«منفذو» اغتيال المبحوح أحرار على «فايس بوك»
تملك غايل فوليار 265 صديقاً على موقع «فايسبوك» لغاية كتابة السطور هذه. باتت صورة غايل شهيرة بعدما غزت شاشات العالم كله، وعمّمتها شرطة دبي بصفتها واحدة من بين متهمين آخرين في قضية اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح. بعد تعميم صور وأسماء المتهمين، لا يعود صعباً البحث عن صفحاتهم على «فايسبوك». بطبيعة الحال، لا يصحّ أبداً اعتبار ان الصفحات «الفايسبوكية» تعود إلى المتهمين الحقيقيين في عملية الاغتيال، لكن مراقبة صفحات مواقع التواصل الاجتماعي باتت تعكس مزاجاً واضحاً في الشارع الإسرائيلي تحديداً، يعبر عنه افتراضياً على الشبكة.
تقدّم فوليار نفسها (أو بالأحرى الشخص الذي يدّعي انه هي) على أنها تحب لعب التنس ورؤية أماكن جديدة والقيام بـ«زيارات قصيرة». صفحاتها المفضلة تلك الخاصة بالرئيس الأميركي باراك أوباما، المخابرات الأميركية «سي أي إي» و.. مدينة دبي. تتحدث غايل ضمن نقاشات على «حائط» مجموعات معنية بقضية اغتيال المبحوح من حين إلى آخر. مثلاً، عندما يقول «زميلها» ستيفن دانيال هودس الذي عُمّمت صورته أيضاً انه «ذاهــب في رحلة تجسس مدرسية إلى إيران. هذه المرة سأرتدي شعراً مستعارا» ـ تردّ عليه: «بيتر (أي بيتر إلفينجر، متهم آخر) مستاء لأننا نفصح عن الكثير»، فيجيب هودس: «دعيه يسترخِ. هو يتصرف الآن مثلما فعل في المرة الماضية: لا تذهبوا إلى بركة السباحة، لا تلعبوا التنس. نحن مجرد أصدقاء يتحدثون عن رحلة رائعة قاموا بها معاً».
يتابع النمط الساخر طريقه على «فايسبوك». تطل صورة آنا شونا كلاسبي بشعر أحمر وضحكة عريضة. تملك آنا وهي من الذين عمّمت صورهم أيضاً أربعين صديقاً بينهم طبعاً فوليار وهودس. وضعها العائلي «معقد» كما تقول الصفحة، تحب حياة الرفاهية ولعب التنس! تقول الصفحة إن آنا موظفة في «شركة دولية»، بينما تقول فوليار مباشرة إنها تعمل في «الموساد» وتحب صفحة «باسبورات مزورة للقتلة». يكمل هذا المزيج بين الرغبة الجامحة في تقديم النفس كجزء من الحدث «البطولي» من جهة، والسخرية من الطرف الآخر من جهة أخرى. فها هي كلاسبي تقول إن إحدى صفحاتها المفضلة هي «الجنرال محمد ضاحي خلفان تميم» (أي قائد شرطة دبي).
استكشاف الصفحات التي يقول أصحابها إنهم منفذو عملية اغتيال المبحوح تقدم بوضوح إذاً دلالات لها علاقة بردة الفعل تجاه دبي وشرطتها. تقول فوليار ساخرة «هل هناك أخبار من شرطة دبي اليوم؟ أحسّ بالملل كثيراً». والإجابة تأتي مباشرة من.. صفحة خلفان: «ألم تشاهدي الأخبار. لقد ربحت للتوّ جائزة ذهبية. لا أعرف عن أي فئة لكني ربحت». يرسم صاحب الصفحة لخلفان صورة تعاكس تلك التي قدمها الاعلام الاسرائيلي له عندما اعترف بجدارته. هنا تبان نزعة انتقامية من الأخير، فمن كتب الصفحة ووضع صورة خلفان انتقى له تعريفاً خاصاً. في الخانة المخصصة للهوايات كتب: «الظهور في المقابلات الإعلامية. أنا محظوظ ان المبحوح قد اغتيل وإلا لما كان أحد قد عرف بوجودي». الموسيقى المفضلة: النشيد النازي(!)، الاهتمامات: الباسبورات، البرنامج المفضل: أي برنامج أنا أظهر به، الأفلام المفضلة: «بوند.. جايمس بوند»، الكتب المفضلة: د. واطسون والسيد هولمز. أما في خانة الاهتمامات فيحضر اتهام له بكره اليهود «أستطيع ان أشمّ رائحتهم على بعد أميال، هم قتلوا الضاحي الذي لا يؤذي نملة».
وزيرا الليكود صديقان لمنفذين
تكمن «المفاجأة» الأبرز في الإطلاع على صفحة الوزير الليكودي جيلعاد إردان وزميله ميخائيل إيتان. فبين 3698 صديقاً يحرص إردان على التواصل معهم، تبرز صورة واسم غايل فوليار. الوزير إردان صديق فوليار على «فايسبوك» إذاً. والأمر نفسه ينطبق على الوزير إيتان. هنا معضلة أخرى، إذ لا يعود افتراضاً القول إن الوزيرين يوافقان على أن يكونا صديقين (ولو افتراضيين) لشخص يقول (ولو ادعاءً) انه شارك في اغتيال المبحوح، بينما يصــرّ خطاب اسرائيل الرسمي على الامتناع عن الاجابة حيناً ونفي التهمة عن الموساد أحياناً، تحديداً عند سؤال سفرائها عن حقيقة جوازات السفر المزورة.
تتكفل مواقع التواصل الاجتماعي بتظهير ردود الفعل أكثر فأكثر. استطاعت صفحة تحمل عنوان «أنا أيضاً شاركت في عملية دبي» باللغة العبرية ان تجمع حتى اللحظة 6260 «معجباً» من مختلف الأعمار. كلهم يحتفلون «بالإنجاز». معظمهم من الاسرائيليين كما تدلل أسماؤهم. وفي حين لا يمكن أبداً الجزم بحقيقة هوية أصحاب صفحات من يدعون انهم المنفذون، لا يعود القول إن حماسة متصفحين إسرائيليين للانضواء تحت لواء صفحة من هذا النوع فعل افتراضي بالكامل.
هو خيط رفيع يفصل بين الافتراضي والراهن على مواقع التواصل الاجتماعية، والأكيد ان قضية اغتيال المبحوح ستقدم كماً هائلاً من المعطيات الافتراضية والراهنة التي يجدر التوقف عندها في محطات لاحقة.
مايسة عبود
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد