؤسسة وشركة اسمنت طرطوس على تعويض النقص الحاصل خلال النصف الثاني من هذا العام بعد الانتهاء من العمرات والصيانة للخطوط الانتاجية في النصف الاول من العام الحالي.‏

مما تقدم لم نر اية بوادر أمل في حلحلة ازمة الاسمنت فهل ستضع الحكومة في جردة حسابها حلولا عملية بعيدة عن الطوباوية لتغطية حاجة السوق ربما المستقبل سيخبرنا عن ذلك.‏

 

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...