إسرائيل تترقب الاتفاق العسكري مع أميركا: زيادة سنوية بقيمة مليار دولار
أبدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي، تقديره بقرب التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأميركية بشأن مذكرة التفاهم حول المساعدات العسكرية للسنوات العشر المقبلة.
وجاء هذا الكلام بعد أن بحث نتنياهو مع كل من نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية جون كيري هذا الأمر في لقائه معهما أثناء المؤتمر. ومعروف أن وفداً أميركياً رفيع المستوى سيصل إلى تل أبيب خلال أيام قليلة، للبحث في أمر المساعدة العسكرية التي يجري التفاوض بشأنها، بعد اقتراب موعد انتهاء مذكرة التفاهم التي حكمت المساعدات الأميركية لإسرائيل طوال العقد الماضي.
وقد أثنى نتنياهو، خلال مؤتمر دافوس، على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، والتي زادت في العقود الخمسة الأخيرة عن 100 مليار دولار، وبلغت في السنوات الأخيرة أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً. ويطالب نتنياهو، بسبب الاتفاق النووي مع إيران، بتعويضات مالية لإسرائيل تجعل المساعدة تزيد كثيراً عن ثلاثة مليارات سنوياً، وتقترب من ضعف ذلك. لكن الإدارة الأميركية، التي كانت على استعداد لأن تكون أكثر سخاء مع نتنياهو وحكومته لو أنه لم يخض صراعاً سياسياً عنيفاً ضدها في الكونغرس، تتعامل هذه الأيام بحذر أكبر.
وكانت إسرائيل قد رفضت البحث في تفاصيل المساعدات الأميركية، إلى جانب «رزمة تعويضات» ترمي للحفاظ على تفوق جيشها النوعي في مواجهة الدول العربية، إلا بعد اتضاح الموقف النهائي من الاتفاق النووي مع إيران. وتعاملت أميركا بغضب مع هذا الموقف، الذي كان يرمي لتعزيز المعارضة الجمهورية للاتفاق مع إيران.
في كل حال، وكما سلف، من المقرر أن يصل تل أبيب خلال الأيام القليلة المقبلة وفد أميركي رفيع المستوى، برئاسة المسؤولة عن ملف إسرائيل في مجلس الأمن القومي ياعيل لامفرت، لإجراء الجولة الثالثة من المفاوضات بشأن مذكرة التفاهم حول المساعدات العسكرية. وكانت الصحافة الإسرائيلية قد قالت، قبل أربعة شهور، إن المؤسستين العسكريتين الأميركية والإسرائيلية اتفقتا على تفاصيل المساعدات، ولكن لا يبدو أن هذا هو الحال. وسيرأس الوفد الإسرائيلي المفاوض مع الجانب الأميركي القائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي في رئاسة الحكومة يعقوب نيجل.
ومعروف أن مذكرة التفاهم حول المساعدات الأميركية لإسرائيل لا تتعلق فقط بتحديد الأموال التي ستضخ لتل أبيب من أجل شراء أسلحة ومعدات أميركية، وإنما تسمح لإسرائيل بتلقي بعض من أفضل ما في ترسانة السلاح الأميركي. ومرارا كانت إسرائيل أولى الدول التي تحصل على أنواع معينة من الأسلحة الأميركية قبل وصول هذه الأسلحة إلى حلفاء واشنطن الرسميين. ومن الجائز أن واحداً من أكبر الدلائل على ذلك الاتفاق مع إسرائيل على بيعها طائرات «إف 35» حتى قبل الانتهاء من تطويرها. ومن المقرر أن تتسلم إسرائيل أولى هذه الطائرات قبل نهاية العام الحالي.
على أية حال فإن الاجتماع المقرر بين الوفدين الأميركي والإسرائيلي في تل أبيب يعتبر أحد آخر الاجتماعات المقررة بين الطرفين لتحديد حجم المساعدة العسكرية لاسرائيل. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر وصفته بـ«المطلع على التفاصيل» قوله أن المباحثات بين الطرفين توشك على الانتهاء، وأن الاجتماع الوشيك يفترض أن يجمل التفاصيل الفنية للاتفاق. وحسب قوله فإن الدولتين تتطلعان في الشهر ونصف الشهر القريبين لإتمام مذكرة التفاهم بشأن المساعدات للعقد المقبل.
ورغم أن إسرائيل كانت تأمل أن تحصل على مساعدات عسكرية أميركية كبيرة، تزيد عن خمسة مليارات دولار سنوياً في العقد المقبل، إلا أن التقديرات تتحدث عن أنها لن تنال فعلياً أكثر من 4.1 مليار دولار سنوياً. وهذا يعني أن إسرائيل ستنال مليار دولار سنوياً أكثر مما كانت تناله في العقد الماضي.
ومن المهم الإشارة إلى أن المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل تشكل حالياً نسبة جيدة من ميزانية الدفاع الإسرائيلية، لكنها في الماضي كانت تشكل نسبة ملحوظة حتى من الناتج القومي الإسرائيلي العام. وحاليا تبلغ ميزانية الدفاع الإسرائيلية حوالي 16 مليار دولار، ما يعني أن المساعدة الأميركية تمثل حوالي ربع هذه الميزانية.
وكان نتنياهو قد أشار، في اجتماع الحكومة الأسبوعي الماضي، إلى المساعدات العسكرية الأميركية بعد إلغاء العقوبات عن إيران، فقال «إننا في هذه الأيام نكمل المباحثات مع الإدارة الأميركية بشأن مذكرة التفاهم للعقد المقبل، للمساعدات الأمنية لدولة إسرائيل. وهذا مهم كجزء من سياسة ثابتة بيننا وبين الولايات المتحدة، حليفتنا، وهو مهم أيضاً لصد المخاطر، وعلى رأسها بداهة الخطر الإيراني».
وفي كل حال، ورغم أن المساعدات الأميركية لإسرائيل في العقود الخمسة الأخيرة تصل إلى 100 مليار دولار، فإن خبراء اقتصاد إسرائيليين يؤكدون أن مساعدات أميركا لإسرائيل فعلياً كانت أكثر من ذلك بكثير. فأميركا تقدم لإسرائيل، ليس فقط المساعدات المقررة هذه، وإنما تضيف إليها تمويل العديد من برامج التسلح الإسرائيلية، وخصوصاً بمنظومات مضادة للصواريخ. وتشارك أميركا بنسبة تزيد عن النصف في برامج تطوير صواريخ «حيتس» و «عصا الساحر» و «القبة الحديدية»، كما أنها مولت نشر العديد من بطاريات هذه المنظومات بمساعدات خاصة.
وعلاوة على ذلك فإن أميركا تمنح إسرائيل امتيازات خاصة في مجال الواردات، وربما أن اتفاقيات «كويز» التي تعقدها مع عدد من الدول العربية وتحوي مكونات بضائع إسرائيلية ليست إلا جزءا يسيراً من ذلك. ومنحت الإدارة الأميركية إسرائيل على مدى العقود الماضية ضمانات قروض بمبالغ تصل إلى عشرة مليارات دولار لتمكين الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ برامج كبرى لذلك. وتكفي الإشارة هنا إلى أن إسرائيل تنال وحدها حوالي 55 في المئة من مجموع ما تخصصه أميركا للمساعدات العسكرية لجميع حلفائها في العالم.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد