واشنطن تتهم مهندساً يهودياً بالتجسس لإسرائيل ولا تتهمها

21-10-2009

واشنطن تتهم مهندساً يهودياً بالتجسس لإسرائيل ولا تتهمها

انفجرت أمس الأول فضيحة تجسس جديدة تكشف تعقيدات العلاقة الأميركية ـ الإسرائيلية وحدود التداخل والتعارض فيها. وفيما تشتهر أميركا بأنها الحليف الأوثق لإسرائيل وأن الأخيرة هي العصا الأقوى للأولى، فإن ثمة جوانب أخرى تحت الطاولة بينها تجسس الدولة العبرية على خفايا بلاد «العم سام»، أو على الأقل إيمان أجهزة الأمن الأميركية بذلك. والدليل الجديد: مهندس في المختبرات التي تنتج الأسلحة النووية الأميركية، يهودي أميركي يدعى ستيوارت دافيد نوزات. لكن لا تذهبوا بعيدا: الأمن الأميركي يتهم نوزات بالتجسس لحساب إسرائيل، لكن إسرائيل ليست متهمة. صورة لنوزات خلال مؤتمر صحافي في مقر البنتاغون في واشنطن عام 1996، وتبدو صورة للقمر أخذت ضمن برنامج لوكالة «ناسا»
وأكد المسؤولون الأميركيون ذوو الصلة بقضية تجسس نوزات أن الاتهامات الموجهة لهذا المهندس لا تشير من قريب أو بعيد إلى أن الحكومة الإسرائيلية أو أيا من ممثليها عمل على انتهاك القانون الأميركي. كما أن مصادر رسمية إسرائيلية أبلغت الإذاعة العبرية أن إسرائيل غير ضالعة بأي حال بجمع معلومات استخبارية في أي من الدول الصديقة. وتتهم وزارة العدل الأميركية نوزات بأنه حاول الاتصال بجهاز الموساد الإسرائيلي وتسليمه معلومات بالغة السرية.
إذاً، كيف بدأت القصة وكيف يمكن فهم جوانبها؟
نصب مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي شركا للمهندس ستيوارت نوزات البالغ من العمر 52 عاما والذي عمل كعالم كبير في وكالة الفضاء الأميركية بعدما عمل في الماضي في وزارة الدفاع وفي مشروع أبحاث القمر التابع للبيت الأبيض. واعتقل عملاء التحقيقات الفيدرالية نوزات بعد أن وافق على التجسس لحساب إسرئيل لدوافع مالية. لكن نوزات كان يتعامل مع عملاء لمكتب التحقيقات الفيدرالية الذين تظاهروا أمامه بأنهم ضباط في جهاز الموساد الإسرائيلي. وبحسب ما نشر في أميركا فإن ستيورات قدم معلومات سرية لهؤلاء مرتين وتلقى منهم أحد عشر ألف دولار.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن نوزات، منذ التعرف الى ضباط الاستخبارات الذين تظاهروا بأنهم من الموساد، قال انه لا يعمل مجانا. وقد حدد له ضباط التحقيقات الفيدرالية المستترين عناوين لإرسال المواد إليها وقام نوزات فعلا بإرسال مواد سرية للغاية في إطار أجوبة كان يرسلها ردا على أسئلة تعرض عليه.
غير أن المسألة، بهذه الحدود، لا تظهر كل الصورة. فنوزات كشخص يعمل في مؤسسة مدنية، بعد أن كان يعمل في مؤسسة عسكرية، اشتغل لحساب شركة أو شركات أخرى وبشكل علني. فقد كان يعمل منذ عشر سنوات كمستشار كبير للصناعات الجوية الإسرائيلية وهو يتلقى منها أموالا طائلة مقابل هذه الاستشارات. وكان عمله يتلخص في تسلم أسئلة من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية وتقديم ردوده الكتابية عليها.
ويبدو أن أذرع الأمن الأميركية لا تثق بأجهزة الأمن الإسرائيلية، بما فيها تلك التي تقيم أفضل العلاقات معها. ومعلوم أن التعاون على أشده بين كل أذرع المخابرات الأميركية والإسرائيلية وفي مقدمتها الاستخبارات العسكرية والموساد والشاباك. لكن هذا التعاون مزدهر في كل ما يتعلق بما يجري خارج الولايات المتحدة. أما في أميركا فالشبهات كبيرة بأن إسرائيل تتجسس على المصالح الاقتصادية والأمنية الأميركية مما يستدعي الحذر.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن نوزات من بين الأشخاص المعرضين للرقابة بسبب عمله، وأن الشبهات دارت حوله بعد أن خرج من أميركا قبل شهور حاملا ناقلين للمعلومات الالكترونية وعاد بواحد فقط. وجراء ذلك نصب له الشرك للتعرف الى دوافعه واستعداداته فسقط في الفخ.
وتنقل لائحة الاتهام عن اعترافات نوزات قوله للعميل الفيدرالي: «أحتاج أولا إلى أن يقرروا كيف سيبعثون لي الأموال... فهم لا ينتظرون مني أن أفعل ذلك مجانا». كما أن نوزات طلب في إحدى مكالماته أن يستصدروا له جواز سفر إسرائيليا لأنه من أبوين يهوديين.
وقدم نوزات للعملاء الفيدراليين أجوبة عن أسئلة احتوت على معلومات بالغة السرية حول نظام الإنذار الأميركي ومنظومة الأقمار الصناعية الأميركية.
ونوزات ليس أول ولا آخر جاسوس تعتقله أميركا بتهمة التعامل مع إسرائيل. وتعتبر قضية جوناثان بولارد الفضيحة الأشهر في قضايا التجسس الإسرائيلي في أميركا. واعتقل بولارد الذي كان يعمل في تحليل المعلومات الاستخبارية في الأسطول الأميركي في العام 1985. ورفضت الإدارات الأميركية المتعاقبة مطالب الحكومات الإسرائيلية بالإفراج عنه. وبحسب الخبراء في العلاقات الإسرائيلية الأميركية، فإن قضية بولارد أثرت كثيرا على هذه العلاقات وشكلت نقطة تحول في قضايا التجسس. إذ تعهدت الحكومة الإسرائيلية بأن لا تعمل البتة على جمع معلومات استخبارية في أميركا أو أن تجند أميركيين للعمل لصالحها على الأراضي الأميركية.
ولهذا السبب، فإن كل افتضاح لقضية تجسس جديدة كان يعني احتمال تدهور العلاقات بين الدولتين. غير أن أغلب قضايا التجسس التي كشف النقاب عنها بعد العام 1985 كانت إما أقدم في أحداثها من تاريخ القبض على بولارد أو مشكوكا بأنها مدبرة من جانب أذرع الأمن الأميركية. وبين هذه القضايا القبض في العام 2004 على العقيد السابق في الأسطول الأميركي لاري فرانكلين بتهمة تسليم دبلوماسي إسرائيلي معلومات عن ايران عبر أحد موظفي اللوبي اليهودي، «أيباك». وفي العام 2008 تم القبض على عجوز يهودي يدعى بن عامي كاديش بتهمة تسليم إسرائيل وثائق سرية في العام 1980.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...