«الوكالة الذرية» تتبنى قراراً «مخففاً» ضد طهران
خفف مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس من حدة لهجته إزاء إيران، وتبنى بيانا أعرب فيه عن «قلق عميق ومتزايد» حول برنامجها النووي، مطالبا طهران بالتعاون الكامل مع الوكالة لدحض «الوجود المحتمل لأبعاد عسكرية» للبرنامج، من دون التهديد بعقوبات جديدة، بعدما توصلت الدول الغربية إلى إقناع روسيا والصين بدعم القرار بعد تخفيف لهجته.
وجاء الردّ الإيراني قاطعا، إذ أكدت طهران أنها لن تعلق تخصيب اليورانيوم ولو «لثانية» واحدة، ورفضت استقبال بعثة خاصة من الوكالة، معتبرة أن القرار «غير ملزم» قانونيا كونه يستند على تقرير وصفته بـ«غير القانوني والمسيس». كما أعلنت أنها لن تشارك في مباحثات حول إخلاء المنطقة من السلاح النووي، وبدأت قواتها تدريبات دفاعية جوية لمواجهة «أخطار محتملة».
وكان وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا حذر من أي ضربة عسكرية ضد إيران. وقال إن أي ضربة «قد تؤثر، لا على اقتصادنا فحسب ولكن على الاقتصاد العالمي، ولذلك فإن هذه الأمور يتعين دراستها جميعا».
وتبنت الوكالة الذرية، خلال اجتماع مجلس محافظيها في فيينا، قرارا أعرب عن «قلق عميق ومتزايد حول القضايا غير المحلولة في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي، بما يشمل ما يجب توضيحه لاستبعاد وجود أبعاد عسكرية ممكنة» للبرنامج. ودعا القرار طهران إلى فتح المجال تماما أمام مفتشي الأمم المتحدة ومحققيها و«الانخراط جديا ومن دون شروط مسبقة في محادثات» حول المخاوف النووية، من دون تحديد مهلة لطهران لتوضيح النقاط العالقة. وطلب من مدير الوكالة يوكيا امانو إصدار تقرير حول تجاوب إيران بحلول موعد الاجتماع المقبل في آذار العام 2012.
ومن أصل 36 دولة في مجلس الوكالة صوتت 32 دولة مع القرار، فيما اعترضت كوبا والإكوادور وامتنعت اندونيسيا عن التصويت. وقال دبلوماسي رفيع المستوى شارك في الاجتماع إن طهران ممتعضة جدا لنجاح تكتيك الدول الغربية القائم على تخفيف لهجة القرار مقابل الحصول على دعم كل من موسكو وبكين.
وتفادى القرار أي خطوات عقابية واضحة وهو ما يعكس المعارضة الروسية والصينية لمثل هذه الإجراءات. وكانت دول غربية طالبت بفرض مزيد من العقوبات على إيران بعد إصدار الوكالة تقريرا الأسبوع الماضي، حمل قدرا كبيرا من معلومات الاستخبارات التي أشارت إلى إجراء إيران أبحاثا وتجارب مرتبطة بتطوير قدرات تسلح نووي.
وكان المندوب الأميركي غلين دافيز قال، خلال الاجتماع، إنه «لم يعد ممكنا أن نصدق الادعاء أن أنشطة ايران النووية سلمية فقط»، مضيفا «ليس هناك شك كبير في أن ايران تريد على الأقل وضع نفسها في موقع يخولها الحصول على إمكانيات تسليح نووية». وقال المندوب الألماني روديغر لودكينغ، نيابة عن بلاده وفرنسا وبريطانيا إن «الأعمال الإيرانية عمقت الشك في طبيعة برنامجها السلمي».
في المقابل، قال مندوب ايران لدى الوكالة علي أصغر سلطانية إن طهران لن توقف تخصيب اليورانيوم ولو حتى «لثانية واحدة»، موضحا أن بلاده لن تتراجع في النزاع مع القوى الكبرى. وأكد أن قرار الوكالة «يزيد من تصميم ايران» على متابعة أنشطتها النووية.
وأعلن سلطانية أن إيران لن تشارك في محادثات تستضيفها الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل لدول في الشرق الأوسط لبحث جهود تخليص العالم من الأسلحة النووية.
وتساءل سلطانية «كيف يمكننا ان نشارك فيه؟». وأضاف «نعتقد ان المشاركة في الاجتماع لن تكون مثمرة، لذلك لن نشارك»، متذرعا بالقرار الذي اتخذته الوكالة وبرفض اسرائيل توقيع معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية.
