السعودية وقطر تطلقان الرصاص في الأمم المتحدة على خطة السلام السورية
الجمل- كافيه آفرازيابي- ترجمة: د. مالك سلمان:
الأمم المتحدة – إنه مصطلح شائع في الأمم المتحدة. غالباً ما يتم استخدام "عملية سلام متعددة المستويات" للإشارة إلى جهود مكملة في منع النزاع, وتاريخ الأمم المتحدة مليء بهذه الأمثلة. ومع ذلك, وبشكل من الأشكال, أساءت الأمم المتحدة توجيهَ طاقتها في حالة سوريا, من خلال دراسة مشروع في مجلس الأمن من المرجح, في حال تبَنيه, أن يعرقلَ عقد مؤتمر السلام الأمريكي – الروسي المخطط انعقاده في نهاية شهر أيار/مايو.
رحبَ المبعوث الخاص للأمم المتحدة لخضر الإبراهيمي بفكرة المؤتمر, الذي يَعِدُ بجمع مسؤولين من الحكومة السورية وممثلين عن المعارضة السياسية-المسلحة على طاولة واحدة, بصفته أول "خبر جيد بخصوص سوريا منذ وقت طويل". لكن موقف الإبراهيمي تجاه مسودة قرار الأمم المتحدة حول سوريا, الذي تبنته السعودية وقطر, لم يكن بهذا الحماس, فقد عبر عن تحفظات قوية حوله, مثلما فعل الممثلون الروس في الأمم المتحدة والذين وصفوه بأنه "غير مثمر".
لماذا؟ الإجابة سهلة. لأنه قرار متعدد الأوجه والأهداف. فهو يناقض نفسه, ويتهم الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية (مما يخالف النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة), ويسعى بشكل عام إلى تمهيد الطريق لمنح مقعد سوريا في الأمم المتحدة للمعارضة المدعومة من الغرب.
دعونا نوضح: يدعو القرار المقترَح, المعد للتصويت في 15 أيار/مايو, إلى انتقال سياسي "شامل" في سوريا "عبر البدء في حوار سياسي جدي بين ... السلطات السورية والمعارضة السورية." هذا بالضبط ما تسعى إليه موسكو وواشنطن من خلال مؤتمر السلام, وهو فكرة وزير الخارجية الأمريكية جون كيري ونظيره الروسي, سيرغي لاڤروڤ. وقد أومأت الحكومة السورية بإيجابية, تبعاً للروس, لكن المعارضة السورية لا تزال تناقش إن كانت ستشارك في المؤتمر أم تقاطعه.
لكن مشروع القرار يمضي ليشير في المقطع التالي إلى "الترحيب بتأسيس ‘الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية’ في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 في الدوحة/قطر, بصفته المحاورَ الفعال الذي يتطلبه الانتقال السياسي." وبالطبع, يمكن لمفهوم "الانتقال السياسي" أن يكون إشكالياً, وخاصة أن القرار يشير بشكل متكرر إلى قرارات "الجامعة العربية" والتي تدعو, بكافة صيغها, إلى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد الذي يتعرض لحرب شرسة. بكلمات أخرى, يشير القرار إلى فكرة "حوار" أقرب إلى الاستسلام منه إلى التسوية أو "التعايش".
وكما هو متوقع, عبرت سوريا وإيران وعدة دول أخرى صوتت ضد قرار مشابه العام الماضي عن تحفظات قوية حول مسودة هذا القرار, والذي من المرجح تمريره مع كل هذه الحمى الدبلوماسية, من قبل قطر أولاً وأخيراً. وتبعاً لعدد من الدبلوماسيين الشرق-أوسطيين, الذين تحدثوا إلى كاتب هذه المقالة شريطة عدم ذكر أسمائهم, من الأفضل تأجيل العمل على مشروع هذا القرار إلى ما بعد مؤتمر السلام المقرر في نهاية هذا الشهر.
