من ينقذ مرضى نقي العظم السوريين من الموت

17-02-2007

من ينقذ مرضى نقي العظم السوريين من الموت

نعم بلدنا بات بـ 18 مليون نسمة وحتى الآن لايوجد لدينا مركز لـ «زراعة نقي العظم» ومع أن الحاجة ماسة إليه، بل يمكن جعل سورية مرجعاً في هذه التقنية ضمن «الدول العربية» لو تنبهت جهات محلية حكومية أو خاصة أو «أهلية» الى أهمية الاستثمار في هذا المجال...؟ ولم يتوفر لدينا رقم دقيق لعدد المرضى الذين يحتاجون الى «زرع نقي عظم» سنويا ـ بسبب عادة الفقر الإحصائي المحلي ـ إنما من يحتاجون الى «الزرع» بين الأطفال حوالي ألفي طفل حالياً وفق مصادر مشفى الأطفال بدمشق، بينما في باقي الشرائح لن يكون الرقم أكثر لطافة، فلنلاحظ المأساة عندما يصبح لدى بعض المرضى «اختيار» الموت على سرير المرض عن سابق ترصد واستسلام لخيار عدم العلاج في الخارج..

فكم مريضاً أو أهل مريض قادرين على تسديد نفقات العلاج بـ «الزرع» وهي تزيد عن مليون ل.س، وقد تصل أحياناً ـ وفق بعض الأطباء ـ إلى مايعادل 8 ملايين ل.س...؟! 
 ولكن يوجد جديد بهذا الخصوص محليا يتمثل بمركز نوعي «لجراحة القلب عند الأطفال وزرع نقي العظم وهو ببناء غير جاهز ضمن حرم مشفى الأطفال بدمشق وتزينه منذ بضع سنوات لوحته المميزة فقط، والتي توحي باسم شديد النوعية ولكن ماهو غير معروف للناس أن المركز طالته دوامة الروتين والاستطالات والتعثر والتعثير، والصدمة كبيرة طبعا عندما يعلم المحتاج أن المركز غير جاهز!! ‏

أثمرت منذ سنوات عدة اتصالات بين وزارة التعليم العالي والجمعية العالمية لحماية قلب الأطفال (إيطاليا)، عن صياغة مذكرة تفاهم تخص مشروع بناء مركز لجراحة القلب عند الأطفال ولزرع نقي العظم ضمن مخطط مشفى الأطفال في دمشق، وتم تحرير المذكرة وتوقيعها بتاريخ 12/3/2000، أي مضت سبع سنوات ومازال المركز مجرد بناء يشاهده الناس بجوار مشفى الأطفال... ‏

ويمكن تقدير مدى الحاجة إليه عندما يكون عشرات الأطفال بحاجة إلى زرع نقي، لذلك نسأل: أين يزرعون النقي؟ في مركز مجهز بلوحة فقط؟ أو في بلدان عربية لم نتثبت من وجود مثل هذه التقنية فيها، وإن وجدت فهي بتكلفة باهظة جداً؟! ‏

وتتمثل الحاجة إلى ذلك المركز أكثر وأكثر مادام من 10 ـ 15 طفلاً أسبوعياً يراجعون مشفى الأطفال وهم بحاجة جراحة قلب، فأين يمكن تلبية ذلك وسط الزحام على مراكز جراحة القلب في دمشق وانتظار دور لإجراء العمليات؟! ‏

وهنا نشير إلى ماجاء في مذكرة التفاهم المذكورة آنفاً: «تتعهد الجمعية العالمية لمرضى القلب عند الأطفال بتمويل الأعمال المدنية لمركز جراحة القلب عند الأطفال وزرع العظم، على شكل هبة لاترد ولاتتحمل الجهات السورية المعنية أية نفقات لهذا الغرض، وتتعهد الجمعية بتنفيذ عمليات (الإنشاء والإكساء) خلال مدة لاتزيد عن 18 شهراً من تاريخ توقيع مذكرة التفاهم...، وتتحمل الجمعية كامل المسؤولية القانونية عن تنفيذ المركز، تجاه وزارة التعليم العالي ومشفى الأطفال.. 
 وهكذا تزداد الأسئلة حساسية عندما نرى تلك النصوص من مذكرة التفاهم فلماذا نامت جهاتنا المحلية عن إنجاز مثل هذا المركز في سورية كل هذه السنوات ومازال حتى الآن قيد الانتظار؟! ومادام المشروع تحت بند «الهبة» لماذا تعرقل وتأخر سنوات دون أن يتجسد كمركز مكتمل؟ ولماذا بضع وزارات معنية بشؤون صحية لم تنفذ ما يشبه هذا المركز بعيداً عن رخاء الانتظار لهبة خارجية استطالت نتائجها سبع سنوات حتى الآن؟! ‏

كذلك نسأل: هل يتم إقناع ذوي كل طفل بحاجة الى زرع نقي عظم منذ سنوات طويلة بالقول: اذهبوا للعلاج خارجاً أو دعوا مريضكم يموت؟! أو انتظروا الهبة الإيطالية وتنفيذ المركز وليمت من يمت ريثما يجهز المركز؟! ‏ حاولنا منذ حوالي سبعة شهور معرفة «أسرار» لوحة المركز المذكور ولم نصل الى رؤية واضحة بخصوصه لامن مشفى الأطفال، ولا من وزارة التعليم العالي، ولامن الممثل القانوني لجمعية حماية قلب الطفل «الإيطالية»، ولامن آخرين، سوى (وجود عقبات ـ روتين ـ وأمور أخرى لايناسب ذكرها تخص أداء البعض..)، وأحالنا مدير عام مشفى الأطفال يومها الى وزارة التعليم العالي، وبدوره المعني بالأمر في وزارة التعليم العالي وهو معاون وزير التعليم العالي لشؤون المشافي أحالنا الى الممثل القانوني للجمعية الإيطالية المذكورة سابقاً، وعبر لقاء مطول مع «ممثل» الجمعية ووعود منه بمعلومات غزيرة، لم نحصل على شيء بسبب سفره المتكرر إلى إيطاليا، لكنه خلال ذلك اللقاء فضل عدم الدخول في متاهات المركز، وركز على أن الروتين كان سبباً رئيساً في عدم إبصار المركز للنور بعد، وأشار إلى أمور إيجابية تحدث في مجال إنجاز وتجهيز المركز... 
 مؤخراً تمكنا من اللقاء به واعتبر أن المركز سيكون جاهزاً قريباً، وطرح رؤية لما يجب أن يكون عليه من آلية عمل وكوادر، وقال: بهذا المركز ووفق تصورات معينة يمكن أن تكون سورية مرجعاً في مجال «زراعة نقي العظم». ‏

ومجدداً وجدنا أهمية معرفة رأي وزارة التعليم العالي بهذا الخصوص وتوقع المكلف بمهام معاون وزير التعليم العالي لشؤون المشافي، أن المركز سيكون جاهزاً خلال سنة، والإقلاع في المرحلة الثانية منه تنتظر مصادقة اللجنة الاقتصادية، وتم اختيار شركة إيطالية لتنفيذه.. ‏

اعتبر د. مطيع كرم، مدير عام مشفى الأطفال، أن مركز جراحة قلب الأطفال وزرع نقي العظم سيكون مركزاً نوعياً، وطال انتظاره، وفيما يخص تبعية المركز قال: اتخذ مجلس إدارة الأطفال قراراً بتبعية المركز لمشفى الأطفال، كون المركز يقع على أرض المشفى وخدماته منه، وتمت مراسلة السيد وزير التعليم العالي بهذا الخصوص والمطالبة بذلك،.. وحول شؤون الكادر المستقبلي للمركز قال: سبق اختيار قسم من الكادر لإرسالهم الى إيطاليا من أجل التأهيل، ولكن لم يحدث ذلك، وحالياً قسم من الكادر متوفر، وتم تشكيل لجنة من أجل ترشيح كوادر للمركز.. ‏

سبق تجهيز مجموعة من الأطفال من المرضى الذين هم بحاجة الى عمليات زرع نقي العظم، على أن يتم إرسالهم الى إيطاليا على دفعات من أجل الزرع ولكن تعذر ذلك وأغلبيتهم ماتت لعدم إجراء زرع نقي العظم لهم؟ ‏

جرت محاولة إنشاء شعبة لزرع نقي العظم في «مركز الطب النووي» ورصدت لهذه الغاية أموال في حينه (2003 ـ 2004)، ولكن تبين أن المكان لايتيح ذلك، ويوجد توجه بأن يتم إنشاء شعبة خاصة بذلك في مشفى «البيروني الجامعي» ـ المشفى العمالي المركزي سابقاً ـ وفي حال إنجاز ذلك ستكون الشعبة مخصصة لزرع نقي العظم للكبار، بينما في حال إنجاز مركز نقي العظم في مشفى الأطفال سيكون الأول في القطر المخصص للأطفال حصراً.. ‏

لم نعلم بوجود نشاط لوزارة الصحة بخصوص إنشاء مركز لزراعة نقي العظم في سورية، ومن المفارقات أن ملف «الأورام» بما فيها التي تتطلب «زراعة نقي عظم» هو أساساً في عهدة وزارة التعليم العالي عبر «مشفى الطب النووي» الوحيد من نوعه في القطر سابقاً، وعبر «مشفى البيروني الجامعي» حالياً وهو البديل لمركز الطب النووي منذ بضعة شهور...، فأين وزارة الصحة من ملف الأورام و «زرع نقي العظم» طوال سنوات مديدة؟! ‏

ظافر أحمد

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...