إسرائيل تفرض «قصتها» على مدارس القدس
تعاني القدس من الاستيطان، والتهويد، والتهجير، وسرقة أراض، وهدم المنازل. وهي معاناة لا تنتهي، بل يومية ومستمرة، ويضاف إليها ما يمكن تسميته بـ«مسح الأدمغة»، وهي محاولات اسرائيلية تفرض تدريجياً لتغيير التاريخ، وخلق رواية جديدة، تزرع عنوة في عقول التلاميذ الفلسطينيين في مدارس واقعة في مناهجها الدراسية تحت سطوة الاحتلال.
ويشرح راسم عبيدات، وهو المختص في شؤون التعليم من مدينة القدس، لـ«السفير» الواقع المرير لوضع التعليم في المدينة المقدسة. ويقول إن «المناهج التي تدرس لأبنائنا في القدس نوعان، واحد فلسطيني محرف يحذف الحقيقة من التاريخ، والآخر اسرائيلي يعتبر القدس عاصمة للدولة اليهودية». ويضيف أن «إسرائيل ببساطة تشن اليوم حملة لمسح أدمغة أبنائنا، وتغير الرواية الحقيقية لما جرى، لتظهر أنه لا وجود لشيء اسمه فلسطين على الخريطة».
وفي استعراض لهذا المسح، تقرأ في إحدى صفحات كتب اللغة العربية التي زورتها اسرائيل حواراً بين طالب وطالبة لمدح «الدولة الاسرائيلية»، التي «عمرت مدننا وقرانا، وزينت الشوارع»، ثم يختم الحوار بطلب غناء جماعي «لنشيد استقلال اسرائيل». أما في كتاب الجغرافيا فلا وجود لتاريخ طبريا، التي عرّفها الكتاب بأنها «مدينة يهودية نشأت قبل 2000 عام».
ويشير عبيدات إلى أنهم «ألغوا من المنهاج الفلسطيني الأصلي كل العبارات التي تدعو إلى الجهاد، أو تتحدث عن الانتفاضة، أو تذكر تاريخ الانتداب البريطاني في فلسطين، أو حق العودة، والاسرى، والقيادات الوطنية، حتى في بعض الاماكن حذفوا الاعلام الفلسطينية».
وتنقسم المدارس في القدس إلى ثلاثة أجزاء بحسب الجهات المشرفة عليها، 70 في المئة منها تقريباً واقع تحت اشراف «بلدية الاحتلال»، أما الباقي فتحت اشراف وزارة الاوقاف الفلسطينية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا».
ويدرّس في المدارس الواقعة تحت السيطرة الاسرائيلية المنهاج الفلسطيني المحرف، فيما البقية تدرس المنهاج الفلسطيني الحقيقي، ومؤخراً بدأت اسرائيل بفرض المنهاج الاسرائيلي الذي وضعته هي في خمس مدارس في المدينة.
وبحسب عبيدات فإنه «عملياً رفضت المدارس الخمس في البداية قبول تدريس المنهاج الاسرائيلي، لكن بعد ذلك حصل اختراق فيها، وبدأ تدريس المنهاج في عدة شُعب في سابقة خطيرة ستلغي فلسطين من عقول الاطفال المقدسيين». ويضيف أن «ما أراه انه وخلال سنوات، وإن لم يحصل تحرك شعبي ضخم، سيدرس المنهاج الاسرائيلي عنوة في القدس وهذا مؤشر مدمر وخطير».
وعن المنهاج الاسرائيلي يشرح عبيدات أن «هذا المنهاج يعرف القدس على انها عاصمة للدولة اليهودية، ويعتبر طبريا مدينة يهودية، ويسمي الضفة الغربية يهودا والسامرة، ويسمي النكبة استقلالاً، وبدل أن يدرس الطلبة تاريخ فلسطين والعرب، يدرسون تاريخ اسرائيل، وكيف بناها دايفيد بن غوريون واسحق شامير وأرييل شارون واسحق رابين».
ويختم عبيدات بالقول إنه «في ظل الوضع الراهن، وعدم وجود حاضنة للتعليم في القدس اعتقد أن الاختراق يتسع، وستغزو اسرائيل عقول ابنائــــنا، لتصبح حكاية فلسطين في عـــقول المقدسيين القادمين مختـلفة».
أمجد سمحان
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد