هل أبلغت روسيا الدول المعنية بالازمة السورية أنّ سقوط الاسد ممنوع؟
في وقت تصاعد فيه السجال بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على خلفية الازمة السورية، يعتبر دبلوماسي شرقي أنّ مواقف موسكو وبكين تبدو أكثر ثباتا من تلك المتقلبة التي تتخذها واشنطن، خصوصا بعد أن أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المسؤولين المعنيين بالازمة السورية بمن فيهم الرئيسين الاميركي باراك اوباما والفرنسي فرنسوا هولاند، كما رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، أنّ روسيا لا تناور في ما يتعلق بمصالحها الاستراتيجية والحيوية لا في سوريا ولا في منطقة الشرق الاوسط عموما. وبالتالي فانه على الجميع الانطلاق من هذه المعادلة من دون الاستخفاف بردة الفعل الروسية التي قد تصل إلى ابعد ما يتصوره البعض، وما استخدامها لحق النقض لثلاث مرات متتالية في مجلس الامن الدولي سوى رسالة واضحة على الجميع تفهمها، فضلا عن ان تعزيز الاسطول الروسي الرابض في القاعدة الروسية في طرطوس ليس من باب التهويل او المزاح، بل تأكيدا على عزم موسكو ارساء المعادلة التي اطلقها وزير الخارجية سيرغي لافروف وخلاصتها ان النظام العالمي الجديد يبدأ من سوريا.
ويشرح الدبلوماسي ما تعتبره موسكو خطرا استراتيجيا من الضروري التوقف عنده، كاشفا أنّ أكثر ما يزعج روسيا هو وصول الاصولية الاسلامية إلى حدود دول القوقاز من جهة وتوقفها على ابواب اوروبا الشرقية التي تشكل امتدادا طبيعيا واقتصاديا لها من جهة ثانية، فضلا عن أنّ أي انتصار يمكن ان يحققه الاسلاميون في سوريا من شأنه ان يرتد على الوضع الهش في الشيشان.
ولا يقتصر الخطر على انتشار الاصولية في مناطق النفوذ الروسية، انما يتعداه إلى الدرع الصاروخي الاميركي المنشور في تركيا، بما يعني أنّ معابر الغاز الروسي باتت في دائرة الخطر الشديد، اضافة إلى امكانية اعتماد التكنولوجيات المستخدمة في قواعد الصواريخ للتجسس على روسيا، لاسيما بعد أن أمعنت أجهزة المخابرات الاميركية في خرق دول المنطقة استخباريا وامنيا، حتى يصح القول أنّ موسكو تعتبر حرب سوريا نموذجا عن الحرب الاميركية المدارة بواسطة اذرع عسكرية محلية وادوات سلفية وتمويل سعودي – قطري وتخطيط اميركي بريطاني مشترك. ولهذا فان روسيا القلقة من الهجمة الاميركية – الاوروبية – التركية على سوريا لن تقف مكتوفة الايدي تجاه اي خطر حقيقي يهدد النظام السوري. وهي بدأت فعلا بدعم الجيش السوري من خلال مساعدته في تطوير تكنولوجيا الاتصالات والتشويش وطرق استخدامها في الميدان، فضلا عن الدعم السياسي والغطاء الكامل لكل ما ترتكبه القوات السورية النظامية من اعمال عسكرية تقارب في عنفها الحروب بين الدول.
وليس بعيدا عن المصالح الروسية وماهيتها، ينتقل الدبلوماسي الشرقي لشرح خلفية الموقف الصيني الذي يقتصر على المصالح الاقتصادية الحيوية في منطقة الشرق الاوسط والخليج النفطي، وتاليا معابر النفط البحرية والبرية على حد سواء. فبكين باتت واحدة من اكثر الدول استهلاكا للطاقة في ظل ثورتها الصناعية والتكنولوجية، فضلا عن ضرورة بحثها عن اسواق جديدة بعد ان اقفلت الاسواق الاميركية التي تعاني ركودا ملحوظا مترافقا مع ازمة اقتصادية خانقة تعاني منها الولايات الاميركية معطوفة على حجم ديون هائل لمصلحة الصين. وبالتالي فان استمرار ثورتها الصناعية يقضي بان لا تكون بكين رهينة لمصالح الغرب واستراتيجياته.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد