«زلزال» أمني يضرب النروج: عشرات القتلى والجرحى

23-07-2011

«زلزال» أمني يضرب النروج: عشرات القتلى والجرحى

تعرضت النروج، أمس، لـ«زلزال» أمني لم تشهد مثيلاً له منذ الحرب العالمية الثانية، إذ قتل نحو 36 شخصاً وأصيب العشرات في هجومين، أحدهما تفجير استهدف مقر الحكومة في وسط العاصمة أوسلو، والآخر إطلاق نار استهدف مخيماً لشباب حزب العمال الحاكم في جزيرة مجاورة، فيما لم تتضح بعد الجهة التي تقف خلف العملية، وإن كانت أصابع الاتهام تتجه نحو «المتطرفين الإسلاميين» الذين سبق للشرطة النروجية أن أعلنت أنهم يمثلون الخطر الرئيسي على البلاد خلال العام الحالي. آثار التفجير في المقر الحكومي النروجي في أوسلو أمس (أ ب)
وهز انفجار ضخم بعد ظهر أمس وسط أوسلو، واستهدف عدداً من المباني الحكومية الواقعة في وسط المدينة، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً، وإصابة العشرات بجروح. وتسبب الانفجار بحالة من الهلع بين السكان، ما دفع بالجيش إلى نشر وحداته في العاصمة، فيما وجهت الشرطة نداءً إلى مواطنيها بالابتعاد عن وسط العاصمة، وعدم مغادرة منازلهم تحسباً لأية هجمات أخرى محتملة.
وقال متحدث باسم الشرطة إن عربة شوهدت تسير بسرعة كبيرة في المنطقة قبل وقوع الانفجار، لكنه لم يؤكد ما إذا كان الانفجار ناجماً عن سيارة مفخخة.
وعرض التلفزيون النروجي صوراً لمكتب رئيس الوزراء ينس ستولتنبرغ وغيره من المباني وقد أصيبت بأضرار، فيما غطى الزجاج المكسور الأرصفة وارتفعت أعمدة الدخان من المنطقة. وأغلقت الشرطة المنطقة التي تضم مكاتب رئيس الوزراء ووزارة المالية ومبنى صحيفة «فردينز غانغ» (في جي) اكبر صحيفة شعبية في البلاد.
وعادة ما تكون المنطقة التي تعرضت للتفجير، والواقعة في وسط أوسلو، مكتظة بالمارة، لكن انفجار الأمس جاء في وقت من العام يكون فيه العديد من سكان العاصمة خارجها لقضاء الإجازة.
وقال صحافي يعمل مع إذاعة «ان ار كي» في موقع الانفجار «أرى أن بعض نوافذ مبنى صحيفة (في جي) والمقر الحكومي قد تحطمت. بعض الناس ملطخون بالدماء ومستلقون في الشارع». وأضاف إن «شظايا الزجاج تنتشر في كل مكان، والفوضى تعم المشهد. انفجرت نوافذ جميع الأبنية في محيط الانفجار»، مشيراً إلى أنه ظن في بادئ الأمر أن ما وقع كان «زلزالا».
وبعد ساعات على وقوع التفجير، فتح رجل يرتدي زي الشرطة النار على تجمع لشباب حزب العمال الحاكم في جزيرة يوتويا الواقعة على مشارف أوسلو. وأشارت وسائل إعلام نروجية، نقلاً عن شهود عيان، أن ما بين 20 و25 شخصاً قتلوا في هذا الهجوم.
وأشار ضابط في الشرطة إلى أن ثمة احتمالاً بوجود متفجرات على الجزيرة، وذلك استناداً إلى معلومات من أشخاص كانوا يشاركون في مخيم الشبيبة الذي كان من المقرر أن يحضره رئيس الوزراء ويلقي كلمة فيه أمام 650 شخصاً.
وقال مفوض الشرطة سفينونغ سبونهايم للصحافيين في أوسلو «توجد أسباب قوية تدفعنا للاعتقاد بوجود علاقة بين الحادثين».
ولاحقاً أعلنت الشرطة أنها أوقفت مطلق النار، لكنها رفضت الإفصاح عن هويته أو الكشف عما إذا كان مواطنا نروجياً أم لا. وأفادت شهادات نقلتها وسائل الإعلام النروجية أن الرجل كان متنكراً في ملابس الشرطة ومسلحاً ببندقية رشاشة، مشيرة إلى أن مظهره يدل على انه متحدر من شمال أوروبا.
وقال متحدث باسم الشرطة النروجية، خلال مؤتمر صحافي، «ليس لدينا فرضية رئيسية، وليست لدينا أية فرضية يمكننا أن نعمل على أساسها... أمامنا الكثير من العمل لنفهم الوضع».
يذكر أن جهاز الشرطة الاستخباراتية النروجي حذر في تقرير أصدره في شباط الماضي من أن «التطرف الإسلامي» يشكل تهديداً كبيراً للبلاد، مشيراً إلى أن التطرف الإسلامي هو أولويتنا الرئيسية وهمنا الأساسي». وجاء في التــقرير: «برغــم أن عدداً قليلاً من الناس يدعمون التطرف الإسلامي، فإن بعض الجماعات تقوم بنشاطات يمكن أن تسهم في رفع الخطر الأمني في العام 2011».
والنروج عضو في حلف شمال الأطلسي، وتنشر نحو 500 من جنودها في أفغانستان، ولم تتعرض لأي هجوم على أراضيها من قبل مسلحين إسلاميين، لكن الشرطة اعتقلت في العام الماضي ثلاثة مسلمين يشتبه في تخطيطهم لشن هجوم باستخدام متفجرات. كما وجه الادّعاء النروجي خلال الشهر الحالي تهمة الإرهاب للملا كريكار، مؤسس جماعة «أنصار الإسلام» الكردية العراقية. وقد حذر الملا كريكار من أن «النروج ستدفع الثمن غاليا» إذا قامت بترحيله. كما تشارك مقاتلات نروجية من طراز «أف ـ 16» في غارت على ليبيا، برغم أن أوسلو أعلنت أنها ستنسحب من العمليات العسكرية التي ينفذها الناتو في الأول من آب المقبل.
واستهدفت السويد المجاورة بتفجير انتحاري في كانون الأول الماضي عندما فجر عراقي نفسه وسيارته في شارع فارغ قبالة ممر مكتظ بالمشاة، ما أدى إلى إصابة شخصين. كما استهدفت الدنمارك المجاورة في التظاهرات العنيفة التي عمت العالم الإسلامي بعدما نشرت صحيفة «يلاندس ـ بوستين» الدنماركية رسوماً اعتبرت مسيئة للنبي محمد في العام 2005. وقد أعادت صحيفة «افتينبوستن» النروجية نشر تلك الرسوم.
من جهته، قال رئيس الوزراء في مقابلة هاتفية مع محطة تلفزيونية نروجية إنه لم يصب بأذى في الانفجار الدامي الذي وصفه بـ«الخطير»، قائلاً «حتى لو كانت الاستعدادات جيدة، فإن وقوع أمر مثل هذا غالباً ما يترك أثرا خطيرا».
وسارع ستولتنبرغ إلى دعوة أعضاء حكومته لعقد «اجتماع أزمة» من دون الكشف عن مكان انعقاده.
بدوره، قال رئيس بلدية أوسلو فابيان ستانغ إن العاصمة تحاول استيعاب فكرة أنها انضمت إلى قائمة المدن التي يستهدفها مسلحون. وأضاف «اليوم نفكر في الناس الذين يعيشون في نيويورك ولندن الذين عاشوا مثل هذه التجربة... لا اعتقد انه من الممكن لنا أن نفهم ما حدث اليوم، ولكن نأمل في أن نتمكن من الاستمرار وأن تكون أوسلو مدينة مسالمة غداً».
وأشار جير بيكيفولد، عضو البرلمان عن حزب الشعب المسيحي المعارض إلى أن «هذا هجوم إرهابي... إنها أعنف حادثة تضرب النروج منذ الحرب العالمية الثانية».
وسارعت كل من الولايات المتحدة وأوروبا وحلف شمال الأطلسي إلى إدانة الهجومين، وقدمت تضامنها مع الشعب النروجي.
وقال الرئيس الأميركي باراك اوباما «أود تقديم تعازيَّ الشخصية للنروجيين»، معتبراً أن هذين الهجومين هما بمثابة «تذكير المجتمع الدولي بأكمله أن له مصلحة في منع حدوث مثل هذه الأعمال الإرهابية».
وفي باريس، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في رسالة إلى ستولتنبرغ «لقد تأثرت بعدما أبلغت للتو بالانفجار الدامي الذي استهدف وسط أوسلو بعد الظهر... وأدين بأشد العبارات هذا العمل المشين وغير المقبول».
كما أدان الحادث كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ، ورئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، ورئيس البرلمان الأوروبي يرزي بوزيك، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندريس فوغ راسموسين.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...