أوروبـا تـؤجـل الشـراكـة مـع روسـيا

02-09-2008

أوروبـا تـؤجـل الشـراكـة مـع روسـيا

ربط الاتحاد الأوروبي، أمس، بين شراكته مع روسيا وانسحاب قواتها من جورجيا، لكنه اكتفى بالإعلان عن »إرجاء« المحادثات حول هذه المسألة، متجاهلاً الدعوات إلى فرض عقوبات على موسكو، التي لم تحظ بإجماع الدول الأعضاء، في وقت أكد فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنّ بلاده لن تسمح لأحد بجرها إلى مواجهة، مطالباً واشنطن بالاعتراف بعالم ما بعد الهيمنة الأميركية.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في مؤتمر صحافي مع رئيس المفوضية الأوروبية خوسه مانويل باروسو في اختتام قمة بروكسل الطارئة حول الوضع في جورجيا، »إننا نرجئ كل اجتماعاتنا حول اتفاق الشراكة الاستراتيجية« مع روسيا.
واعتبر ساركوزي أن »هذه الأزمة تعني أن علينا إعادة النظر في علاقاتنا مع روسيا«، لافتاً إلى أنه »يتعين وجود طرفين لإقامة شراكة«. وأوضح أنه »كان من السهل نسبيا التوصل إلى تفاهم« داخل الاتحاد الأوروبي حول الموقف الواجب اتخاذه حيال موسكو.
وأضاف »ندين من دون التباس رد الفعل غير المتكافئ للروس، وندرك، نحن في أوروبا، مسؤوليتنا في إبقاء الحوار مع جيراننا الروس«. واستبعد الرئيس الفرنسي فرض عقوبات ضد روسيا في الوقت الحالي، داعياً إلى »عدم شن حرب باردة واستعراض العضلات وعروض القوة وفرض عقوبات وعقوبات مضادة، فهذه الأمور لن تخدم أحدا«.
وشدد ساركوزي على ضرورة »إعطاء فرصة للدبلوماسية«، موضحاً أنه »في حال نجح الأمر سيكون الاتحاد الأوروبي قد اثبت فاعليته، وإذا لم ينجح سنجتمع وسنتخذ قرارات أخرى، لكن يجب التعامل مع الأمور بشكل تدريجي«.
من جهته، أشار باروسو إلى أنه »ما دام انسحاب القوات (الروسية من جورجيا) لم يتم، فإن كل الاجتماعات حول اتفاق الشراكة قد تم إرجاؤها«.
وكان مقررا أن تعقد جولة التفاوض المقبلة بين روسيا والاتحاد الأوروبي في ١٥ أيلول الحالي في بروكسل، بهدف التوصل إلى اتفاق جديد لتعزيز العلاقات، علماً بأنّ الجانبين سبق أن وقعا اتفاقات شراكة في العام ،١٩٩٧ لا سيما في مجال الطاقة.
وأعلن باروسو وساركوزي أنهما سيتوجهان مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الأسبوع المقبل إلى موسكو وتبليسي في محاولة للتقدم نحو تسوية النزاع، خصوصا لجهة تأمين انسحاب كامل للقوات الروسية من جورجيا.
وفي البيان الختامي لقمتهم، أدان القادة الأوروبيون الاعتراف الروسي بجمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، داعين الدول الأخرى إلى عدم اتخاذ خطوة مماثلة. كما طالبوا موسكو بسحب ما تبقى من قواتها من جورجيا »من دون أي تأخير«.
من جهتها، أكدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أنّ روسيا أبدت استعدادها لسحب قواتها إلى المواقع التي كانت تشغلها قبل الصراع في جورجيا، مشيرة إلى أنّ الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف أبلغ ساركوزي بذلك، خلال اتصال هاتفي بينهما مساء أمس الأول.
وفيما أكدت ميركل أنّ »انتهاك وحدة أراضي جورجيا أمر غير مقبول«، دعت إلى اعتماد »الصراحة« في العلاقات مع روسيا من دون أن يصل الأمر إلى »قطع خيوط الحوار« معها.
أمّا وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي فأكد أنه »سيكون من الصعب« مواصلة المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا حول الشراكة الاستراتيجية، »ما دامت القوات الروسية في جورجيا«، فيما دعا متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون إلى »إعادة النظر بشكل هادئ ومدروس في مجمل هذه العلاقات«.
بدوره، نفى رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلوسكوني إمكان حدوث مواجهة بين أوروبا موسكو على خلفية أزمة القوقاز، مذكراً بأنّ روسيا ليست قوة عسكرية ونووية عظمى فحسب، بل مصدر بالغ الأهمية للنفط والغاز، فيما شدّد وزير خارجيته فرانكو فراتيني على وجوب عدم اعتبار روسيا »بلدا معاديا« بل »شريك استراتيجي«.
كذلك، أعرب وزير الخارجية الاسباني ميغيل أنخيل موراتينوس رفض بلاده فرض عقوبات على موسكو، معتبراً أنّ »الأمر يحتاج إلى إعادة إيجاد الثقة المتبادلة بين روسيا والاتحاد الأوروبي«.
وفي موسكو، أبدى مصدر في وزارة الدفاع الروسية أسف بلاده لقرار الاتحاد الأوروبي تأجيل المحادثات حول اتفاق الشراكة، فيما أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف أن روسيا لن تسمح لأحد بجرها إلى مواجهة، مؤكداً أنها ستضطر في حالة الضرورة إلى التصرف بمفردها لحماية مصالحها.
وأشار لافروف إلى أنّ روسيا »من خلال ردها على العدوان الجورجي، حددت نوعا من معيار رد الفعل الذي يتماشى بشكل كامل مع القانون الدولي«، ناصحاً واشنطن بالاعتراف بعالم ما بعد الهيمنة الأميركية.
إلى ذلك، أكد مساعد قائد سلاح البر الروسي الجنرال فاليري افنفيتش أنّ »العملية الرامية إلى إلزام جورجيا بالسلام كشفت للعالم انه أيا كان المعتدي، وسواء تمتع بدعم ما وراء الاطلسي أو أوروبا، فإن لدينا ما يلزم للقضاء عليه وسيقضى عليه فعلا«.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...