أنطون مزّاوي:صرخة اللون الأحادي وحديث الروح الملون

09-12-2017

أنطون مزّاوي:صرخة اللون الأحادي وحديث الروح الملون

 

فن الفوتوغرافيا يعتبر حديث الروح للروح واللون للصورة والإحساس للأروح الفنية المتعبة..والباحثة عن خشبة الخلاص البصري وعن المستحيل ..وكما يدغدغ شعورنا الشاعر بقصيدته وكما فن التمثيل يجسد الشخوص والأحداث والأزمان ليشكل بانوراما لملهاة ومأساة الحياة ..وكما الموسيقى تكون أنغامها مقفاة وموزونة ..تتسلل إلى أعماق وجداننا عبر قنوات السمع ..وكذلك الفن الضوئي وتلاعبه بألوان الطيف السبعية ومزجها وتكوينها يعتبر موسيقى من نوع آخر موسيقى الإبصار التي منها يتسلل إلى منابع تدفق الخير والحق والجمال والإحساس بفلسفة الصورة ..فها نحن بحضرة ابن مدينة الياسمين دمشق .

لنرحب بالفنان المحامي الأستاذ أنطون مزّاوي .

*إن الإبداع لدى الفنان أنطون مزّاوي لايتوقف عند حد ..بل هو موجات بحرية فوتوغرافية تتلاطم ووتلتحم ببعضها بلون خارق مبدع..مواهبه متنوعة ومتعددة المشارب مثل ألوان الطيف في قوس قزح..صافية ومتألقة وجميلة ومفرحة ..يمزج عبر صوره الفوتوغرافية اللون بالضوء وبنغم التدرجات الرمادية للون الأحادي.. وصورة تشكل لوحة مغناة تتمحور ضمن بوتقة الإبداع البصري الفني لتؤكد بأن الفن الضوئي واحد لايتجزأ في التصوير الفيلمي العادي وبالألوان وفي تصوير الديجيتال الرقمي..وكل ذلك أتى في سياق فني ثقافي وخبرة تقنية ناتجة عن إرث معرفي للأصول وتاريخ الفن الضوئي السوري ..ولاسيما وهو واحد من الرعيل الأول الذي حمل راية التحدي والصمود لكي يرتفع مجد وألق الصورة و الفن الضوئي الذي كان يعيش في كنف الفن التشكيلي..ليس هذا وحسب ولكنه إستطاع بمقدرة وبذكاء مواكبة جيل الشباب والتواصل معه عبر شبكات الأنترنت ومواقع التواصل كالفيس وغيره..ليثبت لنا بأنه شاب وأعماله تضج بالحيوية والحداثة.. فبعد دراسة الحقوق وبدايته بممارسة التصوير الضوئي زمن الفيلن العادي والملون ..و تقديمه في نهاية ثمانينات القرن الماضي ثلاثة معارض عن فن تصوير البورترية – بورتريه طقوس الدراويش في العام 2007م.. و بورتريه نساء شرقيات في العام 2002م و بورتريه لمحة من الحياة في العام 1998م..وجاءت معارضه السابقة بجعل اللون الأحادي وتدرجات السلم الرمادي بين اللون الأبيض والأسود ..ليؤكد لنا مقدرته الفنية والتقنية على التحكم بكوادره المصورة بدءاً من لحظة الإلقاط وحتى تحميض وإظهار الفيلم الأبيض والأسود وطباعته وتكبيره..وكذلك في الفيلم الملون وطباعته ..ليسقط لنا حبه وعشقه للمرأة ويقدم لنا معاناتها في بيئتها وأيضاً لتدخل كاميرته وترصد عدساتها طقوس الدراويش والخلوات والأنماط الصوفية مثل الرقص الشيخاني والمولوية والموالد وحلقات الذكر..وكذلك رصده حركات وتحركات البشر في حياتهم اليومية ومعاناتهم في السراء والضراء عبر حديث الروح الملون والعادي..فكانت معارضه ومشاركاته المحلية والعربية والعالمية زوبعة ألوان صارخة بألوان الحياة وعبر صرخات اللون الأحادي بالأبيض و الأسود حيث كانت تتناغم بهرمونية عجيبة من التميز والإبداع ..لتنساب أفكاره التي يقدمها بصوره أمام المشاهدين أو المتلقين لأعماله الضوئية..

