«يوميات الحرب على سورية».. مـــن الســـلالات الغازيـــة.. إلـــى الســــلفية الإرهابيــة
كثيرةٌ هي الكتب التي صدرتْ، وتدين الحرب على سورية، ومنذ بدايتها إلى اللحظة التي لايريد فيها أعداء هذا الوطن، إطفاء نار حقدها وكسر شوكتها... كثيرة هي ولكن، قليلة بل نادرة تلك التي أرَّخت ووثَّقت للأحداث التي رافقت هذه الحرب، ومنذ اندلاعها 2011 حتى 2016. العام الذي لازالت تسعى لتزويده بما يزيد من عارها وإجرامها.
من هذه الكتب «يوميات الحرب على سورية» الكتاب الذي أرَّخ ما انتظرناه يصدر ويؤكّد بعين الشاهد على تفاصيلِ الأحداث وبشاعة المشاهد.. يؤكّد، على ماأكّد عليه الكاتب «نبيل صالح» وفي مقدمته «الثورة السلفية على الأمة السورية».. وبعد أن استشهد برؤية «هيغل» الذي يرى في كتابه «العقل في التاريخ» بأنَّ: «الواقع زائف، أو أنه لايمثل الحقيقة النهائية». الرؤية التي ما استشهد بها «صالح» إلا ليدل، على أن «صورة الواقع المباشر ليست واقعاً نهائياً. ذلك أن فكرة التاريخ وفلسفته تأتي لاحقة لزمنِ وقوع الأحداث التاريخية، وكذا الحرب السورية، التي وضَّحت ومنذ اندلاعها، بأن تفاعل العقل في التاريخ، وتخمّره في الزمان، كان من عرّى بعض الحقائق والأسرار.. والأكاذيب»..
حتماً هي البداية، التي بسطَ بعدها «صالح» الفضاء السوري الحضاري، ومذ كان هذا الوطن «مركز العالم القديم الذي مرّت عليه سنابك كل غزاة العالم ممن تركوا سلالاتهم في شيفرتنا الوراثية» إلى أن «تشكّلت بعد الاستقلال دولة «شبه المواطنة» حيث تأوربَ الناس بسرعة، وتجاهلوا دمامل التاريخ المتقيّحة على جسد الوطن. الدمامل التي انفجرت دفعة واحدة في بدايات العام 2011» على الأرض السورية.
إنه تمهيد للحديث الذي استفاضَ به عن الاحتلال الفرنسي ومن ثم العثماني.. عن جماعة الأخوان المسلمين الذين أسَّسوا أيديولوجيتهم على فكرة استعادة الخلافة العثمانية.. عن انضواء المتمردين التركمان تحت قيادة هؤلاء، وبرعاية الدولة التركية التي ولأنها عجزت عن توحيد ألويتهم المتعددة، اختلفوا وبدأ كل منهم مدعوماً بتركيا وقطر، بشنّ حقده الإجرامي وفكره التكفيري، وبإعمالِ مخالب عداوته في عمق الوطن السوري.
لاشكَّ أن كل هؤلاء، هم منتج بريطاني-صهيوني- أميركي، وهو مايشهد عليه التاريخ البعيد والقريب، وما تنطق بحاله، الكتب والمطابع والفضائيات والمعاهد السلفية المعادية لأي عقلية أو حركة تنويرية.
هذا مايحكي عنه «يوميات الحرب على سورية» الكتاب الذي هو من تحرير الكاتب «نبيل صالح» وإعداد «بسام حكيم» والذي احتوى وبعد مقدّمته التشريحية الواضحة وضوح الحق لمن لايزال لديه أضغاث أوهام أو خفايا تاريخية، على تفاصيل المؤامرة التي لم تكن سوى هيجان وفوضى واقترافات لاأخلاقية ولاإنسانية.. التفاصيل التي تروي ماحدث مُذ أول يوم في المظاهرات التي انطلقت من أماكن العبادات، الجوامع التي خرجَ منها المتمردون بطريقة هدّامة واستفزازية وتخدم مصالح ونيات الجهات الداعمة والموجِّهة للأفكار السلفية.
نعم، لقد خرج المتمردون في مظاهراتٍ حملت رايتها كل الجماعات الإسلامية التي خرجت من عباءة الاخوان المسلمين، وكل الكتائب الجهادية المتمردة، يضاف إليهما، فئة قليلة من منشقي اليسار الشيوعي والبعث الديمقراطي وسواهم ممن لايمكن أن يجتمعوا واجتمعوا في تورطهم وتحريضهم للمتعصبين المتمذهبين. أولئك الذين فسحوا المجال لدخول تنظيمات إجرامية هدفها تدمير وسحق والقضاء على الوطن الذي كان ولايزال وسيبقى، جغرافيا الحياة الأشمل والأعم في انسجامها واحتوائها على ثقافة المواطنة والتعايش مع كافة طوائف ومذاهب وأعراق السوريين.
كل هذا وأكثر، قرأناه في الكتاب الذي أدان أيضاً، الصهيونية والمتآمرين معها من الأطراف العربية. فعل ذلك، بالكثير من الأرقام والحقائق التي بدأت منذ اندلاع الحرب التي أوقدتها نيران التعصّب المصحوب بتحريض إعلامي عربي ودولي، وفي كلّ مدينة من المدن السورية.. أيضاً، بالكثير من الوثائق والإثباتات التي تُدين المتورطين والمسلحين والسلفيين وسواهم من التنظيمات التي رصدت جواسيسها وعملاءها وعقدت صفقاتها واتفاقياتها، ومع كل المشاركين من عملاء وخونة وأعداء وإرهابيين.
باختصار، هذا مايحكي عنه «يوميات الحرب على سورية».. الكتاب الذي يوثّق لكلّ ماعشناه واستخلصناه من هذه الحرب البشعة التي وإن أوجعتنا، إلا أنها لم ولن تتمكّن من هزيمتنا، ولأن: «مؤسسة الجيش المتنوعة بتنوع السوريين، بقيت صامدة وحمت الأمة السورية من حربٍ طائفية كانت تخطط لها المعارضة، لتستقطب الأكثرية إلى جانبها.. ولأنَّ، نصف قرن من الاختلاط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي، وشطب خانة المذهب من البطاقة الشخصية، والتزاوج بين نخب الطوائف، وانتشار مفهوم المواطنة بين المتعلمين، أفشل الخطة في غالبية المدن السورية».
هفاف ميهوب: الثورة
إضافة تعليق جديد