«الشيخة» حنان ترك تطلق مشروعاً طائفياً في مصر
نحن الآن في مصر الجديدة، وتحديداً في الـ«صبايا كافيه»: على المدخل، تستقبلكِ حنان ترك بابتسامة مشرقة، مرحبةً بـ«هدايتك». وفي الداخل، عروض أزياء وملابس فاخرة. لكن مهلاً، العروض لم تنته بعد: إذ يمنع منعاً باتاً دخول السافرات وغير المسلمات!
لم تكن الضجّة التي صاحبت إعلان حنان ترك ارتداء الحجاب، وليدة الصدفة حكماً. آنذاك، قال بعضهم: لماذا كل هذا الغضب من اعتزال فنانة شابة؟ لقد سبقتها كثيرات، وأكثر منها نجومية! لكن، حتى الخائفون من حجاب حنان، لم يتوقعوا منها أن تطلق بعد عامين من الاعتزال، مشروعاً «طائفياً طبقياً يميّز بين أفراد المجتمع المصري، حسب الدين والزيّ والثروة».
وخوف هؤلاء كان في محلّه، إذ كانت ترك أولى نجمات الجيل الجديد التي تهرب من النجومية والأضواء إلى الاعتزال ثم تحريم الفن. ولو كانت قد اعتزلت في الثمانينيات، مثل شادية وشمس البارودي، لما فكرت قط في إطلاق هذا المشروع. ذلك أن اعتزال أي فنانة في تلك الفترة، كان بمثابة خبر غريب، يأخذ حقه من الضجة، ثم يدخل في طي النسيان. أضف إلى ذلك أن فنانات تلك الأيام، اعتزلن بهدف الابتعاد الكامل عن الحياة الفنية والأضواء. حتى إن الانتقادات التي وجهت إليهن، انحصرت في إلقائهن دروساً دينية رغم أنهن لسن دارسات، أو قيادة أفواج الحج، أو الدعاية لمحلات مستلزمات الحجاب التي انتشرت فجأة في الشارع المصري.
لكن المشهد اليوم انقلب رأساً على عقب. ومن هاجم سابقاً محجبات الثمانينيات، ربما عليه الاعتذار لشمس البارودي وهناء ثروت وكاميليا العربي وياسمين الخيام... لماذا؟ لأن محجبات القرن الحادي والعشرين ببساطة، ظهرن في زمن الاتجار بالدين، فاستخدمن عدم ثقافة الجيل الجديد، لإقناع الشباب الضائع والباحث عن حياة هادئة، بأن التدين الزائف هو أقصى ما يُطلب من الإنسان في هذا «العصر الفاسق». هكذا لعبت حنان ترك على الوتر الحساس: هذه الفنانة التي عاشت حياة صاخبة قبل ارتداء الحجاب، وصل بها الأمر إلى حدّ افتتاح مقهى، يمنع دخول غير المسلمات وغير المحجبات...
ويبدو أن مجموعة الدعاة الجدد، نجحوا في إقناع ترك بأنها باتت «أيقونة»، تفعل ما تشاء، ما دام ذلك يخدم الدين والشرع. هي، وقبل الحجاب، أطلقت مجلةً للأطفال. ثم تحجبت وحاولت الصمود والتمثيل. لكنّها، لم تقدّم إلا مسلسلاً واحداً لم ينجح. فشل «أولاد الشوارع»، لكنّها استمرّت تهتمّ بالقضايا الاجتماعية، وتشارك في فعاليات ضد التدخين والتفكك الأسري برعاية وحضور عمرو خالد، «قائد الدعاة الجدد». ثم جاءت قضية طلاقها من زوجها خالد خطاب الذي يظهر اليوم في حفلات عامة بصحبة فتيات جميلات. زادت هذه القضية عزلتها، فرفضت بعدها المشاركة في أي عمل فني، قبل عرضه على لجنة «شورى الشيوخ»، مرددةً دوماً أنها لم تعتزل، بل تأخذ إجازة طويلة. وسط كل ذلك، قررت هذه الفنانة ذات الـ 32 ربيعاً، الدخول في مشروعات، ظاهرها ديني وباطنها «بزنس». هكذا، أطلقت أخيراً مقهى عنوانه «صبايا كافيه»، ونشرت إعلانات مكثفة عنه على الإنترنت، داعيةً المحجبات إلى زيارته، مع شرط عدم اصطحاب غير المحجبات وبالطبع المسيحيات.
هذه الإعلانات دفعت بأسماء نصار من مجلة «روز اليوسف» إلى زيارة المقهى، وهناك توالت المفاجآت: المقهى فرع من سلسلة عالمية للمحجبات فقط. وفي الداخل الأسعار سياحية، ومصففة شعر للمحجبات. كما تنظم كل أربعاء عروض لأزياء وإكسسوارات المحجبات بحضور الممثلة الشابة، على أن ترواح الأسعار بين 75 و200 دولار للعباءة الواحدة، إلى جانب معرض دائم لسجادة وملابس الصلاة. أما دخول المقهى، فلا يكون إلا بدق الجرس والحصول على إذن.
وكشفت الصحافية المغامرة أنّ المقهى تحوّل إلى مكان خاص لمجموعة يعرف بعضها بعضاً، وأن المقربين من حنان رأوا المشروع متجراً لبيع مستلزمات الحجاب. كما أقنعوا الزبونات بأنّ دعم هذا المشروعات أفضل من شراء السلعة نفسها، من مكان لا يخدم الحجاب والإسلام!
إلا أنّ مشروع ترك، وبعيداً من النقاش الديني المثار حوله، يقض مضجع كثيرين في القاهرة، خوفاً من إزكاء نار الفتنة بين الأقباط والمسلمين من جهة، فيما يعزز الفوارق الطبقية من جهة ثانية. ذلك أنّ مراسلة «روز اليوسف» أكّدت أن بعض العاملات في المقهى، طُردن لاحقاً، بعدما اكتُشف أنهن «فقيرات» لا يستطعن شراء شيء. وتصفُ أسماء نصار كيف طوردت، واستولي على جهاز هاتفها الخليوي حتى لا تصور المقهى من الخارج، ما دفعها إلى تحرير محضر في قسم الشرطة، ليتدخل شقيق حنان ترك لإنهاء الأزمة، والقول إن الصحافية تلقت هذه المعاملة، خوفاً من أن تكون ممثلة لمنظمة مسيحية تريد تدمير المشروع! وما قاله شقيق حنان، يكرّس المبدأ الذي قام عليه المشروع أساساً: فالمقهى للمسلمات فقط، وأي محاولة لانتقاده، تعني هجوماً على الإسلام.
وجولة واحدة في مدوّنات الشباب القبطي، تؤكد تأثير أمثال حنان ترك عليهم. ورغم أنّ مسلمين شباباً، دخلوا تلك المدونات واعتذروا للأقباط عما يحدث، لكن نيران الطائفية لا تُطفأ بالاعتذار. أضف إلى ذلك أنّ حنان ترك استبعدت شريكتها مها الصغير ـــــ زوجة الممثل أحمد السقا ـــــ من المشروع. لأن هذه الأخيرة طالبت بأن تصفف المزينة شعر جميع الفتيات، لا المحجبات فقط. كما أنها، أي مها، خلعت الحجاب أخيراً، فأصبح واجباً طردها من جنّة حنان ترك!
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد