«الجزيرة» خسرت ربيعها المصري
«بيقولك واحد إخونجي قاعد بيتفرج مع أبوه على قناة «الجزيرة». القناة أعلنت خبر استشهاد والده، فقام ودفن أبوه اللي قاعد جنبه». هذه هي النكتة التي يتداولها المصريون المعارضون للإخوان الذين يرون أنّ «الجزيرة» لا تبث إلا «الأكاذيب» عن مصر وأنّ أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي يصدقونها من دون تفكير. في المقابل، يرفع مناصرو الإخوان في تظاهراتهم شعار «يا إعلام سكران من البيرة، روح اتعلم من الجزيرة»، فأنصار مرسي يعتبرون الإعلام المصري فاسداً ويجب أن يتعلم المهنية من القناة القطرية.
حتى الآن، تعرض «الجزيرة» رأي الإخوان، فيما تعرض باقي القنوات المصرية «الرأي الآخر»، رأي الذين يرون أنّ «30 يونيو» هي ثورة وليست انقلاباً. لم تتغير المواقف، لكن الجديد هو توجّه الحكومة المصرية لمنع «الجزيرة» من العمل تماماً على الأراضي المصرية. ما حدث منذ إطاحة مرسي أنّ استديوات «الجزيرة مباشر مصر» أُغلقت، وجميع ضيوفها أو ضيوف «الجزيرة» يضطرون إلى السفر إلى الدوحة، ما يفسّر تكرار وجوه معينة من المتحدثين عبر القناتين أخيراً، خصوصاً بعد فض اعتصامي «النهضة» و«رابعة». أمّا مراسلو الشبكة، فباتت معظم تقاريرهم هاتفية، وحرَكتهم في الشارع حذرة، ليس فقط بسبب رجال الأمن بعد القبض على مراسل «الجزيرة» عبدالله الشامي وقبله المصوّر محمد بدر، بل من الشارع الكاره للإخوان الذي يتصيّد أي إعلامي ينتمي إلى القناة القطرية.
وكان مجلس الوزراء المصري ووزيرة الإعلام درية شرف الدين أعلنا أنهما منكبّان على دراسة وافية للموقف من أجل الرد رسميّاً على ما «تبثه «الجزيرة» ضد النظام في مصر». وبالتالي، فالقرار بات متوقعاً بين لحظة وأخرى، اللهم إلا إذا تراجعت المحطة قليلاً عن مواقفها. طبعاً، لا يتوقع المراقبون ذلك بما أنّ جماعة الإخوان والدول التي تساندهم (تركيا وقطر) مستمرون في المعركة تحت شعار «النصر أو الهزيمة». ولعلّ هذا ما دفع إعلامياً بحجم حمدي قنديل إلى الدعوة علناً، عبر «أون. تي. في.»، إلى إغلاق القناة ومحاكمة مذيعيها ومراسليها بتهمتي «التحريض والتخريب». وجاء بلاغ المحامي سمير صبري ضد مذيع «الجزيرة مباشر مصر» أيمن عزام بتهمة بث أخبار كاذبة وإشعال الفتنة ليعدّ إشارة إلى انطلاق حملة ملاحقة مذيعي الفضائية بشكل شخصي، من دون الاكتفاء بالهجوم على القناة نفسها كما يحدث عادةً في مصر. هذه الخطوة تهدّد مذيعي «الجزيرة» (جميعهم يعمل من الدوحة حالياً) بمضايقات قانونية وأمنية عند عودتهم إلى القاهرة.
رغم أنّ ممثلة «لجنة حماية الصحافيين» الدولية شيماء أبو الخير أعلنت أنّ التحريض ضد «الجزيرة» يؤدي إلى تعريض مراسليها لاعتداءات في شوارع مصر، وطالبت بإثبات أنّها تهدد الأمن القومي، لا يضع الغاضبون من القناة في مصر تلك المحاذير في اعتبارهم، بل يتناقلون أخبار إغلاق «حماس» مكاتب قنوات تعارض الحركة في غزة كدليل على أنّ الإخوان أنفسهم ما كانوا ليتركوا أي قناة تهدد وجودهم، بينما ««الجزيرة تهدد أمن مصر»، حسب ما يرى المعارضون.
محمد عبد الرحمن
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد