(وثائق سورية): بيان الأمير فيصل بعيد عودته من مؤتمر الصلح في باريس

يا أبناء سورية العزيزة:
   ها قد عدت إلى الوطن بعد أن فارقته خمسة أشهر. وقد بلغت العالم المتمدن ما انتدبتموني إليه من بيان مطالبكم فتقرر مبدئياً استقلال بلادكم، وصحت النية على إرسال لجنة تحقيق دولية تحقق ما نقلت إلى الغربيين من رغائبكم، وستصل اللجنة في هذين الأسبوعين، وبهذا ترون أن قد تم القسم الأعظم من المهمة الخارجية التي تعمل لأجلها وذلك بحسن نيات الحكومات الأربع المعظمة وصدقها في أقوالها وتمسكها بالمبادئ السامية التي جعلتها دستوراً لأعمالها وطبقاً لأماني الأمة.
   بقيت هناك المهمة الداخلية التي هي من خصائص هذه الأمة بأجمعها وهي المسؤولة عنها، ونجاحها موكول إليها، فعلى الشعب أن يقوم بما يقرره المؤتمر السوري العام المؤقت الذي ينعقد عما قريب.
   الأمم تود لكم النجاح، وأنا أريد منكم أن تبرهنوا لهذه البعثة المحترمة التي ستشهد بالحق، لكم أو عليكم، بأنكم تستحقون الاستقلال وأنكم قادرون عل إدارة شؤونكم بأنفسكم. وسجلوا أمام العالم والتاريخ أنكم أمة تفدي كل عزيز في سبيل أشرف غاية وهي الاستقلال الذي أعاونكم عليه وأنا أحد أفرادكم.
    أنا لا أشك أنكم يد واحدة في المطالبة بحقكم الصريح والسعي للوصول إليه بكل ما في نفوسكم من قوة. تعملون وغايتكم متحدة، والصدق رائدكم في أقوالكم وأعمالكم جرياً على ما تقتضيه منكم محبتكم لهذه التربة الطاهرة، متمسكين بأهداب الحزم، متخذين أسباب السكينة والتؤدة والغيرة على هذا الوطن.
   وإني آمل أن تثبتوا للعالم أنكم أحفاد أولئك الأجداد الذين كانوا سدنة ودعاة العدل، والتاريخ شاهد لا يماري في صحة القول. وإن ما قامت به الجاليات السورية المنتشرة في أقطار العالم من جلائل الأعمال ليدخل السرور إلى فؤاد كل من يحب هذه البلاد، فقد أسمعت صوتها بأنها لا ترى السعادة كل السعادة إلا في الاستقلال التام بدون قيد او شرط، فإذا كانوا على تفرقهم لا يرضيهم إلا هذا فأنتم باجتماعكم أكثر استمساكاً بحقوق بلادكم، وتستقلون في بلادكم استقلالكم في بيوتكم، فينظر كل صقع من أصقاعكم في شؤونه بنفسه مع احترام تقاليده وعاداته. أما المعونة التي نحتاج إليها فنبتاعها بأثمانها.

هذا ما أحب أن تجعلوه يا بني وطني نصب أعينكم، وأن تكونوا المثال الحي ، وقدوة الأبناء والأحفاد.

نيسان 1919

الأمير فيصل بن الحسين

المصدر:سورية التحدي والاستجابة، وليد المعلم.

الجمل- إعداد: سليمان عبد النبي