إبراهيم يستيقظ متأخراً
الجمل- قسم الترجمة- ديفيد إندرز- ترجمة: د. مالك سلمان:
الحسكة, سوريا: لا تزال الحسكة نحت سيطرة الحكومة السورية, ولكن حتى من نافذة سيارة الأجرة من الواضح أن الناس هنا لم ينجوا من الحرب الأهلية السورية.
الأرتال على الأفران تمتد طيلة اليوم, وتم إغلاق العديد من المدارس لأنها أصبحت ملاجىءَ للمهجرين من أجزاء أخرى من البلاد. الكهرباء مقطوعة في معظم الأوقات, والوقود غير متوفر دائماً.
على الرغم من أن والدة إبراهيم سعيدة لرؤيته, إلا أنها تلومه لعودته إلى منزل عائلته هنا.
تقول له: "يجب ألا تبقى هنا. الميليشيات الكردية ستقتلك."
إبراهيم – وهو اسم حركي يستخدمه لأسباب أمنية – ثوري في السابعة والعشرين من العمر. كان طالباً وعازفاً يعمل ويدرس في مدينة دمشق عندما بدأ التمرد ضد حكومة الأسد منذ حوالي سنتين. وبعد أشهر من المشاركة في المظاهرات في مدينة دمشق عادَ إلى الحسكة لينظمَ المظاهرات. والآن, وخلال سفره في محافظة الحسكة ومحافظة دير الزور إلى الجنوب يوثق الوضعَ هناك, يتساءل بشكل علني إن كان هو ورفاقه الثوريون قد فعلوا الشيءَ الصائب.
"ماذا سنقول لأولادنا؟ أننا أشعلنا هذه الثورة ودمرنا البلد؟"
إبراهيم شاب كردي ينتمي إلى مجموعة إثنية تسيطر على محافظة الحسكة وتشكل حوالي 10% من سكان سوريا. "بي آي دي" ميليشيا كردية متحالفة مع الحكومة السورية, وهي التي تسيطر على الحي الذي تسكن فيه عائلة إبراهيم. كما أنها اشتبكت مع المتمردين المناهضين للأسد في شمال سوريا, مما زاد من التوتر القائم بين الأكراد والعرب.
كانت المظاهرات الأولى, وخاصة في دمشق, تبعث على الأمل وكانت تتعمد إظهارَ التضامن بين طوائف البلد وإثنياتها. ولكن مع تزايد وتيرة العنف, بدأ العرب المسلمون السنة بالتسلح. وعلى الرغم من السرد السائد بأن تسليح المتمردين كان الخيارَ الوحيد, إلا أن الكثير من المتظاهرين السلميين من أمثال إبراهيم ممتعضون من دعمهم لذلك القرار, كما أن البعض يعارضونه تماماً.
تخطط عائلة إبراهيم لمغادرة الحسكة. فهم لا يتوقعونها أن تبقى بعيدة عن العنف المنتشر لوقت طويل. لا أحد يتوقع ذلك.
لم يساهم إبراهيم – الذي يشكك علناً بوجود الله – في إشعال التمرد في الحسكة من أجل أن يرى هذا التمرد يعزز قوة الميليشيات الإسلامية المحافظة, على الرغم من أن هذا ما حصل بالضبط في كافة أنحاء البلاد. يتساءل إن كان عليه أن يخطط لمغادرة البلد. ومع ذلك تراه يعبر عن احترامه للرجال المتدينين الذين يلتقي بهم على الخطوط الأمامية.
أسَرَ لي مرة: "الإسلام هو القوة الوحيدة في هذا البلد القادرة على مواجهة الأسد. كنت أعرف ذلك من قبل."
بُزُق إبراهيم معلق على حائط غرفته في البيت. لم يعزف عليه منذ وقت طويل. أثرت الثورة على مهنته الموسيقية. كان يعيل نفسه بالعزف على البزق (آلة موسيقية شبيهة بالغيتار), مما جعل من الدراسة – كما يقول – أكثر متعة.
طالما عبرَ الأكراد السوريون عن احتجاجهم ضد حكومة الأسد, لكن معظمهم لم يؤيد الثورة مباشرة, آملين – بلا طائل – أن ذلك سيبعد عنهم العنف الذي امتدَ إلى معظم أنحاء البلاد. وبصفته كردياً يدعم المتمردين, يرى إبراهيم نفسه في موقف صعب وبشكل متزايد, وقد بدا ذلك واضحاً عندما رافقَ أحد الصحفيين لمقابلة المقاتلين المتمردين في الحسكة ودير الزور.
[العنوان الأصلي للمقالة: "ناشط سوري يعيد التفكير في التمرد المسلح" ]
تُرجم عن ("مكلاتشي نيوزبيبرز", 3 كانون الأول/ديسمبر 2012)
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد