ولنا أبجديتنا النسائية رداً على ذكوريتكم
قالوا: حظرنا عليكن تعلم الكتابة... قلن: لكم أبجديتكم ولنا أبجديتنا. بأبجدية مضادة، تصدت نساء مقاطعة هونان الصينية لذكورية مجتمعهن، أبجدية "نوشو" التي تعني "كتابة المرأة"، لا يفهمها سوى من اقترنت صفاته بتاء التأنيث. نساء "الأقدام المربوطة" ابتكرن كتابة سرية، هامش حرية، يتواصلن من خلالها بعدما منعتهن أنوثتهن تلك من تعلم الكتابة التقليدية.
وكتابة النوشو هي وليدة الحقبة الإقطاعية حين كانت النساء يمنعن من الذهاب إلى المدارس وكن أميات. وقامت النساء في بلدة شيانغيونغ بابتكار كتابة "النوشو" السرية وحرصن على إخفائها عن رجالهن. واللغة تنتقل من الأخت إلى أختها، ومن الأم إلى بنتها.
"كانت الفتيات تخرج برفقة بعضهن البعض ويغنين ويتحدثن وهكذا انتقلت هذه اللغة بيننا وبالتالي سهلت حياتنا اذ اصبح بإمكاننا التعبير عن انفسنا وما يجول في خاطرنا" قالت يانغ هوانيي، وهي ارملة تعتبر من ابرز المتحدثين والكاتبين بهذه اللغة.
وتتكون هذه اللغة السرية من اشكال هندسية وفنية او من سطور شعرية مؤلفة من 7 اشكال او 5 في الغالب. وتعتبر الاشكال المبسطة من لغة "النوشو" نسخة عامية من اللغة الصينية المحكية أثناء حكم عائلة "كينج" في القرنين الثالث عشر والرابع عشر.
وكما يدل اسمها، فإن لغة "النوشو" هي وسيلة كتابية ابتكرت واستعملت حصرياً من قبل النساء في الجزء الذي واكب التطور الحاصل آنذاك في الصين خصوصاً ان الحضارة الصينية القديمة ترتكز على مبدأ الذكورة وتمنع الفتيات من الحصول على اي شكل من اشكال التعلم وبالتالي كان لا بد من الحفاظ على سرية اللغة لمئات السنوات في شيانغيونغ.
وإن كان بعض عناصر اللغة مأخوذة من اللغة الصينية، الا ان النساء الصينيات ابتكروا بعض الاشكال المنظمة بطريقة اكثر سلاسة من اللغة الصينية المكتوبة وأكثر رفعاً من الأحرف الصينية المربعة الشكل كما انها تكتب كما اللغة الصينية من الاعلى للاسفل في اعمدة من اليمين الى الشمال ويتراوح عدد مفرداتها اللغوية بين 670 و1500 كلمة.
وأدركت السلطات المحلية في شيانغيونغ القيمة الثقافية والحضارية للغة "النوشو" وجاذبيتها السياحية فأنشأت مدرسة ومتحفا في بوميي حيث تقوم هيو مي يو التي تعلمت اللغة من جدتها بتعليم هذه اللغة كل نهار سبت لفتيات القرية كما تقوم ببيع حقائب ومناشف مطرزة بلغة "النوشو" للسياح.
ولا يزال عدد قليل من النساء الصينيات يستطعن قراءة وكتابة هذه اللغة ولكنها في المضمون لغة تموت مع مر الزمن خصوصاً أن الفتيات تحولن الى تعلم اللغة الصينية أسوة بالفتيان.
إن كانت بعض البرامج الحكومية الصينية تسعى لحماية هذا التراث الثقافي المميز، الا انه من الخزي بمكان ان يضمحل هذا المثال في المرونة الانثوية للتكيف مع بيئة جائرة كهذه مع الاجيال القادمة.
("السفير"، "تشاينا دايلي")
إضافة تعليق جديد