إسرائيل تتخوف من سامانتا باور!

08-06-2013

إسرائيل تتخوف من سامانتا باور!

مرة أخرى تجد إسرائيل نفسها في موضع المتصارع المستتر مع الإدارة الأميركية. فبعد ثلاثة شهور تقريباً على تعيين وزير الدفاع تشاك هايغل، الذي سعت الدوائر المقربة من إسرائيل لمخاصمته قبل أن يقر تعيينه، تعود هذه الدوائر إلى النقطة ذاتها بتركيزها على السفيرة الأميركية الجديدة لدى الأمم المتحدة سامانتا باور. فقد تذكرت هذه الدوائر أن باور، التي ستخلف سوزان رايس في هذا المنصب الحساس، كانت قد دعت لوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل و«تحويل مليارات الدولارات لبناء الدولة الفلسطينية». وإذا لم يكن هذا كافياً، فإنها طالبت أيضا بأنه إذا اقتضى الأمر فإنها ستوصي بالتدخل عسكرياً لحل النزاع.
ومن المؤكد أن هذا كان جانباً فقط من مواقف باور المعلنة التي لم تتخلف البتة أيضاً عن إظهار دعمها لإسرائيل في مواضع أخرى. لكن الإسرائيليين والدوائر الداعمة لهم في أميركا لا تنظر فقط إلى المواقف المؤيدة، بل تصر على معاقبة كل من يطلق مواقف تعتبرها «معادية».
عموماً ترى هذه الأوساط أن تعيين باور، وهي ناشطة سابقة في مجال حقوق الإنسان، يشهد على عودة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى مركزه اليساري السابق. وتربط هذه الأوساط بين هذه التعيينات «المقلقة» وبين السياسة الجديدة التي أعلنها أوباما مؤخراً حول قرب انتهاء الحرب ضد الإرهاب.
وبحسب ما نشر في إسرائيل فإن المبعوثة الأميركية الجديدة لدى الأمم المتحدة سامانتا باور، دعت في الماضي لوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل وأجابت عن سؤال افتراضي بأنها تؤيد التدخل العسكري لفض النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. وتعتبر باور، المتزوجة من بروفيسور قانون يهودي أميركي يدعى كاس سانشتاين، مقربة جداً من أوباما من أيام عيشهم في شيكاغو. كما أنها تعتبر بين المستشارين المقربين لأوباما في حملته الانتخابية الأولى، وبين المحفزين الأساسيين له للتدخل عسكرياً في ليبيا.
وقد بدأت باور حياتها كصحافية وكاتبة، وتعتبر بين أبرز الباحثين في شؤون حقوق الإنسان في العالم، وقد سبق لها أن ترأست مركز أبحاث حقوق الإنسان في جامعة هارفرد. وفي العام 2004 اختارتها مجلة «تايم» واحدة من أهم شخصية مؤثرة في العالم. ومعروف أن باور بين أبرز المتحمسين لتدخل أميركا عسكرياً في الحالات التي ينشأ فيها خطر «إبادة» شعب.
ولكن كل هذا لا يرجح كفة باور عن الأوساط المؤيدة لإسرائيل في أميركا. لذلك يتذكرون لها أنها قالت قبل 11 عاماً، في رد على سؤال افتراضي حول ما ستوصي به أي رئيس إذا تبين لها أن الفلسطينيين أو الإسرائيليين يقترفون أفعالا تقترب من إبادة شعب (وكان التلميح لإسرائيل)، أنها توصي بالتدخل عسكرياً. ولم تكتف بذلك بل أشارت بشكل مفهوم ضمنياً إلى أنها تطالب «بتهميش جهات محلية ذات دعم اقتصادي وسياسي كبير»، وكانت تقصد اللوبي الصهيوني (إيباك). وبعدها طالبت باور الإدارة الأميركية «بتحويل مليارات الدولارات التي تقدم كمساعدة عسكرية لإسرائيل إلى مصلحة بناء الدولة الفلسطينية». وأضافت ان «التواجد العسكري الكبير مطلوب، ليس فقط في مناطق يباد فيها شعب، وإنما أيضاً في مواضع تنتهك فيها بشدة حقوق الإنسان، كما نرى هناك». ووصفت كلا من أرييل شارون وياسر عرفات بأنهما «يعملان لتدمير حياة شعبيهما»، و«أنهما عديمي المسؤولية بشكل لا يطاق».
ومع ذلك، فإن باور حاولت مراراً من خلال منصبها السابق كمستشارة لحقوق الإنسان في مجلس الأمن القومي الأميركي منع محاولات التشكيك بشرعية وجود إسرائيل في المؤسسات الدولية.
عموماً من الواضح أن تعيين سوزان رايس في منصب مستشار الأمن القومي خلفاً لتوم دونيلون ليس خبراً جيداً لإسرائيل التي كانت قد عارضت في الأصل تعيينها سفيرة لأميركا لدى الأمم المتحدة رغم أنها برهنت للدولة العبرية عن صداقتها.
وفي أي حال من الجلي أن أوباما في ولايته الثانية يحاول بناء تراث يريد أن يخلفه، عبر ترك الانطباع بأنه كان ذا أثر إنساني على السياسة الخارجية الأميركية. ولا يقل أهمية عن ذلك أن اختياراته هذه تثبت أنه لا ينوي التخلي عن التدخل الأميركي في الشؤون الخارجية.

حلمي موسى: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...