4 فرقاطات ألمانية لإسرائيل في الذكرى الخمسين لإنشاء العلاقات الديبلوماسية بين الدولتين
في إطار الاحتفالات بالذكرى الخمسين لإنشاء العلاقات الديبلوماسية بين إسرائيل وألمانيا، أبرمت، أمس الأول، صفقة سلاح كبيرة لشراء أربع فرقاطات بحرية لحماية حقول الغاز في عرض البحر المتوسط.
وعقدت الصفقة، التي تقدر قيمتها بحوالي 430 مليون يورو، بعدما أقرت الحكومة الألمانية تقديم منحة إلى إسرائيل بقيمة 115 مليون يورو لتغطية جانب من تكاليفها. وتعتبر هذه الصفقة نوعاً من إعادة الثقة بين الحكومتين، في أعقاب تدهور العلاقات بينهما إثر انهيار العملية التفاوضية مع السلطة الفلسطينية في عهد حكومة بنيامين نتنياهو السابقة قبل عامين.
وأصدرت وزارة الدفاع الإسرائيلية بلاغاً جاء فيه أن «صفقة المياه الاقتصادية سيتم تمويلها من ميزانية خاصة منفصلة عن ميزانية الدفاع، التي أقرتها الحكومة». يشار إلى أن التوصل إلى الصفقة تم بعد اتصالات ديبلوماسية مكثفة بين الحكومتين الإسرائيلية والألمانية، بعدما كان أعلن عن تفجير المفاوضات بهذا الشأن، إثر رفض الحكومة الألمانية منح هبة لإسرائيل لشراء الفرقاطات. وحينها ذكرت «هآرتس» أن ألمانيا ترفض تمويل الصفقة بسبب انهيار المفاوضات السلمية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ومن المقرر أن تصل الفرقاطات إلى إسرائيل خلال السنوات الخمس المقبلة، لتنفذ الخطة التي أقرها سلاح البحرية الإسرائيلي لحماية حقول الغاز البحرية. ومعروف أن الخطة تشمل أيضا منظومة من الطائرات من دون طيار في خدمة سلاح البحرية، فضلا عن أجهزة إنذار واستخبارات ومنظومة «باراك» المضادة للصواريخ وتخصيص مئات من الجنود لغرض حماية المنصات البحرية. ويبلغ طول كل فرقاطة، من التي تم التعاقد على شرائها، 90 متراً وتزن حوالي ألفي طن. وتستطيع كل فرقاطة كهذه العمل بشكل ناجع على بعد مئات الكيلومترات في عمق البحر.
وقد أبرمت الصفقة بعد وصول وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين إلى إسرائيل للمشاركة في احتفالات الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الديبلوماسية بين الدولتين. وقالت دير لاين إن «إسرائيل هي صديقتنا الأكبر في الشرق الأوسط. لدينا معكم 70 مشروعاً، ولا توجد دولة في العالم لنا معها علاقات أمنية كثيرة بهذا القدر».
ولا يقتصر السخاء الألماني على تمويل أكثر من ربع الصفقة بشكل هبة، وإنما أيضاً بالتعهد بشراء منتجات من إسرائيل بحوالي 200 مليون دولار. وسبق لبرلين أن مولت بشكل متفاوت صفقات بيع غواصات «دولفين» إلى تل أبيب، بما يتراوح بين ثلث ونصف قيمة الصفقة. ولا يخفي أحد واقع أن إسرائيل تبتز ألمانيا في كل ما يتعلق بالعلاقات بذريعة المحرقة النازية. لكن التساؤل قائم بشكل أساسي حول مسألتين: إلى متى سيستمر السخاء الألماني تجاه إسرائيل، وما هو فعلا مدى تعلق تل أبيب وأمنها بالمساعدات الخارجية؟.
وفي إطار الاحتفالات بإنشاء العلاقات، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشي يعلون أن ألمانيا زودت إسرائيل في السنوات الأخيرة بأربع بطاريات «باتريوت» كجزء من دعمها العسكري الجاري لها. والحديث يدور عن بطاريات من طراز «باك 2» اعتبرتها ألمانيا جزءا من فائض ما لديها بعدما قررت تقليص جيشها.
وأعلن مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال دان هارئيل أن «الصفقة التي أبرمت هي حدث فائق الأهمية يشكل قفزة مثيرة في قدرات دفاع سلاح البحرية عن المواقع الإستراتيجية لدولة إسرائيل في مجال الغاز، على بعد عشرات ومئات الكيلومترات في البحر. وفضلا عن ذلك فإن هذا يشكل رافعة اقتصادية هامة للاقتصاد، حيث سيعود حوالي مليار شيكل مباشرة للصناعات الإسرائيلية، عبر طلبيات عتاد ومشتريات».
واعتبر المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن صفقة الفرقاطات من ألمانيا يفترض أن تردم هوة جوهرية في الدفاع عن الذخائر الاقتصادية لإسرائيل في البحر. وأشار إلى أن التعلق المتزايد لتل أبيب بإمدادات الغاز، والتوقعات الاقتصادية العالية من اكتشاف الحقول البحرية، تزيد أيضاً اهتمام أعدائها بما يجري في المنصات البحرية. وكتب أن المنصات البحرية معرضة نسبياً لهجمات، كما أن إصابتها تلحق بإسرائيل ضرراً مالياً هائلاً، وهذا أمر معروف لكل الأطراف وخصوصا إلى «حزب الله». واستذكر أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله سبق وألمح إلى أنه بالمرصاد لمواقع إستراتيجية إسرائيلية كنوع من توازن ردع في مواجهة التهديدات للبنى التحتية اللبنانية.
وأكد هارئيل أن لدى «حزب الله» قدرة على إصابة المنصات البحرية الإسرائيلية، إما باستخدام صواريخ «سي 802» كالتي استخدمها الحزب ضد المدمرة «حانيت» في حرب العام 2006، أو صواريخ «ياخونت» التي تملكها سوريا، أو حتى عبر إرسال قوات كوماندوس إلى المنصات.
ويرى المعلق العسكري في مجلة «إسرائيل ديفنس» عمير ربابورات أن القصة الحقيقية للصفقة تكمن في أنها جزء من خطة تحديث سلاح البحرية الإسرائيلي، فالسفن الحديثة من طراز «ساعر 5»، التي يملكها الجيش الإسرائيلي حالياً صارت في منتصف عمرها، حيث لها حوالي 20 عاما في الخدمة. وكان يفترض بسلاح البحرية، حسب ربابورات، أن يبدأ بشراء سفن صواريخ أحدث في العقد الماضي، وتم تخصيص أموال لها، لكن بعد إلغاء النية لشراء سفن من صنع أميركي لم يتم الحديث عن هذا الأمر. وفي إطار البحث عن التحديث تنقل الميل الإسرائيلي من شراء سفن كبيرة مثل «ساعر 5» إلى شراء سفن أصغر منها.
ويضيف ربابورات أن إسرائيل في طريقها لإبرام الصفقة «جننت» العالم بأسره، حيث أوحت أنها ترمي لشراء السفن من كوريا الجنوبية، أو حتى بناء السفن في إسرائيل نفسها. وفي النهاية اتجهت إلى ألمانيا، أولاً بمطالب قليلة ثم شرعت بزيادة الصفقة ومطالبة الألمان بزيادة حصتهم في تمويلها. وفي كل حال أبرمت الصفقة بشكلها الأخير في ظل إحساس ألماني متزايد بأنهم كانوا موضع ابتزاز من جانب إسرائيل.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد