هل المسيحية جزء من ثقافة أوروبا؟
قال الباحث بمعهد الجامعة الأوروبية في فلورانس بإيطاليا ألكسندر ستامفول إن حظر المآذن في سويسرا والصلبان في المدارس بأوروبا يشير إلى الانفصال بين الدين والثقافة هناك.
وتساءل في مقال له بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور عما إذا كانت المسيحية في أوروبا جزءا من الثقافة أم منسلخة عنها.
وتعليقا على قضية الصليب، قال الكاتب إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بفرنسا اعتبرت وجود الصليب بفصول المدارس الإيطالية انتهاكا لميثاق 1950 الأوروبي لحقوق الإنسان، فكان السؤال المحوري هل الصليب رمز ديني أم ثقافي؟
الحكومة الإيطالية من طرفها –حسب الكاتب- قالت إن الصليب رمز ثقافي للقيم الديمقراطية العصرية والدولة الإيطالية.
غير أن المحكمة رفضت ذلك، وقالت إن الصليب رمز ديني منذ زمن طويل ووجوده بالفصول الدراسية انتهاك لحرية الفكر والوجدان وديانة الآخرين من الطلاب وحقهم في التعليم الذي يحترم معتقداتهم الشخصية.
أما القضية الثانية فهي الاستفتاء السويسري الذي رفض فيه 57.5% ممن شاركوا فيه بناء مآذن للمساجد، ودفع في هذا الاتجاه اليمين المتطرف، ولكن الحكومة والبرلمان والمنظمات غير الحكومية مثل العفو الدولية اعترضت على نتيجة الاستفتاء.
ولفت ستامفول إلى أن الكنيسة الكاثوليكية في روما واتحاد البروتستانت بسويسرا عارضوا بشدة الحظر من منطلق أنه تمييز ومناف للقيم المسيحية مثل الحرية والتسامح.
غير أن الخوف من الإسلام والمهاجرين -والكلام للكاتب- هيمن على عقول الناخبين السويسريين، مشيرا إلى أن حظر المآذن يعبر عن تراجع النفوذ المسيحي بهذا البلد.
وقال إن المسيحية كانت على مر العقود مرتبطة ارتباطا وثيقا بالثقافة الأوروبية، غير أن أوروبا العصرية أصبحت علمانية بعد الحركات التنويرية والثورة الفرنسية وظهور الإلحاد، وتراجعت الممارسات الدينية، بل بدت الكاتدرائيات وكأنها متاحف أكثر منها أماكن عبادة.
وتابع الباحث أن القادة المسيحيين باتوا يجدون صعوبة في إقناع شعوبهم بالعقائد الاجتماعية الرسمية والقيم.
ورأى أن التبخر التدريجي للقيم المسيحية بأوروبا ساعد في تفسير مدى تطرف اليمين السياسي واستخدام الرموز المسيحية والإسلامية أدوات لصالح أهوائهم الضيقة، كما حدث في النمسا وسويسرا وإيطاليا.
وخلص ستامفول إلى أن مستقبل المسيحية والإسلام بأوروبا يجب ألا تقرره المحاكم أو الاستفتاءات أو جدران الفصول الدراسية، مشيرا إلى أن الصراع الحقيقي يجب أن يكون بقلوب وعقول المواطنين الأوروبيين، وفي الحوارات الدينية والسياسية، والانعكاسات العميقة لما يعنيه المسلم الجيد والمسيحي الجيد بأوروبا المعاصرة.
المصدر: الجزيرة نقلاً عن كريستيان ساينس مونيتور
إضافة تعليق جديد