أمريكا وحرب الوكالة في لبنان

31-07-2006

أمريكا وحرب الوكالة في لبنان

ماذا وراء تضافر الصحف الاميركية في ترداد تعبير حرب الوكالة ومعركة النفوذ بين الولايات المتحدة وإيران في لبنان؟ ولماذا تستفيض الصحف الاميركية بالحديث عن الدور الايراني في المنطقة وتهديده للحكومات العربية السنية تحديداً، مع اندلاع الحرب الاسرائيلية على لبنان، فيما تأتي على ذكر الدور الاميركي في الحرب كأنه بديهة لا تستحق التعليق؟
في تقرير نشرته صحيفة لوس أنجلس تايمز أمس، بعنوان إيران هي هدف بوش في لبنان، تحدثت الصحيفة عن حرب بالوكالة في لبنان، بطلاها أميركا وإيران اللتان تتعاركان حول بسط النفوذ في الشرق الاوسط، وتستخدمان إسرائيل وحزب الله كأدوات حربية.
ونقلت الصحيفة عن أحد مساعدي الرئيس الاميركي جورج بوش، أن النزاع في لبنان هو أكثر من مجرد حملة تقوم بها إسرائيل لحماية مواطنيها من صواريخ حزب الله. فهي لحظة فرصة للولايات المتحدة كي تواجه أهم أهدافها: ليس حزب الله ولا سوريا المجاورة، بل إيران البعيدة، في معركة بسط النفوذ في الشرق الاوسط. أضافت إن البيت الابيض قرّر أن الاهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة هي ذاتها الاسرائيلية: هزيمة حاسمة لحزب الله، واستطراداً لايران.
ولم تتردد الصحيفة بالتبشير بمرحلة ما بعد انتصار إسرائيل في الحرب، رابطة بين تجربتي لبنان والعراق: كما في حرب العراق، فإن النجاح الطويل الامد في لبنان سيقتضي مساراً طويلاً لمرحلة ما بعد الحرب، عبر بناء المؤسسات الديموقراطية، ومنع ميليشيات كحزب الله من النمو مجددا. ونقلت عن رئيس دائرة مكافحة الارهاب في وزارة الخارحية الاميركية هنري كرامبتون، قوله :إن هذه هي مجرد البداية في فصل طويل ومعقّد.
وأوضحت لوس أنجلس تايمز أنه خلف التفاصيل الدبلوماسية، في أذهان بوش وأقرب مساعديه، ثمة مسألة كبيرة: التأكد من أن حزب الله وداعمتيه، سوريا وإيران، سيخرجون من الازمة بقوة محدودة، وليس مزعزعة.
وخصصت الصحيفة قسماً كبيراً من تقريرها للحديث عن الطموح الايراني لتأسيس الهلال الشيعي في المنطقة. واشارت إلى دعم طهران لكل من الزعيم العراقي الشيعي الراديكالي مقتدى الصدر، والحركة الفلسطينية السنية الراديكالية حماس التي ترفض حق إسرائيل بالوجود، الامر الذي أعاق الجهود الاميركية في التوسط من أجل السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وجعل منها (إيران) عنصراً مهماً في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.
وأشارت إلى شكوك أميركية حول أن إيران شجعّت حزب الله على خطف الجنديين الاسرائيليين وإثارة الحرب في المنطقة، بهدف إلهاء الولايات المتحدة وحلفائها عن اتجاههم إلى فرض عقوبات دولية على طهران بسبب نشاطاتها النووية.
وبررت الموقف الاميركي في مؤتمر روما نقلا عن السفير الاميركي السابق إلى إسرائيل مارتين إنديك، الذي قال :إن الادارة (الاميركية) لم تدعُ إلى وقف فوري لاطلاق النار لأن الطريقة الوحيدة لفعل ذلك تكمن بالاستدارة صوب إسرائيل وقول: توقفي، ما سيشكل انتصاراً ضخماً بالنسبة لحزب الله واستطراداً إيران.
الحديث ذاته عن الحرب بالوكالة تكرر في تقرير آخر في صحيفة نيويورك تايمز من طهران، أشارت فيه إلى ان قائد حزب الله يتبدّى كزعيم للعالم العربي، فيما إيران تنعم بالنصر المنعكس عليها. وحاولت الصحيفة بدورها، أن تثبت عبر شهادات سابقة لشخصيات إيرانية، أن إيران كانت على علم مسبق بعملية خطف الجنديين الاسرائيليين.
وتابعت الصحيفة نقلا عن خبراء ومحللين في السياسة الخارجية، أن إيران نصحت حزب الله بأن لا يظهر للعيان مقدرته العسكرية من أجل تجنب الشكوك الاسرائيلية... وعملت جاهدة لاقناع اللبنانيين والمسلمين حول العالم، بأن حزب الله ليس ملاما على تدمير لبنان وأنه مقاومة شرعية، بهدف حماية نفوذ الحزب في لبنان بعد الحرب، ومعه النفوذ الإيراني في المنطقة.
واستنتجت أن إيران بذلك تستغلّ الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، كي تنفي مقولة انها تطمح لتزعم العالم الاسلامي بمختلف أعراقه وقومياته، عبر التأكيد أن حزب الله مقاومة مشروعة غير مذهبية تدافع عن مصالح العرب بمختلف طوائفهم.
واستفاضت الصحيفة الاميركية في حديثها عن ال المخاوف التي تثيرها (إيران) في أوساط القيادة السنية في المنطقة. وحذّرت من أنه إذا خرج حزب الله كالقوة السياسية الاساسية في لبنان، فإن الحكومات العربية، التي لم تضغط من أجل تحقيق وقف لاطلاق النار، قد تجد نفسها مضطرة للمرور عبر إيران من أجل التعامل مع حزب الله. وأنذرت من أنه إذا استمر حزب الله بقصف صواريخه داخل إسرائيل لستة أشهر أخرى أو عام آخر، فقد يجعل الاضطراب الناتج في المنطقة من إيران قوة يحسب لها حساب في لبنان كما في العراق

المصدر: السفير  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...