إذاً, لماذا يسارع القطريون وشركاؤهم السعوديون إلى تبني هذا القرار, على الرغم من أن اللغة القوية المستخدمة ضد الحكومة السورية واتهام دمشق بالمسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا سوف تقلل بالتأكيد من اهتمام دمشق بالحوار المصمم بشكل واضح لإسقاط النظام؟
يستمد هذا السؤال أهميته, بشكل جزئي, من حقيقة أن المتمردين السوريين قد فقدوا قدراً كبيراً من زخمهم وأن النظام قد ألحق بهم خسائرَ كبيرة في الفترة الأخيرة.
إن كانت السعودية وقطر مهتمين حقاً بوقف إطلاق النار والحوار السياسي الجدي في سوريا, فسوف تعملان على سحب مشروع القرار أو, على الأقل, تأجيله إلى أن تتبلور نتائج مؤتمر السلام القادم.
ربما يكمن خوفهما في احتمال تغير مواقف البيت الأبيض تجاه الأزمة السورية, والتراجع عن الدعوات السابقة لرحيل الأسد الفوري واعتبار ذلك الآن كنتيجة نهائية للمفاوضات المكثفة – وهو ليس خياراً مفضلاً لدى الثنائي السعودي-القطري, الذي يريد أن يلعبَ دورَ المقرر في سوريا.
لا داع للقول إن التوازن الفعلي على الأرض هو العامل المقرر الأساسي, وليس مسودات القرارات في الأمم المتحدة. ومع ذلك, في خضم هذا الإعصار الدبلوماسي حول سوريا, هناك تغير في مجرى الرياح لصالح حوار سياسي حقيقي بين الحكومة والمعارضة, وهو سبب آخر يجب أن يدفعَ الدولَ الأعضاء في الأمم المتحدة إلى إعادة التفكير بدراسة قرار يؤكد على "انتقال سياسي" يفضي إلى نظام ما بعد الأسد.
الحقيقة هي أن بشار الأسد قد واجه سنتين من العواصف العسكرية وبمقدوره الآن التباهي بإلحاق هزائمَ كبيرة بالمعارضة؛ أي أنه باقٍ على المدى المنظور, ولذلك يجب تركيز الجهود على وقف إطلاق النار, والانتقال إلى الوضع الاعتيادي, والتحضير للانتخابات الرئاسية بإشراف دولي. إن أي حديث عن "الانتقال" من دون الأسد هو عقيم في النهاية, إذا أخذنا بعين الاعتبار تمركز السلطة في دمشق واحتمال تبخر النظام بكامله تحت قناع "الانتقال".
أما بالنسبة إلى اتهام مسودة القرار للحكومة السورية بالذات باستخدام الأسلحة الكيماوية ومطالبته دمشقَ "الامتناع عن استخدام, أو نقل أي أسلحة كيماوية أو بيولوجية إلى أطراف غير حكومية", من المفيد الإشارة إلى أن مسؤولي الأمم المتحدة الذين يحققون في الموضوع قد حملوا المسؤولية للمتمردين وليس للحكومة. ونتيجة لذلك, إذا تم تبني هذا القرار الأسبوعَ المقبل سيكون مناقضاً تماماً لنتائج الأمم المتحدة حول المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.
المقاربة الأكثر حكمة التي يمكن للجمعية العامة في الأمم المتحدة أن تنتهجها تتمثل في "الانتظار", ومن ثم الاعتماد على النتائج النهائية لمحققي الأمم المتحدة, عوضاً عن لعب دور القاضي الأعمى الذي يبحث عن الدليل في اتجاه واحد فقط.
تُرجم عن ("إيشا تايمز", 10 أيار/مايو 2013)
الجمل: قسم الترجمة
التعليقات
نجاح مساعيهما تعني وأد الحل السلمي ولا حل إلا بالحسم العسكري
إضافة تعليق جديد