إلبس «على ذوقهم» إذا كنت دون الخمسين

16-10-2008

إلبس «على ذوقهم» إذا كنت دون الخمسين

كانت في انتظار طارق على مكتبه رسالة تحذير عكّرت صباحه منذ الساعات الأولى. لم يكن الرجل متأخراً أو مقصّراً في عمله. هي رسالة التحذير الثانية التي يتلقاها من مديره بسبب مظهره «غير اللائق»!
طارق شاب في الخامسة والعشرين يعمل في شركة خاصة في دمشق. إلا أن مظهره بعيد من كل ما هو تقليدي في مجتمع لا يزال يعتمد على المظهر في تقويم الفرد.
«منذ سنوات وأنا في صراع مستمر مع كل من حولي: أسرتي، أصدقائي وزملائي في العمل...». يروي طارق قصته مع «لعنة» الأزياء التي تطارده في كل مكان: «أحب أن ألبس، بحسب أحدث صيحات الموضة. وعلى رغم أنني أبذل جهداً ومالاً كي أنتقي ما يعبّر عني، لا يزيد هذا إلا من ازدراء من حولي لي. بعضهم يعتقد أنني عديم الرجولة، بينما يذهب بعضهم الآخر إلى أن يعتبرني شاذاً جنسياً. وكل هذا لأنني أحب أن ألبس على الموضة وأقبل ارتداء ملابس رجالية ضيقة وغريبة نوعاً ما».
بنطال طارق الضيق وقميصه المزركش دفعا رئيسه في العمل إلى توجيه رسالتي تحذير له، بحجة أن مظهره لا يليق بمكاتب الشركة، وأنه وإن لم يكن اللباس الرسمي إجبارياً بحسب قوانين الشركة، تبقى للباس «السبور» حدود.
ويعتقد المدير بأن مظهر الموظفين له تأثير كبير في مستوى خدمة الزبائن. وطارق لا يعترض على حق المدير في ضمان نوعية خدمات شركته، إلا أنه يجد أن تدخله زائد عن الحد المطلوب، وأنه يعتمد معايير شخصية ظالمة في تقويم مظهر موظفيه. «ما ذنبي أنا إذا كان ستايلي لا يعجبهم؟ ثم ما دخل المدير والموظفين طالما أنني أتقيد باللباس شبه الرسمي، وأؤدي مهماتي على أكمل وجه؟».
ويجد طارق أن ما يتعرض له في عمله هو شكل من أشكال التمييز ضد الرجل، فبينما يسمح لزميلاته في العمل بارتداء الأزياء على آخر طراز، ومهما كان لونها، يقضي هو يومه بين سخرية هذا وتهكم ذاك.
لا يقف الأمر عند هذا الحد، فميلاد، مصمم أزياء رجالي في العشرينات من عمره، يجد أن تصميم الأزياء، وبخاصة في المجتمعات الشرقية، ارتبط بالزبائن الإناث فقط، لكونهن أكثر اهتماماً بمظهرهن من الرجال. وقد حرم هذا الموروث الرجال من حقهم في أن يكونوا أيضاً محور اهتمام المصممين، بينما تلبس الصبايا وفق أحدث صيحات الموضة، غير مكترثات بالموروث الشرقي وضاربات برأي المجتمع عرض الحائط».
اضطر ميلاد للسفر إلى بلد أوروبي ليدرس تصميم الأزياء. وكان مرتاحاً كثيراً، طوال وجوده «في مجتمع يقدّر إبداعه ويمنحه حرية التغيير في مظهره، من دون أحكام مسبقة أو تقويم مجحف»، كما يقول.
للفتيات رأي آخر إذ تعتقد نورا، (22 عاماً)، أن الشبان محظوظون جداً لأنهم ليسوا مضطرين للاهتمام بمظهرهم بمقدار ما تُجبر عليه الفتيات، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بثياب السهرة. الرجل يختار طقماً (بدلة) وربطة عنق ملائمة، بينما تقضي الفتاة نصف نهارها في البحث عن فستان مناسب، والنصف الآخر عند مصفف الشعر وخبير الماكياج.
وتتنافس واجهات المحال النسائية، في عرض أحدث الموديلات، بينما لا يحتاج المحل الرجالي إلى تشكيلة كبيرة. والشباب هنا يرتادون محلاً أو اثنين لتلبية حاجاتهم «المتواضعة». ويقول سامر (25 سنة): «أشتري جينزاتي كلها من محل واحد، وغالباً لا أحتاج أن أقيس، فالموديل نفسه والقماش نفسه».
وبين سامر الذي لا يكترث كثيراً للتنويع في أزيائه وطارق الذي يعتبر «ستايله» جزءاً لا يتجزأ من شخصيته وحريته، لا يزال حضور الرجال في عالم الموضة، خجولاً ومقيداً بمعايير من زمن آخر!

بيسان البني

 المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...