سر النصر والعقيدة الجامعة لكل العقائد
ـ السؤال كيف تبخر الجيش العراقي من الموصل قبل دخول «داعش» إلى المدينة يستدعي سؤالا أقدم: كيف اختفى الجيش العراقي من بغداد قبل عشرة سنوات إثر عبور دبابات «بوش» من على جسر المسيّب فوق نهر الفرات..مع التذكير أن الجيش العراقي كان ترتيبه رابع أقوى جيش في العالم ؟!
ـ قصة التفكك بدأت منذ إعلان صدام حربه العبثية على «الدولة الصفوية» بتمويل سعودي خليجي ومباركة أمريكية، حيث اقتضى الأمر منه تحويل عقيدة الجيش العراقي القومية إلى عقيدة طائفية لمواجهة إيران «الشيعية».. وهكذا ضرب صدام مئات آلاف العرب الشيعة والأكراد بقصد إضعافهم، لكنه أوهن بذلك جيشه وأضعف يده.. وكذا الأمر مع المالكي الذي غير عقيدة الجيش العراقي ضمن توجيهات الاحتلال الأمريكي ل «اجتثاث البعث العربي» والذي كان في حقيقته اجتثاث للنخب العربية السنية، وبالتالي بات الجيش العراقي جيشاً تنقصه العقيدة الجامعة لكل مكونات الشعب العراقي.. لهذا خسر قوته النفسية وبقي خاسرا في حروبه منذ ربع قرن إلى الآن ..
أما على الضفة الغربية للفرات العظيم فقد حافظ الجيش العربي السوري بقيادة الأسد على عقيدته القومية في معاداة إسرائيل، وخسرت المعارضة لعبتها الطائفية ضد الأسد، لأنها في الوقت الذي كانت تتهمه بالطائفية، كانت توغل أكثر في تطييف تمردها ضد الدولة منذ خروجها من الجامع العمري بقيادة الشيخ صياصنة، حتى غدت ميلشياتها بالكامل إسلاموية الطابع خصوصا بعد استيرادها مرتزقة ومغامرين إسلافيين من أكثر من 80 دولة.. وقد واجه الأسد الرئيس كل ذلك بتشكيل دولة أموية الطابع، بالإعتماد على عناصر علمانية تنتمي إلى العرب السنة، بدءاً من القصر الجمهوري مروراً بالحكومة فالجيش فالأمن القومي فمجلس الشعب فالأحزاب الموالية إلى لجان الدفاع الوطني التي بدأ المسلحون التائبون بالدخول فيها، على مبدأ من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.. كما حرص على أن يكون غالبية المسؤولين والوزراء من العائلات التي أعلنت الحرب على (نظامه).. فأثبت علمانيته، ولم ينشق عن جسم الجيش والدولة سوى المتطرفين دينياً وبعض المكونات العرقية المناهضة للعروبة من أصحاب "النزعة العثمانية"...وهذا أحد أسرار صمود الجيش السوري العقائدي وعدم تفككه كشقيقه العراقي الذي لاتنقص رجاله الشجاعة وقوة العزيمة..
وبالعودة إلى المقدمة وعلى ذكر جسر المسيّب الذي غنى له المطرب الراحل ناظم الغزالي متذكراً أحبابه الذين فارقهم عليه في قوله: "وعلى جسر المسيّب سيّبوني".. فإن طوائف العراق اليوم قد سيّبت العراق نهباً لملوك الطوائف والخراب عندما فرطت بعقيدتها القومية، ولا نصر على داعش إلا بالعلاج من داء الطائفية..
نبيل صالح
التعليقات
لا اعتراض على تحليلك الصحيح
انا معك
إضافة تعليق جديد