كما أكد أن «البعثة المقترحة لوكالة الطاقة الذرية لا يمكنها التوجه الآن إلى إيران»، في ما يمثل إشارة أخرى إلى تدهور العلاقة بين الوكالة التابعة للأمم المتحدة وإيران.
ورحب البيت الأبيض بقرار الوكالة. وقال المتحدث باسمه جاي كارني إن القرار كشف «أن الادعاءات الايرانية جوفاء»، مضيفا أن الولايات المتحدة «ستواصل ضغوطها حتى تختار ايران التخلي عن المسار الحالي للعزلة الدولية، بالتعاون مع شركائنا، وبشكل أحادي أيضا».
وأكد كارني ان «الرئيس (باراك اوباما) أعلن في مناسبات عدة اننا عازمون على منع ايران من حيازة السلاح النووي. وإيران مزودة اسلحة نووية من شأنها ان تشكل تهديدا خطيرا للسلام في منطقة (الشرق الاوسط) والامن في العالم». وأوضح «هذا هو السبب الذي حملنا مع آخرين على تشكيل تحالف دولي عريض للضغط على النظام الإيراني وعزله، بما في ذلك عبر مجموعة غير مسبوقة من العقوبات».
ورحبت باريس بالقرار «الحازم» للوكالة ضد إيران، وهددت بفرض «عقوبات عليها لا سابق لها» في حال رفضها الالتزام بواجباتها الدولية. وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه «تطلب فرنسا مع شركائها وبإلحاح من ايران الاستماع الى الرسالة التي وجهتها اليها الوكالة الذرية. وفي حال رفضت ايران الوفاء بالتزاماتها الدولية التي تم تذكيرها بها مرة جديدة وبشكل واضح، فإننا سنفرض عليها مع جميع شركائنا عقوبات لا سابق لها».
ورحبت موسكو بقرار الوكالة الذرية، ورأت ان الهدف منه «مواصلة الحوار والتخفــيف من حدة التوتر» القائم بشأن الملف النووي الايراني. واعتبرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، ان «الهدف من القرار ليس إدانة اي كان بل مواصلة الحوار والتخفيف من حدة التوتر».
وأضاف «نتشارك في القلق الذي عبر عنه القرار الا اننا نشدد على معارضتنا لأي محاولة لتوتير الاجواء المحيطة بهذا الموضوع». وتابع «نبقى اوفياء لمبادئ التحرك خطوة خطوة، وللتقدم المتبادل نحو حل هذه المشكلة، ونرحب بإشارة قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى هذه المبادئ، مؤكدا رغبة المجتمع الدولي في التوصل الى حل عالمي عبر المفاوضات». وأشادت «بالجهود الاضافية التي بذلتها ايران خلال الفترة الاخيرة للدفع قدما نحو حوار مع الوكالة وللتخفيف من مظاهر القلق».
وأعلن الحرس الثوري الايراني ان القوات المسلحة الايرانية بدأت تدريبات دفاعية جوية باسم «ثامن الحجج» استعدادا لـ«أخطار محتملة» تهدد منشآت نووية ومناطق مأهولة، وذلك بعد تصاعد التهديدات الغربية، وتلميح إسرائيل الى أنها قد تهاجم إيران.
وتقوم إيران بهذا النوع من التدريبات مرتين او ثلاث مرات سنويا، وقد أجرتها آخر مرة في ايلول الماضي. وأوضح الحرس الثوري ان هذه التدريبات الجديدة تهدف الى الاستعداد لـ«أخطار محتملة في المجال الجوي، وخصوصا ضد مناطق مأهولة ومواقع حساسة ومهمة وحيوية ومواقع نووية». وذكرت وكالة «ارنا» أن أنظمة صاروخية متقدمة، اضافة الى اجهزة رادار ومدفعية مضادة للطائرات ومقاتلات، ستشارك في هذه التدريبات. وأوضح بيان الحرس الثوري ان التدريبات التي ستجري في شرق البلاد تهدف ايضا الى تنسيق تحركات الحرس والجيش.
إلى ذلك، اضافت سويسرا 116 اسما الى قائمتها الخاصة بالأفراد والكيانات الايرانية الخاضعة للعقوبات، وذلك في أعقاب تصاعد القلق الدولي من الطموحات النووية الإيرانية. وقالت الحكومة السويسرية إن العقوبات الجديدة التي شملت خمسة اشخاص و111 منظمة ستدخل حيز التطبيق على الفور. وتشمل العقوبات حظر تحويلات مالية معينة ومنع الشركات السويسرية من بيع او توصيل ما يسمى بالسلع ذات الاستخدام المزدوج التي قد تستخدم ايضا لأغراض عسكرية.
وكالات
إضافة تعليق جديد