**هل أصبحنا بحاجة للعلاج بالمعلومات أم أصابنا دوار بحر التكنلوجيا وصداع عالم الديجتال والغزو الثقافي والتكنلوجي ..وأصبحنا نقبع بين فكي كماشة الأجهزة والبرامج التي تضج عبر الشبكة العنكبوتية لتشكل شباك نقع في شركها..فقد أضحت الموبايلات والكاميرات الرقمية ووسائل الإتصال الحديثة هي شغلنا الشاغل..فتغيرت لغة الحوار فيما بيننا كبشر ..ماهو رقمك الخليوي وما هو الواتس آب وما هو الفايبر وماحسابك على الفيس وعلى تويتر وعلى أنستغرام ..وتجد الأسرة بكاملها تمسك أجهزتها وتتبادل الأحاديث والتواصل والضحك والفرح وربما الحزن عبر تناقلها الأخبار من ساحات الحروب والصدام في الوطن العربي وغيره..وهذا الإنجاز الكبير الذي قرب المسافات وأصبح أي فرد يمكنه مشاهدة مباراة أو حدث فني أو خبر سياسي أو كارثي لحظة بلحظة وأضحى الصغير والكبير يشترك في صنع ونقل الخبر إلى شتى أصقاع المعمورة لحظة بلحظة..ومن هنا نقول بأن مايهمنا هو الفن الضوئي الذي أصبح جماهيراً وغدا في كل بيت كاميرا وموبايل يصور..من هنا بدأ دورنا جميعاً كإعلاميين ومصورين ومدرسين وصناع القرار الضوئي لما للصورة من سلاح ذو حدين في إطهارها الحقيقة وفي الفبركات الإعلامية والكذب للتأثير على الرأي العالمي….وكذلك بضرورة التصدي لمطلبات العصر ومواكبة حاجات جيل الشباب والشابات من المعرفة النظرية والتقنية ..ومن هنا نثمن على الدور الذي قدمه الأستاذ أنطون في التدريس ببعض الجامعات للفن الضوئي..ولإقامته العديد من الورش وحلقات التدريس والتعليم للناشئة وللشباب من الهواة والمحترفين وقد تخرج من تحت يديه الكثير من طلبة وعشاق الفن الضوئي من خلال مسيرته الفنية البصرية التي تجاوت الثلاثين عاماً في تأهيل وتدريب الكوادر الفوتوغرافية والإعلامية.

**ولعل اللافت للنظر عندنا بأن الكثير من المصورين لم يولوا الثورة التكنلوجية أهمية كبيرة في باديء الأمر ..ولم يكونوا قادرين على تصور مايمكن أن تسفر عنه الإكتشافات الجديدة للتقنيات والمعدات الفوتوغرافية من عدسات وكاميرات عادية ثابتة ومتحركة للفيديو والسينما..فلقد كان البعض منهم يظن أن ثورة الديجيتال لاتعدو أن تكون نمراً من ورق أو مارداً من الشمع..بل أن بعض المصورين لم يرهقوا أنفسهم كثيراً في دراسة مادرج بعض المصورين وتحديداً الشباب على الولوج فيه بإنشاء صفحاتهم على الفيس بوك وإنتشارهم السريع ونيلهم الجوائز وكانت إنتشارهم كما النار في الهشيم ونحن الباقين من جيل الرواد والوسطيين بينهما بين مصدقين وبين مندهشين ومستغربين ..على تلك الإمكانيات الفنية الواعدة للفوتوغرافيا العربية والعالمية..وما مضت فترة قصيرة حتى أصبح الخيال حقيقة وتحول الحلم إلى واقع ضوئي ملومس بالفعل ..فأصبحت تنشاهد شاب أو فتاة يتجرأ ويمتلك كامير بآلاف الدولارات ويحقق إنتصاره التكنلوجي على الخبرة والماضي العريق للكثير من رواد وصناع الشأن الضوئي..وأما الأكثر من هذا وذاك فهو المسابقات الدولية وإقامة إتحادات دولية وعربية لفن التصوير ..وتجاوزت الصورة الحدود المحلية والعربية وحملت جواز سفر دبلوماسي ضوئي..ليس بحاجة لتأشيرات دخول للمشاركة أو للمشاهدة..وغدت الصورة عبر جهاز الموبايل وعبر المحطات الفضائية والأقمار الصناعية والشبكة العنكبوتية تحتل السدة الرئيسية في الصحف والمجلات والكتب والدوريات والكاتلوكات في الصحافة المطبوعة بالميديا وفي السوشيل ميديا عبر مواقع التواصل الإجتماعي ..ووقفنا حيارى بين ماض جميل للأبيض والأسود والتحميض والطبع وندرة الكتب والمراجع وبين الكم الهائل من المعلومات والمواقع التعليمية الثابتة والمتحركة عبر اليوتيوب..وهذا فتح أبواب جديدة وعهد جديد عندنا وعند الأستاذ الفنان أنطون مزّاوي وفي الحياة يصعب على العقل أن يتصور أبعادها وإمكاناتها في كثير من الأحيان ..ولكن الكثير من الفنانين ومنهم الفنان أنطون مزّاوي أصبح قادراً على التدخل عن عمد وبشكل مقصود في صنع مصور وإنسان جديد يتم تحديد سماته الفنية وخصائصه المعرفية بصورة مسبقة..وبالرغم من بعض الإشكالات والمعضلات الإجتماعية والمشكلة ليست بالتكنلوجيا وسرعة تطورها المذهلة ولكن المشكلة تكمن في إعتبارات إنسانية وأخلاقية وقانونية ..والوصول لصيغ تحافظ على الحقوق لأعمال المصورين وفي كيفية تحقيق الآمال المعقودة على منجزات العلم والتكنلوجيا في عالم الديجيتال وعالم الصورة وفي القدرات المرجوة من جيل الشباب جيل المستقبل ومن ورائهم دعم وخبرة الأساتذة والمختصين بالفن الضوئي..
**من هنا ندلف للقول بأن الفنان الأستاذ أنطون مزّاوي كان بحق نجم ساطع وفاعل في مسيرة الفن الضوئي السوري بحيث سطعت أعماله عربياً وعالمياً وقدم خبراته ومعارفه البصرية لجيل الشباب ..وعشاق الفوتوغرافيا من هواة ومحترفين..ومن هنا نرفع الصوت عالياً ونلفت العناية لمن يهمهم الأمر بضرورة تسليط الضوء على الفنان المبدع وتكريمه حق التكريم ليبقى فنه وتُخلد أعماله وتكون منارة هداية لعشاق الفن والذوق البصري الجمالي الضوئي..

بقلم المصور : فريد ظفور

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...