إذا كانت المواد مستوردة على دولار أرخص فلماذا ترتفع فوراً؟!

15-09-2014

إذا كانت المواد مستوردة على دولار أرخص فلماذا ترتفع فوراً؟!

بدأت عدوى الدولار بالانتقال إلى الاقتصاد الحقيقي عبر السلع الاستهلاكية، والغذائية على وجه التحديد، ما ينذر بارتفاع في مستوى التضخم خلال الفترة الحالية، نظراً لاستمرار الدولار بالارتفاع الحذر طوال الأيام الماضية، دون تدخل من قبل الجهات المختصة لكبحه، دون أن ننسى استغلال تجار السوق السوداء لأيام العطلة الرسمية لرفع الدولار بوتيرة أعلى من الأيام السابقة من الأسبوع الماضي.

 جلنا على بعض باعة المفرق وتجار ومستوردين لسلع متنوعة في منطقة البرامكة والبزورية والحريقة في دمشق، لرصد حركة الأسعار مقابل الدولار، فكانت متباينة كما الآراء التي تم رصدها في السوق.

صالح غزال تاجر مواد غذائية في حي الدقاقين بدمشق أكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخاصة الزيوت على نحو يومي، تبعاً لارتفاع الدولار في السوق السوداء، مبيناً أن سعر صفيحة الزيت النباتي (16 كغ) ترتفع يومياً بمعدل مئة ليرة سورية، رغم أنها صناعة محلية، وليست مستوردة. موضحاً أن وكيل المعمل يرفع السعر بشكل يومي، بحجة أن المصنع يرفع الأسعار.

وأكد غزال أن معظم البضاعة الموجودة في السوق اليوم هي مخازين فالبضاعة الجديدة لو كانت مستوردة على الدولار الجديد تحتاج أشهراً كي تصل إلى السوق، مستغرباً من سبب رفع الأسعار رغم أنها مشتراة بأسعار الدولار السابقة قبل الارتفاع الأخير، ومتسائلاً أيضاً عن سبب ارتفاع الدولار في الأيام الأخيرة دون وجود سبب اقتصادي حقيقي، ودون تدخل من قبل الجهات المختصة، مبيناً أن الأسعار تلحق الدولار في الارتفاع بشكل لحظي، لكن عندما يبدأ الدولار في الانخفاض، وهذا ما سيحصل قريبا، فلن تنخفض الأسعار بنفس وتيرة الارتفاع، وعلى حدّ تعبيره «الأسعار ترتفع مع الدولار نقداً.. وتنخفض بانخفاضه بالتقسيط».

السمّان تاجر مواد غذائية في البزورية بدمشق، أجاب عن بعض التساؤلات، كاشفاً «سر المصلحة» في موضوع رفع أسعار المخازين مع الدولار، موضحاً أن التاجر مثل الصائغ، لا يحسب رأسماله بالنقد، وإنما بالبضاعة، وهذا هو العرف التجاري المعمول به، فمثلاً عندما أقول أنا تاجر زيت، أقول إن رأسمالي هو مئة صفيحة زيت، وليس كذا مليون ليرة، وبالتالي على التاجر أن يحافظ على رأسماله، فعندما يرتفع الدولار، يقوم برفع السعر كي يستطيع شراء مئة صفيحة زيت جديدة، فإذا لم يرفع سعر مخازينه، مع ارتفاع الدولار، فسوف يشتري 60 صفيحة، فيكون خاسراً بحدود 40 صفيحة، وهذا غير مقبول تجارياً.

من جهة أخرى أكد السمان أنه ليس مستورداً بل تاجر، ويتعامل مع السلع المحلية الصنع، وبالليرة السورية، ويشتري من التجار الكبار، بالليرة السورية أيضاً، لكن الأسعار ترتفع لهذه السلع مع الدولار، مبيناً ضرورة تحرك الجهات المختصة لضبط ارتفاع الدولار، كون الطلب على البضاعة انخفض بشكل كبير هذه الأيام، بسبب الحذر في السوق حيال تقلب الأسعار، كما تحدث عن ضرورة تمويل جميع المستوردات بسعر دولار محدد من قبل المصرف المركزي كما يفعل في وقت سابق، دون أن يترك مجالاً للجوء إلى السوق السوداء، وهذا ما كان معمولاً به سابقاً، أيام دولار التصدير، مبيناً أنه أمام الحكومة جميع السبل والطرق للتأكد من توجه دولار التصدير للسوق وليس للمضاربة.

تجار مفرق في بعض أنحاء ريف دمشق أكدوا أنهم وفقاً للعادة ينتظرون قدوم الموزعين كل يوم سبت من أجل التبضع وشراء مستلزماتهم بدلاً من الذهاب إلى دمشق، لكن هذا الأسبوع أياً من الموزعين لم يأت، ولدى الاتصال بهم يتحدثون عن ارتفاع الأسعار، وخاصة السكر والبيض، لدرجة يحول معها الشراء والبيع بأسعار جديدة مرتفعة عن السابقة التي اعتادتها الناس خلال الأيام الماضية.

القصة نفسها تسري على الدخان، إذ تحدث بعض البائعين عن ارتفاع أسعار الدخان الأجنبي بنحو 10% خلال الأيام الماضية.

وفي برج دمشق، برج «الموبايلات» كما هو معروف، فالقصة مختلفة، إذ ينبسط الاحتكار على عينك يا تاجر، إضافة إلى تباين الأسعار الكبير بين تاجر وآخر تبعاً لسعر الدولار الذي ارتآه لمصلحة خزنته، فلا عرض كما في الأيام السابقة، إذ يتم سحب العديد من الأجهزة المرغوبة، بحجة عدم توافرها، في السوق، بقصد بيع الأجهزة غير المرغوبة، وبقصد التحكم بالأسعار حفاظاً على مكاسبهم التي وفرها لهم ارتفاع الدولار في السوق، إذ يتسم سوق «الموبايلات» بحساسية كبيرة حيال تقلب أسعار الدولار في السوق، وخاصة باتجاه الارتفاع.

معاون وزير التموين والتجارة الداخلية جمال شعيب أكد توجيه الوزارة تعليمات لجميع مديريات التموين في دمشق لتسيير جولات رقابية على الأسواق تحسباً لرفع الأسعار من التجار، تماشياً مع ارتفاع الدولار في السوق السوداء.

وعن تلك الجولات التموينية يخبرنا المدير المكلف تموين دمشق محمود الخطيب بأن الدوريات تعمل باستمرار، كاشفاً  تسجيل 35 مخالفة سعر وسحب عينة في سوق البزورية وحده خلال هذين اليومين، موضحاً بأن عدد الضبوط السعرية هذا الشهر وصلت 210 في أسواق دمشق، تشمل رفع السعر غير المبرر وعدم إعلان السعر.

الخطيب بيّن أنه لا عمليات استيراد حالياً، وكل البضائع هي مخازين سابقة، وعلى دولار أقل من سعره الحالي في السوق السوداء، وعليه لا يحق للتاجر رفع السعر تماشياً مع ارتفاع الدولار، فسعر البيع محدد قياساً إلى التكاليف التي تكبدها التجار وسعر صرف الدولار المحدد وقتها، وبالتالي فإن رفع السعر حالياً يعتبر مخالفاً للقانون، لا مصالحة على المخالف إن كان تاجراً أو مستورداً، ويحال إلى القضاء مباشرةً، في حين تتم المصالحة على مخالفة تاجر المفرق بدفع مبلغ 10 آلاف ليرة سورية.

وعن التجاوزات في برج دمشق، تحدث الخطيب أنهم سجلوا 16 ضبطاً في سابقاً، وأن جميع الأسواق في دمشق، بما فيها البرج متاحة أمام الدوريات العاملة حالياً.

علي نزار الآغا

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...