«عيد الصليب» يُعيد الحياة إلى معلولا

17-09-2016

«عيد الصليب» يُعيد الحياة إلى معلولا

على الطريق الدولي بين دمشق وحمص، يبدو كل شيء طبيعياً في يوم خريفي من عطلة الأعياد حتى مسافة خمسين كيلومتراً، حيث نفترق عن الطريق عبر جسر يقود إلى داخل السلسلة الجبلية. هناك تقع معلولا أو «المدخل» كما يعني اسمها باللغة الآرامية. المدينة الصغيرة الهادئة نسبياً خلال أشهر السنة تضجّ بالحياة في أيام عيد الصليب، حيث يُقام احتفال ضخم يجتذب القادمين من جوارها القلموني إضافة إلى دمشق وحمص ولبنان، بعدما اكتمل نسبياً ترميم الأديرة والكنائس مع وعود بإتمام كافة الخدمات مع نهاية العام.
في الداخل شوارع وبيوت لا تزال شاهدة على الأيام الدموية التي عاشتها البلدة خلال هجوم التنظيمات المسلحة قبل ثلاث سنوات. طرق ضيقة في الحارات القديمة مغلقة بفعل الركام مع حفر تسببت بعشرات الحوادث سواء للمشاة أو السيارات. وضع الكهرباء والمياه في معلولا ليس أفضل من جيرانها القلمونيين الذين ذاقوا مثلهم مرارة الحرب.
ينتصب على أعلى تلة في البلدة تمثال السيدة العذراء أعيد بعد تدميره، أما الأيقونات والأجراس في دير «مار تقلا» ودير «مار سركيس» وكنيسة «مار جاورجيوس» بحاجة لمن يعيد ترميمها وبعضها لا يزال في دمشق. أما الفج الصخري الضيق، وهو أحد أبرز معالم «معلولا»، فيغرق في دوامة من الإهمال لولا الاهتمام به قبل أيام من احتفالات عيد الصليب.
فادي شاب دمشقي قرر هذه السنة مع مجموعة من رفاقه التوجّه إلى معلولا لإشعال النار على الجبال ورفع الصليب كما جرت العادة قبل سنوات طويلة. يقول في دردشة مع «السفير» إن المشهد هناك له طابعه الخاص بسبب الذكريات القديمة والرحلات المتكرّرة ويعقب ابن منطقة «باب توما»: «ننطلق بعراضة كبرى من الساحة الكبرى ومعنا الصليب قبل أن نفترق إلى جهتين شرقية وغربية حيث يكون شبيبة الضيعة قد أعدّوا الحطب في وقت سابق لنتسابق مَن سيجعل الجبل مضيئاً أكثر من غيره». ويضيف رفيقه في الرحلة كرم أن الاحتفالات تتركز تقليدياً في القلمون، خصوصًا معلولا وصيدنايا وفي «وادي النصارى» و «مشتى الحلو» بريف حمص الغربي.
بدورها تعتبر ماري ابنة معلولا العائدة من دمشق، أن حالة البلدة الاحتفالية تقتصر على بضعة أيام في عيد الصليب تتكرّر شتاء خلال عيد الميلاد ورأس السنة، وفيما عدا ذلك لا تزال معلولا بحاجة للكثير لتعود كما كانت. «معلولا جميلة بأهلها وضيوفها، ولكننا بحاجة لتأهيل الطرق واستكمال الترميم والدعم الحكومي للمدارس والخدمات، بعض الشوارع كانت سبباً للانزلاقات المتكررة والحوادث، وقد قرر بعض الأهالي الاستقرار في العاصمة لأنهم غير قادرين على الاستمرار».
على مسافة من معلولا، وفي جارتها صيدنايا، يبدو المشهد أفضل حالاً نسبياً، فالبلدة لم تذُق ويلات الحرب بشكل مباشر على غرار باقي المناطق واستمرّ أحد أكبر أديرتها «دير السيدة» في استقبال زواره والاحتفال بالأعياد إلى جانب المعرة التي أصبحت بدورها مقصداً سياحياً لأهل دمشق وجوارها.

طارق العبد

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...