أبرز ملامح تعديلات عباس على قانون الانتخابات الفلسطيني
الجمل: نقلت التقارير والأخبار، قيام محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بالإعلان عن بعض التغييرات والتعديلات في قانون الانتخابات الفلسطيني.
· أبرز ملامح التعديلات الجديدة:
سوف يكون التصويت وفقاً للتعديلات الجديدة، على أساس اعتبارات القوائم الحزبية، وليس عن طريق الدوائر الانتخابية. وبكلمات أخرى، في الانتخابات الفلسطينية الماضية، كان يتم اختيار نصف المقاعد في المجلس التشريعي (البرلمان) الفلسطيني عن طريق القوائم، والنصف الآخر عن طريق الدوائر، وبموجب التعديلات الجديدة فسوف يكون التصويت حصراً عن طريق القوائم.
· الأهداف غير المعلنة للتعديلات الجديدة:
تشير الإحصاءات الخاصة بالانتخابات التشريعية السابقة إلى أن حركة حماس قد حصلت على الأغلبية العظمى في انتخابات الدوائر الانتخابية، وذلك لأنها استفادت من الانقسامات التي حدثت في صفوف منظمة فتح، على النحو الذي أدى إلى تعدد مرشحي حركة فتح في الدوائر الانتخابية، بما يترتب عليه تشتيت أصوات الناخبين المؤيدين لحركة فتح.
واستناداً إلى معطيات التعديلات الجديدة، فإن القراءة الفاحصة في هذه التعديلات تؤكد أن الرئيس محمود عباس، قد هدف من ورائها إلى تعزيز ودعم موقف حركة فتح الانتخابي من جهة، وإضعاف موقف حركة حماس الانتخابي من الجهة الأخرى،
· الأراضي الفلسطينية ومعطيات الانقسام:
انقسام الأراضي الفلسطينية إلى قطعتين من الأرض –وهو الانقسام الذي قبل به زعيم حركة فتح ياسر عرفات في اتفاقية أوسلو- هو انقسام ترتب عليه (تنضيد) المجتمع الفلسطيني الى مجموعتين: الأولى في قطاع غزة تتميز بتوجهاتها الإسلامية، والثانية في الضفة الغربية يغلب عليها التوزيع العشائري، وتعددية الانتماءات السياسية والمذهبية، وذلك إضافة إلى الفلسطينيين الآخرين الذين ظلوا موجودين ضمن الكيان الصهيوني.
أخذ صراع غزة- الضفة طابعاً ديناميكياً بعد انفراد حركة حماس الإسلامية التوجهات بالسيطرة على قطاع غزة، وانفراد حركة فتح بالسيطرة على الضفة الغربية. وقد فتح انقسام السيطرة هذا الباب واسعاً أمام الصراع الفلسطيني- الفلسطيني، الذي كان يأخذ طابع الخلافات الفصائلية، إلى أن يأخذ طابعاً جيو-سياسياً يرتبط بالأرض.
بعد انفراد كل طرف بالسيطرة على جزء من الأراضي الفلسطينية، أخذ الصراع طابعاً نوعياً جديداً، وذلك أن (هجوم حماس العسكري) على حركة فتح، أدى بالمقابل إلى (هجوم فتح السياسي) ضد حركة حماس، ومن أبرز الخطوات التي أنجزتها فتح في هذا الهجوم السياسي:
- حل الحكومة الفلسطينية التي كانت موجودة برئاسة حماس وتعيين حكومة جديدة من التكنوقراط المقربين لحركة فتح.
- تطهير مؤسسات السلطة الفلسطينية من العناصر الموالية لحركة حماس.
- تهميش دور ونفوذ المجلس التشريعي الفلسطيني.
- الحصول على الدعم الغربي والأوروبي والإسرائيلي وأيضاً دعم حكومات المعتدلين العرب (الأردن، مصر).
- عزل القوة التنفيذية الموالية لحماس من مؤسسات السلطة الفلسطينية.
- الإعلان عن التعديلات الجديدة في قانون الانتخابات الفلسطيني، بما يدعم موقف فتح ويضعف موقف حماس، والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة.
· ديناميكيات الصراع الفلسطيني- الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية إزاء سيطرة حماس بالقوة العسكرية، ردت حركة فتح بالقوة السياسية عن طريق استخدام آلية صنع واتخاذ القرار المتاحة للسلطة الفلسطينية.. واستطاعت حركة فتح استخدام آلية الشارع السياسي في الضغط على حماس داخل قطاع غزة خلال مظاهرات الجمعة الماضية.
و بالمقابل، تحركت حماس بعد تحركها العسكري، على المحور السياسي، وأصبحت تستند في مواجهتها السياسية مع حركة فتح على الآتي:
- تمثل حماس خيار الشعب الفلسطيني لأنها فازت على حركة فتح عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات الفلسطينية التشريعية.
- ان المجلس التشريعي الفلسطيني هو مجلس منتخب ديمقراطياً بواسطة الشعب الفلسطيني، وليس لأي جهة تجاوز هذا المجلس، لأنه يمثل السلطة التشريعية العليا بحسب الدستور الفلسطيني.
- ان قرارات محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية التي أصدرها بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، هي قرارات باطلة غير شرعية لأنها لا تستند إلى المجلس التشريعي الفلسطيني.
- ان مجلس الوزراء الفلسطيني الجديد الذي يترأسه سلام فياض، هو مجلس غير شرعي بسبب عدم موافقة المجلس التشريعي الفلسطيني عليه، وأيضاً بسبب أن محمود عباس ليست له صلاحية تعيين مجلس الوزراء، وفقط يقوم بتقديم أسماء الوزراء المرشحين الى المجلس التشريعي، الذي يتولى حصراً مسؤولية إصدار الموافقة النهائية على تعيينهم.
- ان مجلس الوزراء الذي تترأسه حركة حماس هو المجلس الشرعي، طالما أن المجلس التشريعي لم يقم بحله.
الصراع المؤسسي الفلسطيني، وصل إلى مستوى الثنائية، بحيث أصبح يوجد في الساحة الفلسطينية:
- رئيس الوزراء (سلام فياض) الذي يتمتع بتأييد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية.. ورئيس الوزراء (اسماعيل هنية) الذي يتمتع بتأييد المجلس التشريعي الفلسطيني.
- قوات الأمن الفلسطينية التابعة لحركة فتح وللسلطة الفلسطينية في رام الله، والقوة التنفيذية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة.
ولم ينحصر الخلاف على الصعيد الداخلي الفلسطيني، بل اكتسب طابعاً عابراً للحدود، وأثر على مواقف الفصائل والجماعات الفلسطينية الموجودة خارج الأراضي الفلسطينية، والتي انقسمت بين مؤيد لحماس، ومؤيد للسلطة الفلسطينية بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة (عبر المجلس الوطني الفلسطيني).
وعموماً، جولات الصراع الفلسطيني- الفلسطيني سوف تأخذ وقتاً أطول، وذلك لأن إسرائيل وأمريكا ترغبان –كما هو واضح الآن- بالإبقاء على حالة الانقسام الفلسطيني والعمل على تعميقها بما يؤدي إلى قيام دولتين فلسطينيتين أمراً واقعاً.. وذلك على النحو الذي يجعل من (فكرة) الدولة الفلسطينية المرتقبة أشبه بالتوأم السيامي ذو الرأسين.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد