نجيب نصير وريم حنا في حوار واقع وآفاق الدراما السورية
استضافت سهرة الأربعاء التي تقام في الأسبوع الأول من كل شهر بفندق الفردوس تاور بدمشق بإشراف رولا الركبي، اثنين من نجوم كتاب السيناريو في الدراما السورية .
هما نجيب نصير وريم حنا في ندوة عن واقع وآفاق هذه الدراما وذلك في حوار مباشر مع الجمهور تولت إدارته الروائية سمر يزبك، حيث طرحت عدة أسئلة كمقدمة للدخول الى عوالم كتّاب الدراما، والتطرق الى ما تتعرض له الدراما من أزمات وصعوبات، تقف حجر عثرة أمام تطورها وفتح الآفاق الجديدة أمامها .
بدأت الحوار سمر يزبك بسؤال عن حضور شخصية كاتب السيناريو في المراحل المختلفة للعمل وذلك في ظل مقولة أن الدراما عمل جماعي أو إبداع مشترك يفترض تضافر عدة أطراف في إنجازه.. فرأت ريم حنا أن الكتابة للتلفزيون تختلف عن الأجناس الأدبية الأخرى، لأن الكاتب يتخلى فيها عن نرجسيته وفردانيته في العمل، وذلك بسبب تحكم آلية الانتاج الدرامي التلفزيوني، مضيفة ان العمل التلفزيوني جماعي وليس عملا فرديا، فالتلفزيون آلة اعلامية وليس حالة ابداعية خالدة كالأعمال الانسانية الأخرى، ومهمتنا نحن ككتاب دراما ان نحاول مقاربة عملنا التلفزيوني المستهلك قدر المستطاع من الأجناس الأدبية الأخرى، والسعي ما يمكن ليكون مشروعا ثقافيا وليس استهلاكيا، منوهة أن كتابة السيناريو تعترضها معوقات كثيرة كاعتراض الممثل على سلوكيات الدور الذي سيقوم به، وهذا ما يتطلب الحفاظ على فكرة العمل الأساسية مع ما يناسب المعطيات التكنيكية، في محاولة للعمل على نضج الشخصية بما يتلاءم مع النص التلفزيوني، فضلا عن وجود معوقات اخراجية أيضا، كتلك التي تتمثل في حذف بعض المشاهد من النص لضرورات الثقافة البصرية.
نجيب نصير تحدث عن الشراكة الثنائية في الكتابة التلفزيونية التي تجمعه مع الكاتب حسن سامي يوسف في معظم الأعمال الدرامية.. فأكد أن هناك فقدانا حقيقيا لمعايير الدراما التلفزيونية، فهناك نوع من التذوق الشعبي للدراما الموجودة حاليا، حيث لا يوجد عندنا دراما (ستاندر) أو نموذج نظامي يمكنها الالتحاق بالثقافة العربية، ثم انتقل للحديث عن الشراكة التي ربطته مع الكاتب يوسف مؤكداً أن الشراكة لا تعني الرؤيا والقناعات الموحدة، فلكل خصوصيته المستقلة في العمل، منوها الى ان ذلك هو سبب نجاح تلك الشراكة التي قلما توجد في الدراما السورية.
عن آلية العمل في كتابة السيناريو مع حسن سامي اليوسف، يجيب نصير: نجلس في مقهى الهافانا كل ثلاثاء، ونقسم العمل بيننا، فالكاتب حسن سامي يوسف كمخرج سيناريو يمتلك تقنيات في ضبط حكاية العمل عندما تتحول الى صورة، ومن جانبي انا أكتب مشاهد سيناريو كمشاهد، (من قصص أدبية وحوارات وقصة المسلسل و..الخ) ومن هنا ننطلق لنفرغها الى مشاهد درامية، ومن ثم تبدأ عملية الضبط التقني التي توجد فيها ملامح أكاديمية لنصنع منه عملا دراميا، مضيفاً أن المدقق يعرف ان هناك تفكيرين مختلفين بالعمل، لكن إمكانية الصورة موحدة، وتلك هي ميزة الفن الحديث، بأن تكون الأفكار غير موحدة بينما الصورة موحدة، منوها الى ان الرؤية بينه وبين الكاتب يوسف غير موحدة، ولكن الهم واحد..!
يقول نصير: أريد ان احتفظ بحقي في الخصام الفكري مع الآخرين، أو في التنافس، ولقد قلت ذلك من باب الحفاظ والغيرية على الدراما السورية، لو استثنينا بعض الأعمال التلفزيونية التاريخية من الرؤية التاريخية الجامدة، وعلى سبيل المثال أعمال المخرج هيثم حقي، يمكننا أن نؤكد أن الأعمال التاريخية التي حققت توازناً من النجاح هي قليلة ونادرة، نصاً وإخراجاً وإنتاجاً، مشيرا أن سلة الدراما السورية باتت تزخر وتغرق مؤخرا في الأعمال التاريخية، التي تذهب باتجاه الحالة التمجيدية للتاريخ، منوها الى انه لا يمس من عبقرية أحد، بل يتوجه إلى هؤلاء لتناول ما يخص مجتمعاتنا وذلك من خلال التواصل مع هموم الناس العاديين، وبالتالي المساهمة في رفع ذائقة المتلقي (وهي رسالة ومسؤولية جماعية) دون إسفاف، مشيرا الى ندرة النص الدرامي الذي يعالج واقعا اجتماعيا وثقافيا، حيث جنحت معظمها لتسلية المواطن بهروبها للصحراء أو التاريخ، ومهمتنا ككتاب دراما هي تقديم نصوص واقعية تنويرية.
حفل الحوار بآراء متباينةحول الدراما فذهبت بعض آرائهم إلى انتقادها ومطالبتها بالمزيد، بينما أثنى آخرون على ما أنجزته على الصعيد العربي والعالمي لاسيما أنها أصبحت تدخل بيوت جميع الناس بجدارة واحترام.. وكان السؤال الأهم حول الآلية المفترضة من أجل الحفاظ على سوية تلك الدراما ودفعها دائماً إلى الريادة وفتح الآفاق.
هدى قدور
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد