«اتفاق الخرطوم» ينتظر الإعلان: رعاية غربية ترجّح كفة العسكر
قبل أن تنتهي لجنة فنية مشتركة من قانونيين، وبمشاركة أفريقية، من صياغة الاتفاق السياسي النهائي بين المجلس العسكري وتحالف قوى «إعلان الحرية والتغيير»، اليوم أو غداً (الثلاثاء)، بدأت تتكشّف معالم «تسوية عجولة» قلَبَت المشهد في السودان يوم الجمعة الماضي، من التصعيد والتصعيد المضاد لأكثر من ستة أشهر، إلى «شراكة» بين العسكر وقادة الحراك الشعبي في مرحلة انتقالية لمدة ثلاث سنوات، تنتهي بانتخابات في تشرين الأول/أكتوبر 2022.
ومن المتوقع أن يكون «التوقيع على الوثيقة النهائية للاتفاق بداية الأسبوع المقبل»، بحسب ما قال القيادي في «الحزب الشيوعي السوداني»، العضو المفاوض عن «الحرية والتغيير»، صديق يوسف.
منحت التسوية أعضاء المجلس العسكري اليد العليا في البلاد في المرحلة الأطول من الفترة الانتقالية، بلباس سلطة ذات هياكل مدنية، وذلك حتى قبل أن تُحسم نسبة تمثيل كل طرف فيها، لا سيما منها «المجلس السيادي» الذي يمثل رأس الدولة، والذي أعطيت رئاسته لرئيس «العسكري» عبد الفتاح البرهان، مع ترك الباب مفتوحاً للاتفاق على المقعد المدني الحادي عشر وفق صيغة «5+5+1». وفي هذا الإطار، تتحدث تقارير عن أن المقعد سيخصص لـ«عسكري متقاعد منخرط في العمل المدني»، بحسب ما ذكر موقع «ستراتفور» الاستخباري الأميركي، أي إنه قد يؤول إلى العسكر، ما يمثل ثغرة ربما يتسلل منها خلاف جديد بين الطرفين، فضلاً عن الخلاف المحتمل حول «المجلس التشريعي» المرجأ الاتفاق بشأنه إلى ما بعد تشكيل «السيادي» والحكومة. وفي هذا الإطار، أكد القيادي في «تجمع المهنيين السودانيين»، عضو التحالف أحمد ربيع، أن «الإعلان عن الحكومة والمجلس السيادي سيتم مع التوقيع على الاتفاق»، مضيفاً في حديث إلى «الأخبار»، أن «اللجنة الفنية منعقدة هذه الأيام لوضع الملامح النهائية للاتفاق»، كاشفاً عن «ترتيبات تتم لعودة الإنترنت وإكمال بقية متطلبات قوى الحرية والتغيير»، التي لم يستجب العسكر حتى الآن لأيّ منها سوى الإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وبعيداً عن الثغرات، يبدو الدور الخارجي، بحسب ما كشفت ترتيبات ما قبل «اتفاق الخرطوم»، قادراً على تبديد أي خلاف بين الطرفين، وفق ما توحي به «لقاءات سرية» جمعت القادة العسكريين وقادة الاحتجاجات «مع دبلوماسيين من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات في منزل شخصية سودانية كبيرة في الخرطوم على مدار أيام»، بحسب ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أول من أمس، عن مسؤولين غربيين حضروا اللقاءات، مشيرين إلى أن الهدف منها كان «إذابة الجليد بين الطرفين». وبحسب أحدهم، جاء ذلك بعدما أيقنت السعودية والإمارات أن الكثير من السودانيين قد انقلبوا على نائب رئيس المجلس، محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي»، الأمر الذي دفعهما إلى دعم مقاربة أكثر دبلوماسية للأزمة، تعبر عن تلك الغربية التي تمثلها واشنطن وعواصم أوروبا، وتدعم تشكيل سلطة مدنية بالتوافق بين طرفي النزاع، لتحقيق استقرار يحفظ مصالحها.
ولا تبدو الرغبة الأميركية في اتفاق كالذي أبرم، في الترحيب الذي خطّته معظم البيانات المعلقة على الحدث فحسب، بل في إعلان الولايات المتحدة أن «رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أصبح وشيكاً»، كما قال القائم بأعمال السفارة في الخرطوم، ستيفن كوتسيس. لكن تنبيه الأخير إلى أن هذا الأمر «يتوقف بدرجة كبيرة على إدماج الحركات المسلحة في الاتفاق»، مؤشر على ما قد تحمل الأيام المقبلة للمجلس العسكري، الذي كان قد اتخذ خطوة في هذا الاتجاه عقب «اتفاق الخرطوم»، حين أصدر البرهان عفواً شمل الإفراج عن 235 من أعضاء «حركة تحرير السودان» المسلحة، بزعامة أركو مني مناوي، الذي اعتبر أن الاتفاق «يؤسّس لإنقاذ النظام السابق».
ويبدو اتجاه المجلس هذا، استكمالاً لما كان قد بدأه في إطار وساطة جوبا، المدعومة مصرياً، والتي تقترح إشراك الحركات المسلحة، ما يعني أن «ثنائية» الاتفاق لن تستمر طويلاً إذا ما توصل المجلس إلى اتفاقات مع هذه الحركات. وليس مستبعداً أيضاً أن يطالب لاحقاً، خلال الـ21 شهراً الأولى، بإشراك القوى السياسية التقليدية أيضاً، خصوصاً إذا رفعت الأخيرة الصوت رفضاً للاتفاق «الإقصائي» كما سبق أن اعتبرت، قبل أن يجلس «حميدتي» مع ممثليها لبحث تسوية تنهي «الثنائية» مع «الحرية والتغيير». والجدير ذكره، هنا، أن أي شراكة مع هؤلاء هذه المرة ستكون في «التشريعي» المؤجل ثلاثة أشهر، ما يهدّد الاتفاق السابق الذي حصلت فيه «الحرية والتغيير» على أغلبية الثلثين.
الأخبار
إضافة تعليق جديد